*سعيدة شريف وعزيز العرباوي
خاص ( ثقافات )
ما زالت مجلة “ذوات” الصادرة عن مؤسسة “مؤمنون بلا حدود” تفاجئ قارئها بمواضيعها الجيدة وملفاتها المثيرة والمتميزة على مستوى الإعداد والكتابة والبحث، وفي إطار تفاعلها المستمر مع قضايا الأمة وأحداث الساعة التي تثير حفيظة قارئها والمتتبع العربي وغير العربي عامة، خصصت مجلة “ذوات” الثقافية الإلكترونية الشهرية العربية، الصادرة عن مؤسسة “مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث” ملف عددها الفضي (25) لموضوع الإرهاب، الذي صار يؤرق المجتمعات العربية والغربية، وتحديدا إشكاليات مقاربته، وفسحت المجال للباحثين المتخصصين في المجال للكتابة في الموضوع من باب الإفادة، لأن ما نسمعه ونشاهده يوميا في القنوات الإذاعية والتلفزيونية، وما نقرأه في الوسائل الإعلامية المكتوبة والإلكترونية، كله تحاليل لمسؤولين أمنيين، وخبراء عسكريين، وفاعلين سياسيين بالأساس.
الإرهاب ظاهرة مركبة وآفة متشعبة، فقد أثبتت العديد من التجارب والمحاولات الصادة للإرهاب، والمعتمدة أساسا على المقاربة الأمنية، أن هذه المقاربة وحدها لا تكفي، بل هناك من رأى فيها شرعنة أخرى للإرهاب، وتدخلا في شؤون بعض الدول، كما حدث ويحدث مع العراق، وسوريا مثلا، بذريعة محاربة بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة.
وعلى الرغم من تعدد تعريفات الإرهاب، واختلاف التصورات والمرجعيات الأيديولوجية في تحديد مفهوم شامل له، فإن الواقع يبقى قائما لا يتغير، وحالة الخوف والذعر مستشرية في أغلب المجتمعات العربية والغربية، والتهديدات تتجاوز كل الحدود الجغرافية والثقافية، واحتمالات القيام بتفجيرات هنا وهناك قائمة على الدوام، ولا يراعي فيها مرتكبوها ولا الواقفون وراءها أدنى شروط الإنسانية، وحق الفرد والجماعة في العيش بأمان وسلام، والتنقل بكل حرية دون خوف، ولهذا نجد الكل يتساءل اليوم عن السبل المثلى للخروج من هذا الوضع المتأزم عالميا؟ وعن الطرق الكفيلة للقضاء على الإرهاب عبر العالم؟ وهل المقاربة الأمنية وحدها كافية، أم يجب الجمع فيها بين ما هو أمني وديني واجتماعي، كما يفعل المغرب بشهادة المتتبعين لموضوع الإرهاب؟
ويضم ملف العدد الفضي (25) من مجلة “ذوات” المعنون بـ “مواجهة الإرهاب وإشكالية المقاربة”، والذي أعده الباحث المغربي في الفكر الإسلامي المعاصر، الدكتور عبد الله إدالكوس، وقدم له بمقال بعنوان “في مقاربة الحرب ضد الإرهاب”، مقالا للباحث المغربي بجامعة غرناطة، سعيد الغازي، بعنوان “إشكالية التطرف الديني الإسلامي في إسبانيا: بين الاحتواء والمواجهة”، ومقال للكاتب والإعلامي الجزائري المهتم بالإسلام السياسي والفلسفة، حميد زناز، بعنوان “الحرب الإلكترونية ضد الجهاديين: فرنسا أنموذجا”، ومقال للباحث المغربي والناشط الحقوقي، محمد طيفوري، حول “المملكة المتحدة ومحاربة التطرف: مخاوف من انقلاب “محاربة التطرف” إلى “معاداة الإسلام””، ثم مقال آخر للباحث الجزائري في علم الاجتماع السياسي، الدكتور إزدارن فيصل، بعنوان “السياسات الأوروبية لمكافحة الإرهاب”. أما حوار الملف، فهو مع الباحث المغربي محمد اللويزي، المقيم بفرنسا، والعضو السابق في حركة التوحيد والإصلاح، وحزب العدالة والتنمية المغربيين، والرئيس السابق لجمعية الطلبة المسلمين بفرنسا فرع ليل، الذي استقال من كل مهامه، وغادر جماعة الإخوان المسلمين في أكتوبر (تشرين الأول) 2006، بسبب اختلافات فكرية عميقة مع أيديولوجيا ومؤسسات التنظيم الإخواني، وأصدر أخيرا كتابا مثيرا، هو عبارة عن سيرته الذاتية بالفرنسية بعنوان “لماذا غادرت الإخوان المسلمين، عودة مستنيرة نحو إسلام لا سياسي”.
وبالإضافة إلى الملف، يتضمن العدد 25 من مجلة “ذوات” أبوابا أخرى، منها باب “رأي ذوات”، ويضم ثلاثة مقالات: “انفصام الجمالي” للكاتب والباحث الفلسطيني أسامة عثمان، و”سؤال الحرية والتنمية من جديد..” للكاتب والباحث السوري نبيل علي صالح، و”خدعة الجماعة” للباحث والناقد التونسي عبد الدايم السلامي؛ ويشتمل باب “ثقافة وفنون” على مقالين: الأول للكاتب والناقد المغربي عبد المالك أشهبون بعنوان “الحيرة الكبرى للراهب المسيحي: قراءة ثقافية في رواية “عزازيل” ليوسف زيدان”، والثاني للكاتب والناقد العراقي رسول محمد رسول بعنوان “أرخنة التفكُّر الفلسفي في العراق: الراوي والرفاعي يفتحان خزائن المسكوت عنه”.
ويقدم باب “حوار ذوات” لقاء مع الكاتب والباحث المغربي المتخصص في التواصل وتحليل الخطاب، أحمد العاقد، أنجزه الدكتور والباحث المغربي عبد السلام شرماط. ويقترح “بورتريه ذوات” لهذا العدد صورة للمترجم العربي المبدع صالح علماني، ذي الأصول الفلسطينية، الذي أخلص لفعل الترجمة، وكرس حياته لترجمة الأدب المكتوب باللغة الإسبانية، البورتريه من إنجاز الإعلامية الأردنية منى شكري. وفي باب “سؤال ذوات”، يسائل الإعلامي المغربي المهدي حميش مجموعة من الباحثين العرب حول الديمقراطية في الوطن العربي، هل هي وهم أم حقيقة؟ فيما يقدم الباحث التربوي المغربي محمد حمدي في باب “تربية وتعليم”، مقالا حول “ضجيج المتعلمين والمتعلمات داخل حجرة الدراسة وظاهرة الغش المدرسي”.
وتقدم الكاتبة والأكاديمية المصرية هويدا صالح، قراءة في كتاب “طبائع الاستبداد.. ومصارع الاستعباد” لعبد الرحمن الكواكبي، الذي ما زال يحتفظ براهنيته، وذلك في باب “كتب”، والذي يتضمن أيضاً تقديماً لبعض الإصدارات الجديدة لمؤسسة “مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث”، إضافة إلى لغة الأرقام، والمتضمن لتقرير عن العرب في مؤشر السعادة العالمي، الذي أعدته “شبكة المبادرة الدولية لحلول التنمية المستدامة” التابعة للأمم المتحدة.