غضب الشعراء

خاص- ثقافات

*عبد اللطيف رعري

برب كل شيء في الأرض وفي السماء
يا أهل بلدي …..
في المغرب في المشرق
مُدُّونِي يمِيني وحُريتي
مُذُوني حَتمِية جُنُوني
جُرُوني لقدَرِي
واطْرُدُوا عني العَسس
وعُيُونَ الليل…..
ففجري يقف قرب الشجر
مُدُّوني شهوتي الكبرى
أن أخلع عِفَّتي وأنشر دمعي أمامَ أعتابكم
أن أتبرأ من ذِمتي
أن أعبر الجسر حَافيًا
وأرَقِّصُ أنفاسي لشمس أيلول
مُلعثماً صُبحي بفحمة حارقةٍ
أن أطوف زوايا الهبل عارياً
وأمشي الليل وأمشي النهار
بأصفادي كما يحكم القدر
أسقط كما تتلوه عليّ سقطتي
كما تتلوه علي قصيدتي
أتلوّى على جنباتي بِحيرتي كالمسعور
أفوه لفظاً ليس لقامتي وجلالي
أنفث الثراب وفي مخيالي أعدائي
أبرم صفقاتي مع الشيطان
أخون الملح الذي بيننا
أفضح سريرة الغلبة والمهزومين فينا
وأقض مضاجعهم الرهيبة
وأحرق الوسادة وتاريخ العناق
وأكمم أفواه المتملقين بالنظر والبصاق
أهدي أساور ليلتي للكلاب
وأدخل غيبوبتي الأخيرة
عدد زوالي
عدد دوامي
عدد سخطي ونفوري
تجهمي ونكدي
يأسي وقنوطي
لوعتي واحتراقي
جنوني وتدللي
لهفتي ونسبيتي في الهذيان
أرمي عكازتي في النهر
وساعتي  في ذيل كل شهر
وخاتم خطوبتي في أصبع الهاوية
وأكشف عدوانيتي للريح للشجر
للشمس للقمر
لليل لنّهار
لنهر للبحر
للأرض برُباها
للجبال ومن حَبَاها
أصرخ …أولول… أهجو… أمقت …أغضب
ثم أصرخ وأولول وأهجو وأمقت وأغضب بفوضى
أكسر إناء الخمور
وأهش بأسمالي فضاءلت الديار
وأطفئ شموع أركانها
فتارة أنا السراب
وتارة الخراب
وتارة لا شيء أنا عقيم… ناقم..نادم …عديم…ظالم….
في صفة الشيطان
في صفة الرهبان
في صفة الهربان
أترك آثر رسمي  في الوحل
أمطرني عرقاً بارداُ لأصاب بالهلع
وأكتب أسماؤكم كلها على حائط ذكراكم
بقشة تبن عافتها أبقاركم
أموت  بينكم وأرفضكم
….أُحْرَقُ وسط مزابلكم وأتغطى برمادي
.أشْنَقُ بحبالكم والبسمة ترافقني
حتفي اليوم كما عُمرُ الزمان فرصة للحلم
سأحشد في عيوني زلزالا طفولياُ
كما الطفل أنا حزين يعشق الأشباح
يرودها في الظلام ويمسد ظهرها للهدوء
كما الأحمق أنا أرى ضياعي في الألواح
أهيم في بهاء اللون الأسود وإن غارت الألوان
كما التائه أنا أثيق في السراب وإن رحل
أمجد العودة للديار…
طفل يكسر كل لُعًبِه الصّامتة ليسمع الأنين
يُؤْخذُ باللِّينِ والمُداعبة ليَقْبل صُدُود الأخر
هكذا هو أنا الطفل المشاكس…. العنيد…. الشديد….المخاطر….
أكره فيكم كل شيء يُهمشُني …يُبعدُني…يُغيِّب ضَحكتي….
فانتظرُوني حتى أصير الرجل الحالم بموتكم
الرجل العارف بحِيّلكم
لأخسف بكم الأبواب كلها..
سأجرف أرضكم قطرانا وأبذرها قرحا
لينمو الكلام …وتتحسسوا السلام…
وأني بكم آمناً ومقتي للنيّام
فلكم أن تجعلوا بلاهتي صوب أعينكم
فشوكة الوردة التي نعشقها جميعًا
ترسم في يدي خبر السنين
يا أهل بلدي…..
في المغرب في المشرق
خذوني بينكم حتى أهدأ من شدتي
وأرمم فطرتي لأهواكم مرة أخرى
وأظل وجع كلماتكم
والاهاُ لآهاتكم
فتركيبتي الملائكية منعتني من فقدانكم …من الفرار عنكم…من هجرانكم….
عفواً يا أهل بلدي
لديّ فسحة جميلة مع أحبتي
أمشي الليل وأمشي النهار
أبحث عن مفتاح حقيقتكم

_____
*مونتبوليي/فرنسا

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *