*فرجينيا وولف/ ترجمة: بثينة الإبراهيم
مما يصدم القارئ العادي للأدب الإنجليزي أن يعرف أنه مر بموسم أجرد، مثل أوائل الربيع أحيانًا في ريفنا، فالأشجار باسقة والتلال ضاجة باللون الأخضر، وليس هناك ما يحجب كتلة الأرض أو خطوط الأغصان، لكننا نفتقد رعشة حزيران ودندنته حين تبدو أصغر الغابات مفعمة بالحركة يقف فيها المرء ساكنًا ليصغي إلى همس الحيوانات الفضولية السريعة الرشيقة التي تنصرف لشؤونها تحت الشجيرات. ولذا كان علينا الانتظار في الأدب الإنجليزي إلى انقضاء القرن السادس عشر ومرور السابع عشر أيضًا قبل أن يصبح المشهد القاحل مفعمًا بالحركة والاختلاج، ولنتمكن من ملء الفراغات بين الكتب العظيمة بأصوات الناس.
كان لا بد طبعًا من حدوث تحولات كبيرة في الخصائص النفسية وفي وسائل الراحة – مثل الكرسي ذي الذراعين والسجاد والطرق المعبدة- قبل أن يتسنى للبشر مراقبة بعضهم بعضًا بفضول،أو ليتبادلوا أفكارهم ببساطة. قد يكون أدبنا الأول مدين بشيء من عظمته إلى حقيقة أن الكتابة كانت فنًا غير شائع يمارسه طلبًا للشهرة أكثر من المال أولئك الذين كانت تجبرهم موهبتهم على ذلك. وربما أضعف قوته انغماس عبقريينا بكتابة السيرة الذاتية والرسائل والمذكرات وبالكتابة الصحفيةبشكل أو بآخر. ومهما يكن هذا، فإن هنالك ضحالة في عصر لم يكن فيه كاتبو رسائل ولا كاتبو سيرة. تظهر الحيوات والشخصيات في اختصار مطلق. يقول السير إدموند جوس[i]: دون غامض[ii]، ويعود ذلك بشكل كبير إلى معرفتنا برأيه بالسيدة بيدفورد رغم عدم توافر إلماحة بسيطة إلى رأيها به، فلم يكن لها صديق تصف له ذلك الزائر الغريب، ولا مؤتمنة لأسرارها تشرح لها الأسباب التي جعلت دون يبدو غريبًا بالنسبة لها.
وكانت الظروف التي جعلت من المستحيل أن يولد بوسويل[iii] أو هوراس والبول[iv] في القرن السادس عشر، أثقل وطأة على الجنس الآخر. فبالإضافة إلى الصعوبات المادية – يجسد منزل دون الصغير في ميتشام بجدرانه المتهالكة وأطفاله الباكين الصعوبات التي عاناها الإليزابيثيون- كان مما أعاق المرأة إيمانها بأن الكتابة لا تناسب جنسها. قد تكتب سيدة عظيمة من هنا وهناك منحتها طبقتها الاجتماعية التساهل، أو ربما مداهنة الدائرة الصاغرة المحيطة بها وتنشر كتاباتها، لكن هذا التصرف كان مستهجنًا لو صدر من امرأة تنتمي لطبقة اجتماعية دنيا، عبرت دوروثي أوزبورن عن عجبها عندما نشرت دوقة نيوكاسل أحد كتبها قائلة:” ولا شك أن المرأة المسكينة كانت محتارة بعض الشيء، فلا يمكنها أن تكون أكثر سخافةً إن أقدمت على الكتابة بل وكتابة النثر أيضًا”، وأضافت معبرة عن وجهة نظرها: “لن أقوم بذلك حتى لو أصبت بالأرق لأسبوعين”. والمفارقة أن الانتقاد اللامع هذا قد صدر عن امرأة تتمتع بموهبة أدبية رائعة، فلو أن دوروثي أزبورن قد ولدت عام 1827 لكانت روائية، ولو ولدت عام 1527 لم تكن لتكتب على الإطلاق، لكنها ولدت عام 1627، وعلى الرغم أن إصدار الكتب بهذا التاريخ كان أمرًا مستهجنًا إن صدر عن امرأة، إلا أنه لم يكن هنالك ضير في كتابة الرسائل. وهكذا كُسر الصمت تدريجيًا، وبدأنا نسمع هسهسة الشجيرات، وبدأنا نسمع للمرة الأولى في الأدب الإنجليزي رجالًا ونساءً يتحدثون معًا حول النار.
لكن فن كتابة الرسائل في أول نشوئه لم يكن فنًا احتل مجلدات عذبة كثيرة جدًا حينها، فالرجال والنساء كانوا رسميًا السيدات والسادة، وكانت اللغة ما تزال فخمة وجافة جدًا لتتمكن من الانعطاف والتحول بسرعة وحرية على نصف صفحة من ورق الملاحظات. إن فن كتابة الرسائل هو غالبًا فن كتابة المقالات على نحو مبطن. ولكن كيفما كان، فقد كان فنًا يمكن للمرأة أن تمارسه دون أن تفقد أنوثتها. كما يمكنها ممارسته في لحظات غريبة، إلى جانب فراش الأب المريض، وأثناء آلاف المقاطعات،و دون تعليق مثير، وبلا سم كما كان، وبالتظاهر غالبًا أنه يخدم غرضًا معينًا. ومع ذلك وجدنا في تلك الرسائل التي لا حصر لها، والتي ضاع معظمها اليوم، قوة الملاحظة والذكاء اللذين أخذا شكلًا مختلفًا لدى إيفلينا في رواية “كبرياء وهوى”. كانت مجرد رسائل إلا أنها كانت مشوبة ببعض الكبرياء، فقد عانت دوروثي- دون أن تعترف بذلك- الألم في كتابتها وكان لديها آراء حول طبيعته:”لا أعتبر الباحثين أفضل الكتّاب (أعني في كتابة الرسائل، وقد يكونون كذلك في الكتب)… أرى أن كل الرسائل يجب أن تتمتع بالحرية والسهولة لأنها حديث المرء”. كانت تتفق مع عم عجوز لها رمى دواة الحبر على رأس سكرتيره لأنه استخدم (وضع قلمًا على الورقة) بدلًا من قول (كتب) ببساطة، ورغم ذلك فقد كانت ترى أن هنالك حدودًا لهذه الحرية والسهولة: “… فالكثير من الأمور التي تختلط معًا” يفضل قولها على كتابتها في رسالة. وهكذا نأتي إلى شكل من الأدب – إن سمحت لنا دوروثي أوزبورن بتسميته كذلك- مختلف عن غيره، والذي ندمنا كثيرًا اليوم لضياعه منا إلى الأبد، كما يبدو.
تقدم دوروثي أوزبورن، وهي تملأ ورقاتها الرائعة قرب فراش والدها أو بجانب زاوية الموقد، تصويرًا للحياة، وقورًا ولعوبًا، جادًا وحميميًا، لجمهور من شخص واحد، لكنه جمهور متأنق، كما لا يمكن لروائي ولا مؤرخ أن يفعل. فقد كان من شأنها إبقاء حبيبها على اطلاع بما يحدث في بيتها، فلا بد أن ترسم السيد الجليل جوستنيان إيشام – الذي تدعوه السير سولمون إيشام- الأرمل المغرور والد البنات الأربع وصاحب المنزل الكبير في نورثمبتونشاير الذي يطمح للزواج بها، تقول:”يا إلهي! سأعطي أي شيء مقابل الحصول على رسالة من رسائله اللاتينية لأرسلها لك” يصفها فيها لصديق من أكسفورد ويثني عليها تحديدًا:”بأنها يمكن أن تكون رفيقة ومحاوِرة”. و لا بد أن تصور نسيبها مول المعتل الصحة الذي استيقظ ذات صباح فزعًا من الإصابة بالاستسقاء فأسرع لزيارة الطبيب في كامبريدج. كما سترسم صورة لنفسها وهي تتجول في الحديقة ليلًا وتستنشق الياسمين، “ورغم ذلك لم أكن مسرورة” لأن تمبل ليس معها. كانت تكتب أي إشاعات تسمعها لتسلية حبيبها، فالسيدة سندرلاند مثلًا قد تعطفت ووافقت على الزواج بالسيد سميث العادي الذي يعاملها كأميرة، ويعتقد السيد جوستنيان أنها مثال سيء للزوجات، غير أن السيدة سندرلاند تخبر الجميع أنها تزوجته شفقة به، “وكان هذا الأمر الأكثر إثارة للشفقة سمعته في حياتي” كما تقول دوروثي. وسرعان ما نعرف ما يكفي عن أصدقائها كلهم ونتلقف بلهفة أي إضافة إلى الصورة التي تتشكل في أذهاننا.
في الحقيقة ينبع رأينا عن القرن السابع عشر بأنه الأكثر جاذبية من تقطع أحداثه، فالسيد جوستانيان والسيدة ديانا والسيد سميث وكونتيسته يجيئون ويذهبون، ولا نعرف أبدًا إن كنا سنسمع أخبارهم ثانية. لكن مع كل هذه العشوائية تحفظ الرسائل – مثل رسائل كتابها الموهوبين- استمراريتها، وتجعلنا نشعر أننا نجلس في عمق عقل دوروثي وفي قلب الموكب الذي يكشف نفسه صفحة تلو صفحة أثناء قراءتنا. لأنها تملك الموهبة التي تعد الأهم في كتابة الرسائل من الذكاء والكياسة والفطنة مع العظماء. ولأنها تعبر عن ذاتها دون جهد أو تأكيد فهي تبعد كل تلك الاحتمالات وتنهيها بإظهار شخصيتها بانسياب، لقد كانت شخصية جذابة وغريبة معًا، ونقترب من التواصل معها عبارة إثر أخرى. كانت تملك أثرًا بسيطًا من ميزات النساء في عصرها، فهي لا تتحدث عن الخياطة أو الخبز لأنها كسولة بطبعها. كانت تطلع على الأدب الرومانسي الفرنسي الضخم، وتتجول في الأنحاء وتطوف لسماع أغاني بائعات الحليب، وتمشي في الحديقة على ضفة النهر الصغير “حيث أجلس وأتمنى أن تكون معي هنا”. كانت تميل للجلوس بصمت مع الأصدقاء قرب النار إلى أن يتحدث أحدهم عن الطيران فيوقظها ربما، وتثير ضحك أخيها حين تسأله عما كانوا يقولون عن الطيران لأن الفكرة قد أعجبتها، ول أمكنها الطيران لطارت مع تمبل. كان الوقار والكآبة يسريان في دمها، وكانت تبدو كما اعتادت أمها أن تصفها كما لو كان كل أصدقائها موتى. كانت مثقلة بحس الثروة وطغيانها وتفاهة الأمور وعبث المساعي. وكانت أمها وأختها امرأتين متجهمتين أيضًا، واشتهرت أختها بالرسائل لكنها كانت مولعة بالكتب أكثر من الأصدقاء، و”اعتبرت الأم حكيمة مثل أكثر النساء في إنجلترا” لكنها ساخرة. تتذكر دوروثي قول أمها: “لقد عشت حتى وجدت أنه من المستحيل اعتبار الناس أسوأ مما هم عليه وكذلك ستفعلين أنت”. تعين على دوروثي، لمعالجة طحالها، أن تذهب إلى الآبار في إبسوم وأن تشرب الماء الذي يطفو فيه الفولاذ.
كان حس الدعابة لديها بمزاجها هذا يأخذ شكل السخرية أكثر من الظرافة. كانت تحب تقليد حبيبها وسكب شيء من المزاح حول الخيلاء وشعائر الوجود، والسخرية من الأصل النبيل، كما أن الرجال البدينين من كبار السن كانوا مادة جيدة لسخريتها. كانت تضحكها الموعظة المملة. كانت فطنة في الحفلات وفي المواعظ وفي الحياة والعرض، غير أنها برغم كل هذا الإدراك إلا أن هنالك شيء لم تنجح فيه. وقد أصيبت بالفزع والنكوص الذي لم يكن منطقيًا مع سخافة العالم. فقد أثار تدخل العمات وطغيان الأخوة حنقها فتقول: “أود العيش في شجرة مجوفة لأتحاشاهم”. كان تقبيل الرجل لزوجته علنًا بالنسبة لها” منظرًا مؤذيًا لا يرغب المرء برؤيته”. ورغم أنها لم تعد تكترث إن كان الناس يمتدحون جمالها أو ذكاءها، “أو انهم يظنون اسمي إليز أو دور”، إلا أنها كانت ترتعد خوفًا من الإشاعات حول سلوكها، ولهذا حين يستدعي الأمر الاعتراف على الملأ أنها أحبت رجلًا فقيرًا وأنها تستعد للزواج به فإنها لن تفعل. فقد كتبت:”أعترف أنني أتمتع بمزاج لن يجعلني عرضة لازدراء الناس”، بل كانت ستشعر” بالرضا ضمن نطاق ضيق كالذي يعيش فيه أي شخص من طبقتي”، إلا أن التهكم أمر لم تكن لتتهاون فيه أبدًا. كانت تتراجع عن أي تهور قد يجلب إدانة العالم لها، لقد كان ضعفًا تعين على تمبل أن يقرعها عليه أحيانًا.
كانت شخصية تمبل تتضح أكثر وأكثر بمضي الرسائل، وهذا يثبت موهبة دوروثي ككاتبة رسائل، فكاتب الرسائل الجيد يظهر شخصية القارئ على الطرف الآخر، بحيث يمكن من خلال القراءة لأحدهما تخيل الشخص الآخر. عندما تجادل وتناقش كنا نسمع تمبل بوضوح تقريبًا كما نسمع دوروثي نفسها، وكان هو على النقيض منها بأشكال عديدة. كان يخلصها من كآبتها بتفنيدها، ويجعلها تدافع عن كرهها للزواج بمعارضته. كان تمبل الأكثرإيجابية وقوة بينهما، ومع ذلك كان هنالك أمر- ربما قليل من القسوة أو قليل من الزهو- برر كره أخيها له، كان يسمي تمبل “الرجل الأكثر كِبرًا وتحكمًا وحقارة وسوء طبيعة على الإطلاق”، لكن تمبل في عيني دوروثي كان يملك صفات لا يتمتع بها أي من خاطبيها، فهو ليس مجرد رجل إقطاعي نبيل أو قاضٍ بدين زير نساء يتودد لكل امرأة يراها، ولا سيد كثير السفر، لأنه لم يكن أيًا من هؤلاء، فلم تكن دوروثي بكشفها السريع للسخفاء لتقبل به. كان بالنسبة لها يتمتع ببعض الفتنة وبعض العطف الذي يفتقر إليه الآخرون، لذا كانت تكتب له ما يخطر ببالها مهما كان ذلك، لقد كانت في أفضل حالاتها معه لأنها أحبته واحترمته. لكنها مع ذلك قررت على نحو مفاجئ أنها لن تتزوج به، وتحولت إلى معارضة عنيفة للزواج واستشهدت بزواجات فاشلة. كانت تظن انه لو أتيحت الفرصة للناس لمعرفة بعضهم بعضًا قبل الزواج فسيكون ذلك نهاية له. إن الشغف هو الحاسة الأكثر استبدادًا وحمقًا بين حواسنا، فهو الذي جعل السيدة بلونت “حديث كل الخدم وفتية الشارع”، كما كان سبب دمار السيدة إيزابيلا الجميلة، وما نفع جمالها إن كانت قد “تزوجت بذلك الوحش وكل عقاراته”؟ بعد أن شعرت بالتمزق بسبب غضب أخيها وغيرة تمبل وخوفها من السخرية، لم تتمن شيئًا سوى أن تترك لتجد قبرًا هادئًا وقريبًا. كان استحواذ تمبل على هواجسها وتجاهله معارضة أخيها عائدًا بشكل كبير لشخصيته، ومع ذلك كان تصرفًا لا يمكننا إلا أن نستهجنه. حين تزوجت بتمبل لم تعد تكتب له الرسائل، وتوقفت المراسلات على الفور. لقد انطفأ العالم كله الذي خلقته دوروثي، وعندها ندرك كيف أصبح العالم مدورً ومكتظًا ومؤثرًا. تحت دفء تأثيرها على تمبل، اختفت الصلابة من كتابتها، كانت تكتب نصف نائمة قرب فراش والدها منتزعة ظهر رسالة قديمة لتكتب عليه، وبدأت تكتب ببساطة رغم تمتعها دومًا بالوقار المناسب لذلك العصر عن السيدة ديانا وإيشام والعمات والأعمام، في رواحهم وغدوهم وأحاديثهم، إن كانوا مملين أو مضحكين أو ساحرين أو كما هم في العادة. وعلاوة على ذلك، اقترحت أن تكتب آراءها لتمبل، وعن العلاقات الأعمق والمزاجات الأكثر خصوصية التي تمنح حياتها الصراع والسلوى، طغيان أخيها، مزاجيتها الخاصة وكآبتها، عذوبة السير ليلًا في الحديقة، عن الجلوس قرب النهر تائهة الفكر، وعن لهفتها للرسائل ووصول واحدة. كل هذا كان حولنا، كنا في عمق هذا العالم نستحوذ على لمحاته وإيحاءاته حين ينمحي المشهد في لحظة. تتزوج دوروثي ويكون زوجها دبلوماسيًا ناشئًا، ويتعين عليها أن تدير أملاكه في بروكسل وفي لاهاي وفي كل مكان يستدعى إليه. ولد لها سبعة أطفال وسبعة ماتوا” في المهد”، ووقعت المسؤوليات والواجبات الكثيرة على عاتق الفتاة التي كانت تسخر من البهرجة والرسميات والتي احبت الخصوصية وتاقت إلى العيش بمنأى عن العالم و”أن نكبر معًا في كوخنا الصغير”. أصبحت سيدة في منزل زوجها في لاهاي بمائدته ذات الأطباق الرائعة، كما كنت أمينة أسراره في الكثير من مشاكل مهنته الشاقة، وظلت تدعمه في لندن ليفاوض حول إمكان دفع راتبه المتأخر، وحين حرق يختها تصرفت بشجاعة أكبر من القبطان نفسه كما قال الملك. كانت كل شيء يمكن لزوجة سفير أن تكونه، وكانت أيضًا كل شيء يمكن أن تكون زوجة رجل متقاعد من الخدمة العامة. نزلت بهما النوائب، فقد توفيت ابنة لهما وملأ ابن لهما – ربما ورث الكآبة عن أمه- حذاءه بالأحجار وقفز في نهر التايمز. وهكذا مرت السنوات، حافلة ونشطة ومرهقة، لكن دوروثي احتفظت بصمتها.
في النهاية، جاء شاب غريب إلى مور بارك ليكون سكرتير زوجها. كان صعبًا وسيء الطبع وسريعًا في الشعور بالإهانة، لكننا استطعنا رؤية دوروثي عبر عيني سويفت مرة أخرى في السنوات الأخيرة من حياتها، ويسميها سويفت “دوروثي الدمثة المسالمة الحكيمة الرائعة”، لكن الضوء يسلط على شبح، فنحن لا نعرف هذه السيدة الصامتة، ولا يمكننا أن نربطها بعد كل هذه السنوات بتلك الفتاة التي بثت عواطفها لحبيبها. فهي لم تكن “مسالمة وحكيمة ورائعة” حين رأيناها آخر مرة. ورغم أننا نقدر هذه السفيرة الجذابة التي جعلت مهنة زوجها مهنتها أيضًا، إلا أننا نود في لحظات أن نقايض كل مزايا التحالف الثلاثي[v] وأمجاد معاهدة نايميخن[vi] مقابل رسائل دوروثي التي لم تكتبها.
– السير إدموند جوس: (1849- 1928) شاعر وناقد إنجليزي.[i]
– جون دون: (1572- 1631) شاعر إنجليزي.[ii]
– جيمس بوسويل: (1740- 1795) محامي وصحفي اسكتلندي.[iii]
– هوراس والبول: (1717- 1797) سياسي وأديب إنجليزي.[iv]
– تحالف بين ألمانيا والنمسا والمجر دام من 1882 إلى الحرب العالمية الأولى.[v]
– سلسلة معاهدات وقعت في المدينة الهولندية نايميخن بين 1678-1679 وأنهت عدة حروب بين فرنسا وأسبانيا والدانمارك.[vi]
___
*حكمة