خاص- ثقافات
* يوسف غيشان
(1)
تقول الأخبار بأن فنانا يدعى ديفيد هيدبيرج كشف عن جهاز تلفاز مبتكر يمتاز عن غيره بأنه يعرض الصورة طالما كان المشاهد مبتسما.ويريد هيدبيرج من جهاز التلفاز الذي أطلق عليه اسم “سمايل تي في” Smile TV أن يقلب علاقة المشاهد بالتلفاز، فبدلًا من أن يبتسم المشاهد استجابة لما يراه على شاشة التلفاز، فإن التلفاز لا يعمل حتى يرى المشاهد مبتسما.
ويحتوي “سمايل تي في” الذي يعرض سلسلة من مقاطع الفيديو الترفيهية، مثل مباريات المصارعة، وفيديوهات للحيوانات، وأفلام لرياضة الكونغ فو، على كاميرا مخبأة خلف اسم الشعا، والهدف من هذه الكاميرا هو مراقبة تعابير وجه المشاهد، فعندما يبتسم المشاهد يعرض التلفاز المحتوى، وعندما تتغير تعابير وجهه تقف الصورة.
وأوضح هيدبيرج على موقعه الفكرة من وراء التلفاز بالقول “ارتبط استخدام تعبير – الاستقبال السيء – بالأداء الفني الضعيف لهوائي التلفاز”. وأضاف “بالإعراب عن حبنا لشيء ما نكون قد أصبحنا بمثابة الهوائيات لأنفسنا”، وفق تعبيره.
وتابع هيدبيرج قائلًا “إن الجهاز هذا يستخدم تقنية التعرف إلى الوجه وجهاز تلفاز من العقد الماضي ليعيد النظر في مسألة إشراك المشاهدين وكيفية الوصول إلى المحتوى، فهو لا يعمل إلا عندما نبتسم”.انتهى الاقتباس
أما قبل أن يصل هذا الجهاز إلينا فلا اعتقد بأن هذا الجهاز سوف يعمل في بيوتنا العربية بشكل عام –عدا بعض الاستثناءات، مثل مرضى متلازمة داوننغ الذين يتمازون بحب الحياة واللطف- لأن الكشرة صارت ومنذ قرون ، من مكونات الشخصية العربية.
(2)
قرأت دراسة صغيرة تحت عنوان (كتب لن تقرأها)، نشرها موقع رصيف (22) اشتملت على بعض الكتب المفقودة عبر التاريخ ، بفعل فاعل وهدف هادف ، بعضها أتلفها مؤلفوها وأخرى اتلفها آخرون لأسباب متنوعة. ومنها القصائد الأخيرة للشاعر الفرنسي آرثر رامبو، والجزء الأول من كتاب (أعمدة الحكمة السبعة) للورنس العرب.
ومن هذه الكتب كتاب (الزمرد) لابن الراوندي، والروايات التي لم تنشر للكونت دي ساد، التي أحرقها ابنه بعد وفاة والده نظرا لما فيها من قسوة، حيث أن مصطلح “السادية” تم نحته من اسم هذا الروائي.
وبلا طولة السيرة، فقد استغل الروائي الإيطالي المشهور أمبرتو أيكو، استغل فكرة الجزء الثاني المفقود من كتاب الفيلسوف اليوناني الكبير ارسطو، ليبني من الموضوع رواية مهمة، وهي ” اسم الوردة” التي ترجمت إلى العديد من اللغات، وحصلت على جوائزعالمية كبرى.
يقال إن القسم الثاني من كتاب الشعر لأرسطو يتحدث حول الكوميديا ودورها الكبير وقدرتها على النقد والتغيير، هذا ما أزعج الكثير من الجهات خلال التاريخ، فكانت المؤامرة الكبرى، العابرة للعصور، من أجل إلغاء ما كتب ارسطو حول دور الكوميديا هذه، حتى يستمر السائد والعادي ، دون نقد ولا تغيير، وكان الدور الأكبر في الموضوع للكنيسة في العصور الوسطى، التي كانت تنوي تكريس سلطة رجال الدين إلى الأبد.
وكما أننا لا نستطيع إخفاء الشمس بغربال ، فإن إخفاء هذه الدراسة المهمة حول الكوميديا ، لن تلغي الكوميديا أبدا. ولن تعرقل وجودها ..وها هم الكوميديون والساخرون يتحالفون من أجل المساهمة في عملية تغيير العالم نحو الأفضل والأجمل والأكثر عدلا.
ghishan@gmail.com
_________
*كاتب أردني