ثقافات
*د. إيمان مهران
عرف عن المصريين حبهم للضحك والسخرية، فالضحك جزء من شخصيتهم منذ العهود القديمة، حيث تراكمت لديهم تقنيات معرفية تتعلق بالنظرة الغير الحادة للأمور المتعثرة، وحبهم الدائم لتناول الموضوعات المعقدة في حياتهم اليومية بالتعليق الضاحك والنظرة الساخرة، والتصرف الذي يعكس رأيهم بطريقة غير مباشرة .
وقد نقلت صحيفة «ليبراسون» الفرنسية نتائج دراسة أجريت بجامعة وولويرامبتون البريطانية تؤكد أن النكتة من ابتكار الفراعنة فى مصر والسومريين فى جنوب العراق. كما ذكرت أن أقدم نكتة ألقاها إنسان على وجه الأرض تعود إلى 3900 عام عندما استخدم السومريون النكتة للتعبير عما يعانونه من متاعب من زوجاتهم «النكديات».
و أشار الدكتور «بول ماكدونالد» من جامعة وولويرامبتون» إلى أن النكتة كانت تتغير بتغير الأزمنة والقرون فتارة تأخذ شكل فزورة أو لغز و تارة أخرى تأخذ شكل الفكاهة والدعابة. وأضاف أنّ الغرض من التنكيت كان منذ فجر التاريخ يرمي إلى تناول موضوعات محظور الاقتراب منها بروح من الدعابة للتملص من الوقوع تحت طائلة القانون.(1)
وترى الكاتبة أنه ليس بالضرورة أن يكون تدوين النكتة هو دليل قدمها بل هو أول تدوين وليس أول وجود لها، وأن طبيعة الشخصية المصرية تدفع لتأكيد أنّ صاحب هذا الفن بحكم ظروف تتعلق بالطبيعة والشخصية، والمعروف عنها قلة العنف وعدم المبادرة بالتصادم أو الرفض، وهو عكس طبيعة الشخصية السومرية الحادة نسبياً.
فالتهكم الذي يفضي إلى الضحك أو كما يعرف بالدعابة إحدى صور الرفض غير المباشر لموضوع ما، وهو تعبير أكثر حرية عن الرأي.
وكان للظروف السياسية المصرية تأثير كبير على انسحاب الشخصية المصرية من المواجهة واللجوء لبدائل تنفيسية لرد الفعل. فبين حكم الفرد والاستبداد الاقتصادي، ثم الاستعمار وتفشي الفقر وفرض الضرائب رغم توافر الخير بالبلاد، ما جعل في المناخ المصري متسعا للتنفيس عن الواقع المؤلم بالسخرية والتهكم.
ويتعامل المصريون مع الضحك كجزء من الموروث القديم وتحديداً المرتبط بالعقيدة المصرية القديمة التي تقدس الضحك.
الضحك في العقيدة المصرية القديمة
اعتقد قدماء المصريين في عقيدتهم أن العالم خُلق من الضحك، فحين أراد الإله أن يخلق الدنيا أطلق ضحكة قوية فظهرت السماوات السبع(2)، وضحكة أخرى فكان النور، والثالثة أوجدت الماء للأرض، إلى أن وصلنا إلى الأخيرة حيث خلق الروح.
كما أن نهر النيل «يسقي حقول المرح، وينبت أشجار النكت». وكلها مفاهيم ارتبطت بثوابت ديانة المصريين الموضوعة منذ الدولة المصرية القديمة.
كتاب تعاليم خيتي في النكتة الفرعونية
يذكر جورج بورنر في «معجم الحضارة المصرية القديمة»(3)، أن أشهر كتاب في «النكتة الفرعونية» أو في ما أسماه المعجم «بالنقد التهكمي، هو كتاب «تعاليم خيتي» لابنه «بيبي»، الذي يرجع تاريخه إلى الدولة الوسطي، وهو الكتاب الذي ظل تلاميذ المدارس في مصر القديمة بعدها بأكثر من ألف سنة يحفظون منه فقرات كثيرة تتندر على اللص والكذاب والحاكم «الظالم»!
«بس» هو إله الضحك والمرح عند المصريين القدماء وهو تشكيل لقزم منتفخ الوجنتين له ذقن متدلي، وترتسم على وجهه علامات الوجوم لتثير الرعب فى نفوس الأشرار، وكان يحظى بشعبية كبيرة لدى الشعب وأحياناً يغطى رأسه الريش، كما أن لسانه متدلي وهو في حالة دهشة.(4)
الصراع بين القط والفأر منشأه رسم شعبي فرعوني
يعد قدماء المصريين أول من وضع قصة الصراع بين القط والفأر، وذلك قبل أكثر من 3300 سنة، حيث احتوت القصص الشعبية للمصريين القدماء العديد من الحكايات التى تصور صراعا دائما بين القط والفأر.
وقد ذكر الدكتور زاهي حواس أنه من أطرف أعمال الكاريكاتير المصورة للقط والفأر، منظر يعود إلى عصر الاضمحلال الثالث، ويصور مجموعة من الفئران القوية الفتية وقد كونت جيشا يهاجم حصنا منيعا للقطط، يرميها بالسهام ويحطم الحصن بالدروع والبلط، بل إنهم أحضروا سلماً للصعود عليه ودخول الحصن، وذلك تحت قيادة زعيمهم المغوار، وهو فأر كبير يركب عربة حربية يجرها كلبان! بينما القطط داخل الحصن مذعورة لا تعرف كيف تصد هجوم هذا الجيش.
المعنى بالطبع واضح، فإن مصر القوية الفتية عندما تضعف يطمع فيها العدو الجبان وتستأسد عليها الجرذان، وتنقلب الأوضاع، فيصير العزيز ذليلا والوضيع جريئا بوضاعته.
ومشهد آخر لفأر سمين يرتدى ثيابًا غالية، ويجلس على كرسى متين، بينما يقوم على خدمته قط هزيل ويقدم له شرابًا، يتناوله الفأر عن طريق مصاصة لكى لا يرهق نفسه بحمل الكأس بيديه.
ومن أشهر هذه القصص منظر رُسم على شقافة عُثر عليها فى منطقة دير المدينة، وتصور سيدة أنيقة على أنها الفأر، تجلس على الكرسى، ويحيط بها مجموعة من القطط تقوم على خدمتها، وهنا نجد الفنان أراد السخرية من الأوضاع الاجتماعية، التى جعلت الفأر ملكًا برغم أنه كان معروفا عنه الضعف والجبن، والقطة على أنها ضعيفة برغم أنها أقوى من الفأر.
ويوجد في متحف بروكلين بنيويورك بردية من عصر الرعامسة (الدولة الحديثة) تسخر من القط وتصوره وهو يقف على قدميه الخلفيتين، ويخدم فأرًا يرتدي ملابس النبلاء ويجلس على كرس مريح، وهي بردية تؤكد ملكية المصري التاريخية لميكي ماوس وأنهم أول من ابتكروا شخصية المشاغب «الفأر» الذي يضع القط دائماً في حالة صراع وحرج (5).
قدّم المصري القديم (6) الكاريكاتير «قربانا» للرب ! فالرسام الفرعوني «نب رع» وعد الإله آمون، بإضحاكه بالرسوم الساخرة إذا أشفى له ابنه! لذا يرى العلماء أن نشأة هذا الفن مصرية خالصة.
فن الكاريكاتير عند المصري القديم
كانت الرسوم الكاركاتورية المصرية القديمة تسخر من الحياة الاجتماعية وتحمل المناظر الخاصة بالزراعة أو تعكس كسل الحراس، أو أثناء العمل بين عمال البناء، وكذلك فى المشاهد الخاصة بالحلاقة، وقد وصلت الفكاهة إلى قمتها فى عصر الملك إخناتون، نظرًا للحرية المتاحة في فن التصوير.(7)
وكان الفنان المصري القديم يهدف بأعماله أن يعبّر عن التناقض الكامن في أن القوة عندما تصبح في خدمة الضعف، فإنّ معنى ذلك أنّ الأمور أصبحت مقلوبة بكل ما في هذا المعنى من تهكم وسخرية، وهي رؤية شخصية خاصة بالفنان.(8)
وترى الكاتبة أن ارتباط الفنان المصري بنموذج فني صارم ينفذه، يجعله يخرج أحياناً بنموذج هزلي حر ناقد يعبر به عن رأيه، فمعروف أنّ الفن المصري القديم يرتبط بالقصر والكهنة وبه إلزام عقائدي لا يمكن الخروج عليه، وبالتالي لا يوجد فيه مساحة حرية لأنه يحمل دلالات لا يجوز التغيير فيها، ولكنّ الفنان يهرب من ذلك ويلجأ لنماذج متحررة تعطيه مساحة تعبيرية يحتاجها كفنان تشكيلي يملك أدواته وتقنياته الإبداعية.
فن الكاريكاتير المصري
في العصر الحديث
أما في العصر الحديث فقد لعبت الصحافة المصرية دورا مهمّا في ازدهار فن الكاريكاتير، ولمعت أسماء مهمّة في الكاريكاتير، منها صاروخان وعبد المنعم رخا وبهجت ومصطفى حسين وغيرهم .
وقد انعقد في يونيو عام1997 في مدينة القاهرة أول معرض لفن «الكاريكاتير المصري الأوروبي»، نظمه اتحاد المنظمات الأوربية لفناني الكاريكاتير، المعروف اختصارًا باسم «فيكو» ومقره هولندا. في الكتالوج الخاص بذلك المعرض الذي شارك فيـه رسامو إحدى وعشرين دولة أوربيـة مع ستة وثلاثين رسامًا مصريًّا من مختلف الاتجاهات الفنية.. كتب «بيتر نيونديك»، رئيس اتحاد المنظمات الأوربية لفناني الكاريكاتير، كلمة قال فيها «بينما كان الأوربيون يطاردون بعضهم بعضا بالهراوات، وبينما كان القراصنة ورعاة البقر في القارة الأمريكية يتاجرون بجلود الهنود الحمر وقطعان الأمريكان السود… كان المصريون القدماء يبدعون فنًّا رفيعًا، ويتمتعون بحضارة راقية تسبق حضارة الأوربيين والأمريكان بآلاف السـنيـن.. ورغم ذلك، فالحضارة الغربيـة تدعي الآن دون أدنى موضوعية أن فن النكتـة المرسـومة، أي فن الكاريكاتير، نشأ في أوروبا منذ مائة وخمسين عامًا فقط!».. هكذا قال نصًّا رئيس اتحاد المنظمات الأوربية لفناني الكاريكاتير في أوربا. (9)
إن النكتة المرسومة هي جزء أصيل من موروث المصريين التشكيلي، الذي لم يرتبط بطبقة اجتماعية ما أو بفئة بعينها، وإنما عاش كجزء من المنتج الثقافي المصري، يعكس بحرية التعبير ما يدور في العقل الجمعي المصري، وما تعيشه الطبقات المهمشة من معاناة.
آراء المستشرقيين في المرح والضحك عند المصريين
كان للمستشرقين الذين زاروا مصر آراء عديدة عن طبيعة الضحك في حياة المصريين، فقد قال هيرودوت (10) إن «روح المزاح والسخرية» عند المصريين جعلته يشرب مقلبًا لاذعًا وطريفًا من كاتب الخزائن المقدسة في معبد الإله «نيت» إله الفيضان، حينما سأله هيرودوت: من أين ينبع النيل؟! فقال له كاتب الخزائن المقدسة مازحًا: «النيل يولد، أي ينبع، بين بلدة أسوان وجزيرة فيلة من بين صخور جبلين كبيرين، ينتهيان بقلتين مدببتين، واحدة اسمها «كروفي» ماؤها رديء، ويتجه نحو الجنوب.. والثانية اسمها «موفي» ماؤها عذب ومرح ويتجه نحو دلتا مصر في الشمال!»
ورغم أن هيرودوت قال نصًّا في كتابه «إنه كان يعرف جيدًا أنّ كاتب الخزائن المقدسة «كان يمزح» معه، وأنّ ما قاله له الكاتب المصري القديم ليس حقيقة جغرافية مؤكدة، وإنما «نكتة ودعابة فرعونية بريئة، تعكس روح المرح والمزاح عند المصريين القدماء»..إلا أنّ بعض المؤرخين الغربيين، نقلوا عن هيرودوت ما قاله له كاتب الخزائن المقدسة على أنه «حقيـقة جغرافيـة مؤكدة» دون أن يـذكروا أنّ هيرودوت نفسه قال في كتابة إنّ ما قاله له كاتب الخزائن عن منبع النيل، كان على سبيل «المزاح».
ووفقًا لرواية هيرودوت، يقول المصريون أيضًا: «الصدق لا ينهك، وشر البلية ما يضحك!»
الشاعر اليوناني ثيوكريتوس الذي زار الإسكندرية العام 275 قبل الميلاد، قال هو الآخر في مذكراته «المصريون شعب لاذع القول وله روح مرحة».
أما المستشرق الإنجليزي ادوارد وليم فقد أشار في كتابه (آداب وأعراف المصريين) الصادر عام (1836) إلى أنّه لاحظ «أفراد الطبقه العامله يسخرون من حكامهم في الأغاني، ويتهكمون على التشريعات الحكوميه التي يعانون منها.»
أما المؤرخ الألماني الأشهر أدولف أرمان في كتابه «ديانة مصر القديمة» الذي كتبه عام 1904 فقال إن الرسام المصري القديم «نب رع» هو أول من وعد الإله آمون، بإضحاكه وإسعاده بالنكت والرسوم الساخرة، إذا أشفى له ابنه!» وهي معلومة تعكس مدى «سمو» ومكانة الرسوم الساخرة عند المصريين القدماء، التي نسميها حاليًّا بالرسوم «الكاريكاتورية»!
وفي كتابه الموسوعي «تاريخ مصر منذ أقدم العصور» الذي ترجم إلى العربية العام 1910، يذكر شيخ المؤرخين الأمريكيين «هنري برستد» أن المصريين القدماء هم «أول من نقشوا النكت والرسوم الهزلية في القبور وعلى جدران المعابد!».
أما الرحالة «بيلوني» ابن جزيرة كريت، الذي زار مصر في عصر المماليك وقال نصًّا في مذكراته: «مياه النيل هي دموع إيزيس على زوجها الشهيد، ومن أعجب خصائص النيل أنه يسقي حقول المرح، وينبت أشجار النكت والفكاهة، ويجعل المصريين مرحين ساخرين على مرِّ الأزمان، وقامتهم أعلى من قامة المحن والأحزان»..
وكانوا يقولون أيضاً خير البشر ليسوا هم الذين دائمًا يعتلون الكراسي».
وفي كتاب «تحفة النظار في غرائب الأمصار» يذكر ابن بطوطة الذي زار مصر عام 1325 م نصًا: «مصر أم البلاد، ذات الأقاليم العريضه والبلاد الأريضة ( كثيرة الزرع) بها ما شئت من عالم وجاهل وجاد وهازل، كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة، وأهلها ذوو طرب وسرور، ولهو وحبور… كوكبها لا يبرح منزل السعد، وقاهرتها قهرت الأمم في كل عهـد، وملوكها ملكوا نواصـي العرب والعجم، وشمسـها فرح وخصوبة، ونيلها أفضل أنهار الأرض مرحًا وعذوبة!»(11)
النكتة السياسية في الفن التشكيلي المصري والخامات المرتبطة بها
ارتبطت النكت السياسية في مصر بعصور الاضمحلال أو الهزيمة، وكان ورق البردي و الحجر الجيري أشهر الخامات التي تعامل معها المصري القديم لذا دون المصري على الحجر العديد من لقطاته الساخرة، كما احتفظت المتاحف بالبرديات المعبرة عن المواقف الساخرة منذ العصور المصرية الأولى. وسنرصد فيما يلي بعض النماذج الحجرية والورقية والمرتبطة بموضوعات بالنكتة السياسية.
في العصر الفرعوني
ففي العصور المصرية القديمة يذكر الدكتور زاهي حواس في مقال له بجريدة الشرق الأوسط عن حوار متبادل بين اثنين من النحاتين وقد صوِّرا وهما يقومان بنحت تمثالين؛ أحدهما من الخشب، والآخر من الحجر، وذلك على جدران إحدى مقابر النبلاء بالجيزة التي تعود إلى عصر الأسرة الخامسة (2200 قبل الميلاد)؛ أما النحات الذي ينحت الحجر فيقول: «كلت يدي ومضت أيام طويلة وأنا أعمل في هذا التمثال، ويبدو أنني لن أنتهي منه أبدا»؛ فيجيبه زميله ساخرا وهو يضع اللمسات النهائية على تمثال من الخشب: «اشتغل اشتغل، ولا تكن غبيا فليس الحجر كالخشب». وبينما كانت النكتة المكتوبة قليلة أو حتى نادرة؛ كانت المصورة على العكس من ذلك شائعة، وأكثر وأقوى تعبيرا .
وذكر زاهي حواس أيضاً في مقاله أن الفنان المصري القديم أراد السخرية من أحوال الطبقة المعدمة من المجتمع فصور راعيا شديد النحافة بصورة مبالغ فيها؛ حتى ليكاد يقترب شكله إلى الهيكل العظمى إن لم يكن أشد نحافة؛ صور هذا الراعي المسكين وهو يجر بقرة ثمينة بصورة مبالغ فيها أيضا؛ وقد امتلأ ضرعها باللبن حتى ليكاد يلامس الأرض. ليعكس وضع الراعي البائس رغم كونه يرعى مثل هذه البقرة الثمينة التي لا يملكها.
ومن المناظر المثيرة للضحك، تلك التى صورت الحراس، وهم فى قمة الكسل وفى حالة نوم، ومن أشهر المناظر التى تتعلق بالحراس الكسالى، وجدت فى مقبرة «إن تف» فى منطقة «دراع أبى النجا» فى طيبة، وفيها نجد حارس الباب فى سُبات عميق، بينما يطرق زملاؤه عليه الباب حتى يفتح لهم، وكان رده باردًا، إذ قال لهم أنه متعب ويريد أن ينام.(12)
في نهاية عصر الدولة الحديثة عام 1100 قبل الميلاد اشتدت الأزمات في الدولة وأصبح العمال تحت ضغط شديد من قبل الملوك مما أدي إلي قيامهم بالسخرية من كل الأوضاع التي توجد حولهم، وهنا نجد منظراً يوضح سخرية العمال من هذا الوضع فيصور قطاً ثميناً يرعي مجموعة من الأوز، وكذلك ثعلباً يقوم برعي قطيع من الأوز ويعزف علي الناي .
وهناك منظر آخر يدل علي السخرية فيصور فرقة موسيقية أعضاؤها من الحيوانات والقائم بالغناء حمار.. مما يعطي صورة ساخرة أن المغني هو أنكر الأصوات .(13)
النكتة المصرية أيام الرومان
عندما احتل الرومان الاسكندرية حرموا على المحامين المصريين دخول المحاكم، فكان المصريون يسخرون من القضاة الرومان، ويهزأون من ضعفهم فى تحقيق العدالة، فاستخدموا النكتة والقافية للدفاع عن السجناء السياسيين.(15)
النكتة المصرية أيام نابليون
في وقت الحملة الفرنسية (1801-1798م) تسبب إطلاق النكات في إصدار نابليون مرسومًا يهدد بمعاقبة كل من يضحك على النكات التي تسخر منه، وهو ما لعب دورًا في استعاده معنويات المصريين مجددًا، فاندلعت ثورتان في غضون 3 سنوات، أسفرت إحداها عن اغتيال نائب نابليون، الجنرال جان بابتيست .(16)
النكتة المصرية أيام نكسة يونيه 1967
كانت أشد الأيام قسوه على المصريين، تلك التي تبعت هزيمة يونيه1967 وتنحي الرئيس عبد الناصر، حيث كانت مسحة الحزن في جوف كل المصريين بل وكل العرب، لكن كانت السخريه فيها حاضره لدى المصريين، فهزيمه نكسه 1967 جعلت الجنود هدفًا للسخريه، وخرجت النكات عن نطاق السيطره حتى دعا جمال عبد الناصر المصريين للكف عن السخريه من الجيش في إحدى خطاباته . وأشهر ما قيل حينها
«قولوا لعين الشمس ما تحماشي احسن جيش عبد الناصر راجع ماشي»
فقد نسبوا الجيش لعبد الناصر وليس جيشهم الباسل كمصريين، ورغم عشق المصريين للزعيم عبد الناصر، رغم كل التحفظات على بعض المواقف إلا أنه الزعيم الذي يقف بين كل الأجيال رمزاً لطهارة اليد وشرف الكلمة والكرامة وتبنيه للقضية العربية وقضايا التحرر الإفريقية، إلا أن النكات طالته وقت النكسة وكان أن أصبح رد الفعل في الشارع المصري لا يحتمل، فأخذ الزعيم عبد الناصر نصيبه من سخط الشارع في نكات نذكر منها النكات التالية:
– كان عبد الناصر يخطب في الجماهير عندما قاطعه مواطن:- يا ريس، عايزين نعرف فين مجوهرات أسرة محمد علي، وفلوس الحراسات، وصفايح الذهب اللي جت من اليمن؟ فقال له عبد الناصر: هارد عليك بعد الخطاب.. تعالى اطلع عندي، ثم في نهاية خطابه، قاطعه مواطن آخر: يا ريس.. عايزين نعرف فين مجوهرات أسرة محمد علي، وفلوس الحراسات، وصفايح الذهب اللي جت من اليمن، والمواطن اللي طلع عندك من شوية.
– رجل من القاهرة سمع أن الأرز متوفر في مدينة الإسكندرية، فسافر في القطار كي يحصل على قوت عائلته، فسأله الكمسري مسافر فين وليه؟ فأجابه مسافر الإسكندرية عشان أشتري الأرز، ولما وصل القطار إلى طنطا قال له الكمسري انزل هنا! فسأله طيب ليه وإحنا لسه موصلناش الإسكندرية؟ فأجابه مش إنت رايح عشان تشتري الأرز؟ انزل لأن الطابور يبدأ من هنا. ويقال إن هذه النكتة آلمت عبد الناصر كثيراً فاستدعى وزير التموين وأمره بتوفير الأرز للشعب بأي طريقة.
– عثر على تمثال فرعوني، احتار علماء الآثار في تحديد اسمه، فاقترح ناصر إرساله للمخابرات لكشف غموضه، وبعد ساعات قالوا له: لقد تأكدنا أنه رمسيس الثاني، كيف؟ أعترف بنفسه يافندم.
– اصطاد صياد سمكة كبيرة وعاد بها ولكن زوجته بدا عليها الحزن سألها الصياد:
مالك؟
ياما جاب الغراب لامه.
ليه دي سمكة كبيرة.
هنعمل بيها إيه؟
قال نقليها ف الزيت.
مفيش زيت.
نطبخها في الصلصة.
مفيش.
نسلقها في الميه.
مفيش جاز ولا بوتاجاز.
فقام مسك السمكة والقى بها في البحر، فقفزت السمكة للبحر وقالت عاش الرئيس جمال عبد الناصر.
وحينها لم تكن النكتة التشكيلية المرتبطة بفن الكاريكاتير لتقف وسط نكات الشارع، حيث الجرائد جزء من ملكية الدولة، فتراجع النقد التشكيلي الساخر أمام النكتة الشفاهية التي تتناقلها ألسن المصريين. وتظهر النكتة السياسية في المرحلة الحاضرة واضحة في جداريات الشوارع عاكسة لمساحة تعبيرية شديدة الجمال والخصوصية لدى الشباب التشكيليين، وعبر بسخرية عن الكثير من الأوضاع الاقتصادية المتردية، وعن سيطرة رأس المال على الواقع السياسي، وقد كونوا ائتلاف فناني الثورة.
ثم جاءت ثورة 30 يونيه 2013، التي حملت من السخرية الكثير بسبب تفاصيل التغيرات الجديدة، كما حملت الكثير من القفشات التي يتذكرها المصريون في دهشة من الرئيس، وهو المنصب المقدس منذ عقيدة المصريين القديمة، فالمصريون تعودوا على فرعنة الحاكم وإبعاد أى نقصان عن طبيعته الجادة.
المصادر والمراجع
(1) http://www.al-fadjr.com
(2) السبعة من الأرقام المقدسة في العقيدة المصرية .
(3) جورج بوزنر، معجم الحضارة المصرية القديمة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2001.
(4) www.ladyofall.com/lady-culture
(5) وليم. هـ.بيك، ترجمة مختار السويفي، فن الرسم عند قدماء المصريين، وزارة الثقافة، هيئة الآثار المصرية،1987.
(6) http://www.startimes.com
(7) www.ladyofall.com/lady-culture
(8) وليم. هـ.بيك، ترجمة مختار السويفي، فن الرسم عند قدماء المصريين، وزارة الثقافة، هيئة الآثار المصرية،1987.
(9) http://al-mashhad.com
(10) أقدم كتاب تاريخ ـ في التاريخ ـ هو كتاب المؤرخ اليوناني الشهير “هيرودوت” الملقب بـ«أبو التاريخ»، والذي زار مصر عام 440 قبل الميلاد. أقدم كتاب تاريخ ـ في التاريخ ـ انتهى هيرودوت من كتابته عام 444 قبل الميلاد في تسعة أجزاء أو تسعة مجلدات أسماها “تمحيص الأخبار”.وفي السابع والعشرين من ديسمبر عام 1936 احتفل العالم بصدور الترجمة الكاملة لكتاب هيرودوت إلى اللغة الإنجليزية.. وهي الترجمة التي أنجزها وقتها «جورج رولنسون» عن لغة الكتاب الأصلية وهي اللغة اليونانية، والتي عنها أيضًا، أي عن اللغة اليونانية،ترجمة الدكتور محمد صقر خفاجة، وصدر باللغة العربية عن دار القلم بالقاهرة عام 1966 بعنوان: «هيرودوت يتحدث عن مصر». وفي ذلك الكتاب، أي في أقدم كتاب تاريخ ـ في التاريخ
(11) http://www.startimes.com
(12) www.ladyofall.com/lady-culture
(13) محمد إبراهيم بكر رئيس هيئة الآثار المصرية الأسبق في تصريحات لـ”الوادي” المصرية.
(14) وليم. هـ.بيك، ترجمة مختار السويفي، فن الرسم عند قدماء المصريين، وزارة الثقافة، هيئة الآثار المصرية،1987.
(15) www.ladyofall.com/lady-culture
(16)= http://www.akhbarak.net/news/2015/03/06/60
___________
* باحثة من مصر/ الفجيرة الثقافية.