*رضاب نهار
تتطرق الكاتبة الإماراتية تهاني الهاشمي في روايتها الجديدة الموسومة بـ”يا سلام” إلى بعض المفاهيم الجديدة التي فرضتها ظروف الحياة المتطورة والتي أدّت إلى خلق ظواهر غريبة غزت مجتمعاتنا.
تبدأ الهاشمي سرد روايتها، الصادرة حديثا عن دار مداد للنشر والتوزيع، والواقعة في 260 صفحة تقريبا من القطع المتوسط، من الإهداء ذاته، مقدمة منجزها الماثل بين أيدينا إلى عام القراءة 2016 وإلى شهداء الإمارات.
وإذ لفتت قبل الدخول في متن النص، إلى أن شخوص الرواية وأحداثها لا تمت للواقع بصلة، إلا أنها تصلح بالفعل، لأن تكون منا وإلينا. ففي صفحاتها الأولى، تشير إلى عبارة تلخص حيواتنا جميعا، فتقول “الحياة ليست ممرا قصيرا لنحياه بسلام ويسر، لكني أجدها مسرحا ضخما مليئا بالمشاهد الساخرة المثيرة للضحك، وتارة أخرى للاشمئزاز”.
كذلك تبين الهاشمي في روايتها أن دعوة صريحة إلى الكتابة وصلتها من خلال صفحة بيضاء متمردة أغرتها فأطاعت. وبينما كان البياض طهرا خشيت أن تلوّثه، استجابت فانسكب ماء اللغة وانتشى بحروف غريقا إغريقيا قديما، تطرب لسماعه الآذان والأجساد وربما الأرواح أيضا.
ومن الصفحة الأولى وصولا إلى الغلاف الأخير، لم تخف الهاشمي رغبتها في الروي والحكي عن فضاءاتها المتخيلة الممزوجة بروح الواقع؛ فتحدثت عن الحكاية بوصفها سليلة الليل تأتيها بين حلم وعلم، فكتبت “انبعاث الليل يحيي بي ولادات جديدة من الحلم والفكر. في طيات ستار الظلام تتساقط انهمارات الحكايات على كتوف الشوق وتتجلى متلألئة كحبات الندى في أولى خيوط الصبح وإشراقاته. ابتهالات ومناجاة تضجّ في فؤادي وروحي تستصرخني لأصارع انهزاماتي وتنادي بنصر.. أن انهضي بقوة وفخر وألا تشاوري في أمرك إنسيا أو حتى جنيا. وتبث متعرية من كل شيء سوى فكرة جليلة تدعو لنقطة بداية. هناك حيث شهدت الضوء يتجه نحوي في خطى بطيئة.. متثاقلة. إلى تلك الهالة ركضت وفي حضن انبهاري بها، ارتميت”.
جرأة الهاشمي في قلمها واضحة في جميع صفحاتها، وحتى في الموضوع الذي تتناوله. مع العلم أنها لم تكن في بصدد تقييمها، سواء كان سلبيا أم إيجابيا، واكتفت بطرحها كقصة حدثت ويمكن أن تحدث وتدعو في كل جوانبها إلى حالة من السلام الداخلي، لعله السبب الأساسي في السلام العالمي.
_________
*العرب