«المكان المشترك»… صور فوتوغرافية تغوص في تجارب شخصية




«المكان المشترك»، عنوان معرض جماعي تنظمه غاليري جانين ربيز في بيروت (13 يوليو- 18 أغسطس)، يشارك فيه أربعة مصورين فوتوغرافيين هم: شاهي أرزومانيان، وإلسي حداد، ولارا تابت وميريام بولس، وتركز أعمالهم حول المشترك في الأماكن المختلفة.
الأماكن المشتركة تمثل التبادل وتحاكي مساحة التجارب الشخصية. يعرض عمل المصورين الفوتوغرافيين الأربعة، في غياب الكلمات، قدرتهم على رواية التاريخ من خلال مفاهيمهم وربطه بحياتهم الشخصية.
قد تكون الأمكنة مجهولة الهوية، أرض قاحلة، أو أرض مزروعة بدوار الشمس، أو رموز تدل على الحضور الإنساني، إنما القاسم المشترك بينها أنها تعكس حالات نفسية ، من هنا ميزة الفنانين الأربعة التي تكمن في أنسنة الأماكن، بحيث تصبح لغة بحد ذاتها، تشير إلى المدى الرحب الذي يمكن أن تصول فيه العواطف والأحاسيس وتجول من دون رقيب أو حدود، أي بحرية ومن دون اقنعة، فالأرض هي الأم التي تسمح بالتجذر في المكان والانتماء، ومهما كانت قاحلة أم مزدانة بالأزهار، فهي تعبر عن استمرارية الحياة باشكالها وتناقضاتها، وبنبضها الذي يتفاعل مع المكان، هو هو سوى كان هنا أو في أي بقعة من العالم.
لم يبحث الفنانون الأربعة عن الجمال لتصويره بعدستهم، بل سخروها لابتكار لغة خاصة تغوص في مكامن النفس التي تكون أحياناً جرداء وأحيانا أخرى مزدانة بالفرح، إنها الحياة بحلوها ومرها، إنه الإنسان بساعات فرحه وحزنه، بآماله وآلامه، بتفاعله مع الظروف، هكذا بكل واقعية ومن دون روتوش. لم يعد المنظر في الصور الفوتوغرافية المعروضة لإبراز الجمال بل ليتفاعل المشاهد معه، ليرى فيه نفسه وذاته، ليختبر من خلاله عمق انتمائه إلى الأرض بغض النظر عما إذا كانت تقدم له حياة سهلة أو صعبة وقاتمة، إنه ببساطة الانتماء إلى المكان، إلى الجذور.
الحضور الإنساني في الصور الفوتوغرافية المعروضة يتجلى برموز معينة، فهو ليس بارزاً بشكل كامل، لكنه موجود بالروح والعقل في كل زاوية في الصور، تعبر عنه، تعكس وجوده، تلبي تفاعله مع البيئة المحيطة به، مع مجتمعه، مع كل ما يصادفه من معاناة ومن أفراح، نعم يحاكي هذا المعرض هذا الإنسان الذي تسحقه الظروف أحياناً فيصير كأرض جدباء وينتصر على الظروف احياناً أخرى فيزهر ربيعاً وحياة…
المعرض وإن تغلب القتامة على بعض صوره، إلا أنه يدعو إلى التأمل قليلا بالذاكرة الجماعية، فالأرض في أي مكان كانت، تتحمل تأثير الانسان عليها، قد يهملها فتصبح صحراء قاحلة أو ميتة أو يهتم بها فتصبح أرضاً خصبة، والخصوبة تعني الحياة، باختصار الإنسان هو سيد البيئة والمجتمع، يحملهما ما ملكت يداه من قوة وإقدام وما ملك عقله ووجدانه من حب للجمال أو غرق في الوحدانية والشخصانية، فيترك الأرض- الأم وما فيها للذبول وينصرف هو لاهثاً وراء المادة…
___
*الجريدة

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *