صدر عن دار المدى كتاب (فن الكتابة .. تعاليم الشعراء الصينيين) من تأليف توني بارنستون وتشاو بينغ وترجمة د.عابد اسماعيل.
يحمل الكتابُ خصوصيةَ المكان الذي قَدِمَ منه. فعلى نقيض التعليم الغربي في فن الشعر الذي يتصف عادة بالصرامة والجدّية، فإن الكتَّاب الصينيين، الذين لا يقلون عن نظرائهم الغربيين حِرَفيةً أكاديمية، جعلوا آراءهم حول الأدب ذكية ومكثفة، ساحرة وعميقة. وهم يرون أن الرؤية المغلَّفة بنبرة روحية يمكن لها في الحقيقة أن تكشف النقاب عن المصادر المعتمة للشعر أكثر مما تفعله تلك التي تتصف بالدقّة الصارمة. وهذه الروح مجسَّدة في صفحات الكتاب الذي جاء بمثابة هدية رقيقة وهادئة، تهدف إلى جعل القارئ شاعراً. وإن أخفق الكتاب في تحقيق هذا الهدف، إلا أنه نجح في اصطحابه إلى أرض القصيدة البِكر ليحذِّره من أن التابو الأول في الكتابة هو أن تمشي خلف الآخرين، منبهًا إياه: إذا ظننت أن قصيدتك هي الكلمة الأخيرة في الموضوع فهذا يعني أنك لست شاعراً.
يتناول الكتاب الذي يمكن تقسيمه الى أربعة أقسام النواحي الجمالية والفنية ويختار نماذج تطبيقية في حرفة الكتابة وتحديداً في مجال الشعر الذي مثّل عبر تاريخ الصين المسلك الأوسع لتحقيق النجاح السياسي والاجتماعي. فالشعراء هم “مهنيّو حرفة إلهية”. ومن هنا، فإن الصينيين يعزون الى الشعر قوى خارقة، فهو “يقوِّم الخطأ، ويحرك السماء والأرض، الأرواح والآلهة”. وليس هذا فحسب، بل ان هذا الصوت الشعري المقبل من مخبأ سري وعميق “يستطيع أن ينقذ حكومات متهاوية وجيوشاً ضعيفة، ويمنح صوتاً لريح الفضيلة الإنسانية المحتضرة”.
_______
*المدى