في صور الارتباك !


*ماجد شاهين

( ثقافات )

.. قرأت، السبت 27 /9 / 2014 ، أمام جمهور مثقف متنوّع نصوصا ً أدبيّة بعناوين متفاوتة في الوضوح ، ضمن أمسيّة أدبيّة قصصيّة / شعريّة ، و قلت في نصّين منها كلاماً عن المدن الجميلة و عن مادبا وقلقيلية ونابلس والسلط والناصرة والزرقاء وعمّان والقدس و عن البلاد التي لنا و كلّها لنا !
.. و في نصّ قريب إلى المشهدية المسرحيّة ، افترضت حدثاً و مكاناً و شارعاً و مقاه ٍ و عربات للباعة الجائلين و دعوت الناس في النصّ إلى الصعود معاً في طريق النشيد والغناء و قلنا عن أغنيات الزمن الجميل والوجع المقيم وعن البلاد كلّها وعن الجزائر و عن ” الأغاني التي لا تزال ممكنة ” ، و ختمنا النصّ بصورة وصوت للجمهور يغنّي بصوت واضح و يقول : أخي جاوز الظالمون المدى .
بعد انتهاء القراءة ، جاء صديق طيّب و فاعل في العمل الاجتماعيّ والسياسيّ العام ، والقى التحيّة و عانقني و همس في أذني : نصوصك جميلة ولكنك لم تتحدث عن القضيّة !
و الآن أقول : هل كان ما قلناه في النصوص يخلو من عناوين لقضيّة و ملامحها ؟ و ما معنى البلاد و ما معنى الغناء والنشيد و ما معنى الصعود بالفكرة و ما معنى أن نختم المشهد بصوت عال بأغنية أخي جاوز الظالمون المدى ؟ 
أعد ّ ذلك الأمر الذي حدث ارتباكاً أو خلطاً أو فهماً غامضاً لدور الكاتب والمثقف ، و لذلك أقول : 
الراقص ُ المرتبك يفسد ُ المشهد ..
و البائع المرتبك تكسد بضاعته ،
و المثقف المرتبك يفقد البوصلة ويتوه ،
و السياسيّ المرتبك ، تتعثر خطاباته و تتراجع برامجه التغييريّة ..
و المطرب المرتبك يرميه الجمهور بالـــ ” طماطم الفاسدة ” ،
و سائق المركبة المرتبك يودي بما يحمل و بمن يحمل ،
و بائع الفلافل المرتبك تنحرق أصابعه ،
و خائط الثياب المرتبك ينسى أن يصنع جيوبا ً للبنطال ،
و الطبيب المرتبك يحسب أن الأذن قطعة من المعدة ،
و نادل المقهى المرتبك يعدّ البن و يسكبه في الفناجين لمن طلبوا شاياً منقوعا ً ، 
و الخبّاز المرتبك يحرق الرغيف ،
و الكاتب المرتبك يفقد جملته الإسميّة و يغيب فعله المضارع ،
و الصحافيّ المرتبك يكتب خبراً بلا مضمون ،
و صانع الحلوى المرتبك ينسى أن يضع السكّر في الخلطة ،
و …. المرتبك …. ! 
و أنا المرتبك ، و نحن ، لم نعد قادرين على تحديد ملامح ومعاني و صور الارتباك !
فــ رغيفك المرتبك لا يشبه رغيفي المرتبك ، و لذلك تبقى الأمور على أحوالها ، و يؤجّل فهم الارتباك !
.. هل كانت المسألة متصلة بأرتباك فكرة السياسيّ التي يحملها عن دور الكاتب والمثقف ؟ و هل كان السياسيّ الهامس يريد للكاتب ان يخرج هاتفاً في الشارع ؟ 
و هل !! ؟

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *