السحر لدى المرأة: اعتقاد ثقافي أم ممارسة تقاوم الشرط النسوي؟


*عبد الهادي أعراب


يسود الاعتقاد أنّ المرأة أكثر ارتباطًا بالسحر من الرجل[1]، وهو ما ذهبت إليه مجموعة من الأبحاث والدراسات المقارنة، على اعتبار أنّه ظاهرة عرفتها مجتمعات عديدة، “البدائية” منها أو المتقدمة في الحضارة، أما عن أسباب هذا الربط فالإجابات تختلف، إلا أنّها عمومًا تتركز حول هشاشة مكانة المرأة وإقصائها الاجتماعي والثقافي. من هنا نستطيع أن نؤكد أنّ السحر ليس مجرد اعتقاد في تحويل الأشياء أو التأثير فيها أو تغيير في طبائعها، وإنّما هو قبل كل شيء، حاجة اجتماعية وثقافية ونفسية، يجد الفرد في الإقبال عليه أو ممارسته في حالة “سحر المرأة”، الحماية الإيمانية والواقعية أيضًا. فالشعور بالحرمان والعجز عن مواجهة واقعه الاجتماعي وضغوطه المختلفة[2]، يدفعان هذا الفرد إلى الاستسلام للمعتقدات السحرية وممارساتها العملية، لما يلفيه فيها من قوة على تخفيف آلامه وتجديد آماله وتعزيز قدراته على مواصلة الحياة[3]. فكلما تضخم إحساسه بالعجز، ابتعد عن التعامل بواقعية مع حياته وهرب بالمقابل إلى ما أسماه هشام شرابي “عقلانية السحر” من حيث هي عقلانية مشوهة[4]. إلا أنّها “عقلانية” تسهل عليه مواجهة الواقع وتجعله مستساغًا؛ وبهذا يمثل السحر نوعًا من الاحتماء التأميني للمستقبل الهش، ما دام يقوم في العمق على مبدأ الجبروت الذي يحطم القيود[5]. فإلى أي حد يمكن أن يكون وضع النساء دافعًا إلى إقبالهم على السحر اعتقادًا وممارسةً؟
الشرط النسوي دافع إلى الاحتماء بالسحر
تشير دراسات مختلفة أنّ النساء بسبب عوامل عديدة، منها ضعفهن الاقتصادي وعجزهن عن تحقيق رغباتهن وضغط الخوف من المستقبل يعشن حالة من اللااطمئنان[6] ويصرن أكثر خوفًا من الجن وأكثر اعتقادًا في قدراته السحرية، لكنّ باحثًا من حجم “إدوار فسترمارك” (E.Westermarck)، يرى أنّ ما يربط المرأة بالجن هو الدم[7]؛ على أنّ تفضيل هذه الكائنات لمنابع المياه[8]والمواقد النارية التقليدية[9] حيث تعمل المرأة وتوجد باستمرار، يجعلها عمليًّا أكثر عرضةً للإصابة بأذاها. وللحيلولة دون ذلك، ثمة وسائل كثيرة منها مثلاً، إشعال الشموع واستعمال الملح والحديد، أو إحراق أبخرة خاصة، بالإضافة إلى روائح معينة كالإسفلت ومشتقاته أو الحناء[10]. فضلاً عن أنّ إراقة دم أضحية أو ذبيحة يعتبر إجراءً ناجعًا لتجنب أذى الجن، ولهذا يعمد المغاربة عمومًا إلى ذبح ذبائح في المناسبات والأعراس وأثناء اقتناء منزل أو بنائه؛ هنا تتحول هذه الذبيحة إلى “عار” يتم تقديمه لتفادي شر الجن[11]؛ وتبقى أفضل وسيلة لطرد هذه الكائنات، هي سور القرآن وآياته المقدسة[12] التي تحملها تمائم “الفقيه” باعتبارها تجسيدًا لكلمات الله وأسمائه؛ ولأنّ الجنّيّ يخشى الله، فإنّه سيخشى حتمًا سلطة “الفقيه” المستمدة من كتاب الله[13].
إلى جانب هذه التفسيرات، تتصور المرأة عمومًا كائنًا بعيدًا عن القداسة[14]، وهو إبعاد يتضاعف في دورات الطمث والنفاس[15]، وبموجبه تعاني من تقسيم جنسي عنيف داخل الفضاء الاجتماعي والجغرافي، حيث لا تسمح لها الثقافة المجتمعية الذكورية إلا بمجال البيت وما يجاوره، داخل نظام صارم للشرف توجهه قيم الحياء والعرض التي تحاصر حركتها المجالية وتعرض جسدها للمراقبة الدائمة[16]. وتحتفظ الثقافة المجتمعية ذاتها، بالوجه السلبي للمرأة فقط، ممثلاً في النماذج الآتية: (المرأة الشبقية – المرأة الغاوية – المرأة اللعوب – المرأة الخائنة – العجوز الساحرة – الحماة الشريرة[17]…)، إنّها الصور التي تلخصها أشعار “عبد الرحمان المجذوب” والتي تجد انتشارًا كبيرًا في الأوساط الشعبية كصنف من التنشئة العميقة والمعطوبة تجاه النساء، وهي أشعار يعدّها الأفراد نصائح وحِكَمًا ثمينة للرجل تحذره من المرأة وتدفعه في اتجاه سحب ثقته منها، بالرغم من أنّها ترجع تاريخيًّا إلى مغرب القرن السادس عشر[18]. ويجد هذا الخطاب في رواة الحلقة أو القصّاص – الذين يقصدهم الأفراد في الأسواق الأسبوعية والساحات العمومية – وفي الحكايات التي يروونها ما يضمن له فرص الانتشار والاستمرارية؛ وهو خطاب قد يستند إلى شرعية دينية تؤسسها آيات قرآنية عديدة، أشهرها تلك التي تصور قصة النبي يوسف مع زوجة العزيز وتحالف كل من الشيطان والمرأة لغواية الرجل العابد/يوسف، الذي استطاع أن يقاوم شبقيتها وإغواءها.
ولأنّ المرأة تعاني أكثر مما يمكن أن يعانيه الرجل[19] وتمارس عليها كل أشكال الهيمنة الاجتماعية والسياسية والقانونية[20]، فإنّها سرعان ما توجه إحساسها بالقهر إلى سلوك انتقامي من الزوج ومن المجتمع ومن نفسها أيضًا، فالحماة والعجوز عمومًا، تتحول إلى كائن “مسترجل” تستجمع كل سنوات الحرمان والقهر التي عانت فيها وهي فتاة ثم وهي زوجة شابة، لتتبوأ مكانةً سلطويةً متأخرةً منتقمةً من بنات جنسها (زوجات الأبناء) وغانمةً من امتيازات وضعها الجديد[21]. ويسود الاعتقاد أنّ المرأة المسنة/العجوز أكثر خبرةً وممارسةً للسحر؛ وقد توقف “فسترمارك” عند هذه الملاحظة بوصفها مفارقةً تسم المجتمع المغربي، لأنّه في الوقت الذي يحترم فيه الشيوخ والمسنون تستثنى من ذلك النساء، فكلما شاخ الرجل حظي باحترام أكبر، بوصفه صاحب تجربة وحكمة داخل الجماعة، بينما كلما تقدمت المرأة في السن، صارت مؤهلةً وفقًا للاعتقاد السائد لأن تتحول إلى ساحرة[22] .
وفي مستوى مواز للأول ومفسر له، نؤكد أنّه كلما ازداد خوف الرجل من المرأة ازداد قمعه لها، من هنا فهو خوف مزدوج، خوف من طاقتها الجنسية الجامحة ويتم تبريره بمفهوم الشرف والتمسك بذريعة العرض، وفي جزء آخر خوف من ممارستها السحرية الشريرة. أما عن المرأة نفسها فكلما ازداد حصار الرجل لها لجأت إلى السحر كسلطة خفية لمواجهة واقعها المضطرب أو لاسترجاع ما ضاع منها في العلن بكيفية سرية؛ وهكذا فإنّ السحر سواء للعلاج أو الانتقام..، يوفر لها قوة جديدة تمكنها من إعادة الاعتبار لذاتها سرًّا، كما يوفر لها سلطة رمزية تجابه بها سلطة الرجل[23] وقهر المجتمع على السواء. فالصراع بين الرجل والمرأة، يجد جذوره الاجتماعية والثقافية في طبيعة التنشئة الاجتماعية التقليدية التي تقوّي دور الأول وأهميته، بينما تهمش المرأة وتربط الأنوثة بشكل عام بكافة معاني الطاعة والضعف والصمت. في هذا السياق، تتقوى علاقة الصراع بين الجنسين إذ يتصور كل منهما الآخر، عدوًّا وخصمًا، لأنّ الذكر يُنَشَّأ على احتقار الأنثى وازدرائها وتبخيس أعمالها وإنجازاتها، أما الأنثى فتبادل ازدراءه، بسلوك “الكيد” وعدم الثقة والتخوين.
وصفات من المطبخ السحري النسوي
يمثل المطبخ إضافة إلى دوره الغذائي والبيولوجي المعمل التجريبي لسحر المرأة، ففيه تعد وصفاتها العلاجية والسحرية البسيطة والمكونة عادة من الأعشاب التي يتم جمعها والاحتفاظ بها في البيوت، منها مثلاً: (الشيح، الزعتر، الكمون، الكروية، العرعار، …) وقد تضاف إليها بعض المعادن (الملح، اليطرون، الشبة) وبعض المواد الحيوانية الخاصة (دم القنفذ، ومخ الضبع، الحرباء، الهدهد، لسان الحمار، مرارة الكبش (أضحية العيد ودمها)[24]).
ومن أهم الوصفات السحرية التي راكمتها المرأة المغربية مثلاً عبر التاريخ، وصفة “التوكال”[25] التي تستغلها كوسيلة للانتقام أو الدفاع عن النفس، سواء من الزوج أو الرجل بصفة عامة، أو من أي خصم منافس لها، بما في ذلك امرأة أخرى من جنسها. ويُعتقد أنّها وصفة تحوّل الرجل إلى كائن وديع يطيع زوجته[26] وينحني لرغباتها ويذعن لقراراتها، وهي وصفة سهلة وفي متناول أي امرأة للدفاع عن نفسها أو استرداد حقوقها التي لا تستطيع الحصول عليها بالوسائل القانونية أو بالخضوع للقيم المجتمعية الذكورية.
إلى جانب هذه الوصفة، تحتفظ المرأة عادة داخل مطبخها، بمواد أخرى تستعملها لأغراض علاجية أو وقائية ضد الأخطار السحرية العديدة، نذكر منها أصنافًا مختلفة من الأبخرة[27] الشائعة مثل (الكبريت – الشب – الملح – الرصاص – الحديد – الزئبق – القطران …الخ) وهي مواد يعتقد أنّ إحراقها واستنشاق روائحها يدفع الكثير من الأمراض التي مصدرها السحر أو الجن. ولأنّ سحر المرأة بوصفاته المختلفة[28]، يكاد يكون سحرًا دفاعيًّا تمارسه إما دفاعًا عن نفسها زوجة أو عشيقة أو أمّا، فمن النماذج المشهورة لهذا الصنف وأبسطها أيضًا، ما يعرف بـ “التفوسيخة” وهي بدورها تُنجَز بطرائق عديدة نذكر منها:
أولاً: تأخذ ملح الحجر “الملحة الحية” وتوضع في إناء حتى تتحلل، ثم ترش بالمحلول عتبة البيت أو المنزل أو أي مكان تريد حمايته؛ وقد تضيف إليه مادة اليطرون، والعرعار أو الحلبة.
ثانيًا: تأخذ بخورًا خاصًّا يعرف بـ “الفاسوخ” وهو بخور يتضمن موادّ خاصة، تجلبه من العطار وعند الضرورة، تكتفي بإحراق قطع من مطاط العجلات، وأحيانًا أخرى تستعمل بولها مادةً لإبطال أي عمل سحري تخشى خطره.
ثالثًا: تعمد المرأة إلى وضع بيضة حمامة في مبخرة ثم تجعل المبخرة بين رجليها وهي واقفة مدة من الزمن، حتى تتكسر البيضة بفعل الحرارة. وكما تكسرت البيضة فاقدة محتوياتها، يفقد العمل السحري مفعوله!
رابعًا: لحماية الرضيع تحديدًا من أذى سحري خاص يعرف بـ “الصرّة”[29]، تلجأ الأم أو الجدة إلى طرائق كثيرة منها البخور، كالحرمل، كما يتم الاحتفاظ بشعر رأس المولود حينما يتم الأربعين يومًا ويضاف إليه الكبريت ويجعل في حجاب خاص يعلقه الرضيع.
ومن أشكال السحر الدفاعي الذي تمارسه المرأة أيضًا سحر المحبة وطرقه مختلفة منها مثلاً: “تأتي المرأة بمنجل وسن محراث وفأس رجل ميت، وتضع الجميع فوق نار الفحم حتى تتحول هذه القطع الحديدية إلى جمر، بعد ذلك تضعها في آنية تحتوي على ماء سبعة آبار ثم تصب هذا الماء على سائر جسدها”. ولتأبيد الحرارة الزوجية منذ اليوم الأول للزواج، ثمة وصفة سحرية خاصة تمارسها النساء القرويات صباح ليلة الزفاف بأن “تعمد إحدى قريبات العروس ولعلها أمها إلى إعداد طبق من الحساء (الحريرة) إلا أنّه حساء مختلف، فقبل تقديمه إلى العريس تأتي بدجاجة حاضنة فتضعها مباشرة في القدر الذي طهي به الحساء، بعد أن تكون درجة حرارته قد انخفضت، ثم تعيد مرة أخرى الدجاجة إلى بيضها”. ويسود الاعتقاد أنّ هذا الطقس السحري، يحول الزوج إلى رجل وديع رؤوف ببيته وأهله، تمامًا كما ترأف الدجاجة الحاضنة بكتاكيتها.
على أنّ أكثر أصناف سحر المرأة شهرة وقوة، وصفة تعتمد مني الرجل، وتعرف بأسماء كثيرة تبعًا للاصطلاحات المغربية الجهوية (الخرقة – الزيف – الكتّانة – الشّرويطة…) وكلها مرادفات للمنديل الخاص الذي يمسح به مني الجماع (بين الزوج وزوجته) أو مني الممارسة الجنسية عمومًا (بين رجل وامرأة). ترتكز هذه الوصفة على قطعة الثوب/المنديل بوصفها النواة الأساسية للعمل السحري، وتضاف إليها مجموعة من الأعشاب تقتنى من العطار، تعرف بـ “عشوب الخرقة” وبهذا يصبح مني الرجل المادة التي تسعف المرأة للتحكم في قوته سحريًّا، إما بتعطيل ذكورته (الثقاف) أو الحد من سيطرته أو لاسترجاعه وتعميق علاقته بها وتحبيبه فيها. كما توظف هذه الوصفة لعقد ذكورة الرجل لا رجولته كما هو الحال في وصفة “التوكال”، بأن تأخذ مني الرجل المستهدف أو المنديل الذي يحتوي منيه، ثم تخلطه مع مواد خاصة تستعمل مع جثة الميت وتدعى “حنوط الميت”، ثم تدفن المنديل في مقبرة، إلا أنّ الميت في هذا الطقس يصبح هو ذكورة الرجل ونشاطه القضيبي.
وبعيدًا عن وصفة المنديل، فإنّ طرق العقد (الثقاف) كثيرة وسهلة التطبيق، وأكثرها شهرةً تلك التي ترافق حفل العرس، إذ يكفي أن تعمد المرأة التي تريد أن تنتقم من العريس أو العروسة على السواء، إلى حمل علبة أو قفل وتنادي على العريس باسمه، فإن استجاب لندائها أقفلت العلبة أو القفل وتلت تعزيمًا خاصًّا، لتقفل بذلك ذكورة العريس ويخفق في مهمته ساعة “الدخلة” لاستحالة الانتصاب[30]. لهذه الأسباب يعيش أهل العريس، تخوفًا كبيرًا طيلة حفل الزفاف وقبله، وهو خوف يزداد ضغطه النفسي على العريس تحديدًا، إذ يخشى أن يتعرض لسحر العقد فتهتز ذكورته ورجولته معًا، في حضور من الأهل والأقارب والمدعوين. فالرجل يتخوف من الممارسة السحرية للمرأة، لأنّه يدرك في سياق الثقافة المجتمعية التي تشرّبها والتنشئة الاجتماعية التي تلقاها، أنّ السحر وسيلتها للانتقام من ذكورته ورجولته أيضًا. لذلك يزداد اعتراض الأزواج على حرية الحركة المجالية لزوجاتهم، أو يشوبها ارتياب كبير مخافة ارتياد فقيه أو ساحر. أما عن الممارسة السحرية التي تقوم بها المرأة (سحر النساء) فيلفها تكتم أكبر، وعادة ما يتم إنجازها في غفلة من مجتمع الرجال؛ وبالرغم من الإحراج الذي يطبع زيارة النساء للساحر، خصوصًا بالنسبة إلى حديثات السن منهن (العازبات والمتزوجات على حد سواء) فإنّهن عمليًّا أكثر زبائنه، لكن من خلال وساطة نساء عجائز. فوحدها المرأة المسنة، تستطيع أن تتجاوز الرقابة الذكورية بزيارته، لكن من اللافت للانتباه حقيقة، أنّها تصبح وسيطًا أساسيًّا للرجال أيضًا، وليس فقط لنساء من بنات جنسها؛ فالرجل أكثر إحراجًا من المرأة في التعامل مع الساحر لأغراض خاصة، بل إنّ زيارته بهذا القصد تمس بسمعته داخل مجتمع الرجال وتقرّبه من وضعية المرأة “المرا” بما يختزنه هذا المفهوم من معاني الدونية.
وختامًا
نستطيع أن نؤكد أنّ المرأة تعتمد بشكل كبير على ممارسات سحرية مختلفة لمواجهة المشاكل اليومية التي تعترضها، أو حينما تحس بأدنى تعب أو كلما توهمت وجود ألم عضوي أو نفسي مصدره عمل سحري أو عين شريرة، تدفعها إلى ذلك كله مشروطيات مختلفة، بيولوجية واقتصادية واجتماعية وثقافية. في هذا السياق، استطاعت من خلال تجاربها الشخصية وتجارب نساء أخريات، أن تبلور لنفسها ممارسة سحرية خاصة بها تعرف بـ “سحر المرأة” تمتح من المطبخ أدواتها الأولية مرورًا بغرفة النوم، وصولاً إلى الوصفات التي تستدعي الاستعانة بالعشاب والعطار وتلاوة تعازيم معقدة، وبالضد من ذلك كله، ما زال الحس المشترك يتصور أنّ سحر النساء جزء من مكرهنّ ودهائهنّ لأنّه يفوق سحر الساحر ويهزمه، أفليس المثل المغربي يعتبر أنّ ما تفعله المرأة لا يستطيع الشيطان نفسه أن يأتي نظيره: (اللي يديرو الشيطان في عام، تديرو المرا في ليلة)؟

[1] يؤكد Doutté أنّ إقصاء المرأة من القداسة، تجد تعويضًا عنه في متاخمة السحر الذي يصبح بالنسبة إليها عبارة عما أسماه “ديانة ذات طبيعة دونية “: إدموند دوتي “السحرة والعرافون بشمال إفريقيا”، : مجموعة مؤلفين، السحر من منظور إثنولوجي، ترجمة: محمد أسليم، مطبعة سيندي، مكناس، الطبعة الأولى، 1991، ص 68

[2] لا نقصد هنا أنً الأصل في السحر، عجز الإنسان وحرمانه فقط، طالما أنّه معتقد متجذر في تربة الفكر البشري وممارسة ثقافية لم تنفصل عن تاريخ وسلوك البشر، وإنّما نروم أنّ وضعية الحرمان والفقر والاضطهاد، تغذي هذا الاعتقاد وتقوي حاجة الفرد إليه واحتماءه به.

[3] إبراهيم بدران وسلوى الخماش، دراسات في العقلية العربية، الخرافة، دار الحقيقة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1988، ص 18

[4] هشام شرابي، مقدمات لدراسة المجتمع العربي، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الرابعة، 1991، ص ص 55، 56، 57

[5] مصطفى حجازي، سيكولوجية الإنسان المقهور، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1989، ص ص 159-160

[6] إبراهيم بدران وسلوى الخماش، م، س، ذ، ص 32

[7] E.Westermarck, Les Survivances Païennes, dans la Civilisation Mahometane, Payot, Paris, 1935, p.14

[8] لاحظ درمنغهم، أنّ للماء خاصيةً قداسيةً وسحريةً، لهذا ارتبطت الأماكن المقدسة كالأضرحة، بالآبار ومنابع المياه، وهي منابع سحرية تستعمل للعلاج أيضًا إما للشرب أو الاغتسال:

E. Dermenghem le Culte des Saints dans l’Islam Maghrébin, Gallimard, Paris, 1954, p. 143-144-145.

[9] E. Westermarck, op.cit, p. 14.

[10] إبراهيم بدران وسلوى الخماش، م.س، ص 3

[11] تعتبر الأضحية أو الذبيحة، وسيلةً للتقرب من الجن بقصد الشفاء، وفي الوقت نفسه، فهي طقس ضروري لتجنب أذاه وتخليص المصاب من شرّه:

Hassan Rachik, Sacré et Sacrifice dans le Haut-Atlas Marocain, Afrique Orient, 1990, p. 127.

[12] E. Westermarck, op.cit, p. 17.

[13] Saadia Radi, «Croyance et Référence, l’Utilisation de l’Islam par le Fqih et par la Suwafa à Khénifra (Maroc)»: L’annuaire de l’Afrique du Nord, XXXIII, éd. CNRS, 1994, p. 194.

ويذكر ابن خلدون أنّ النبي لما سحر وصار يتخيل أنّه يفعل الشيء ولا يفعله بعد أن جعل سحره في مشط ومشاقة وجف طلعة ودفن في بئر ذروان، أنزل الله قوله في المعوذتين: “ومن شر النفاثات في العقد”. وفي قصة موسى كان اسم الله هو السلاح الذي مكنه من هزم سحر سحرة فرعون: عبد الرحمان ابن خلدون، المقدمة، دار القلم، بيروت، الطبعة السابعة، 1989، ص ص 498 و502

[14] E. Westermarck, op.cit, p. 160.

[15] أنظر:

Fatima Hajjarabi «Femmes et changement social, quelques remarques sur le Rif»: Bourquia et Autres, femmes cultures et société au Maghreb, culture femme et famille I, Afrique Orient, 1996, p. 64.

[16]R. Bourquia “Habitat, Femmes et Honneur, le cas de quelques quartiers populaires d’Oujda”: Femmes, cultures et société …, op. cit, p. 25.

[17] انظر ما ذكره المختار الهراس، حول أهم التصورات التي يحتفظ بها المجتمع القروي عبر أمثال شعبية عن المرأة: المختار الهراس “بروز الفرد داخل العائلة في أنجرة: الهوية الاقتصادية وصراعات الجنس والأجيال”: دكتوراه الدولة في علم الاجتماع، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1995 – 2000، ص 205 و206 و207

[18] عبد الصمد الديالمي، المرأة والجنس في المغرب، دراسة سوسيوتحليلية، دار النشر المغربية، البيضاء، 1985، ص ص 59– 60

[19] من صور المعاناة والدونية التي تعانيهما المرأة، أنّ الثقافة المجتمعية تسوي بينها وبين الطفل الصغير سواء على مستوى التأديب أو التعامل، أو على مستوى الطهارة الجسدية… فكل منهما قاصر ينبغي تأديبه وكلاهما أيضًا بعيد عن الطهارة!:

Sossie Andezian «De l’Usage de la Dérision dans un Rituel de Pèlerinage»: Etude Marginal au Maghreb (collectif), éd. CNRS, Paris, 1993, p. 286.

[20] مصطفى حجازي، م.س.ذ، ص ص 208- 209

[21] F. Mernissi, Sexe, Idiologie et Islam, Tierce, Paris, 1983, p. 55-56-64.

[22] E.Westermarck, op.cit, p. 118.

[23] عز الدين الخطابي، سوسيولوجيا التقليد والحداثة بالمجتمع المغربي، ص 55

[24] أنظر: نادية بلحاج، م.س.ذ، ص ص 57-58

[25] علميا “التوكال” نوع من التسميم، تستعمل فيه بقايا حيوانات وأعشاب سامة ومواد قذرة (أظافر، بقايا الشعر، أوساخ، عظام الميت، المني، دم الحيض، قطرات من الدم، الزئبق، الصدأ، بيض الغول، الذبابة الهندية، شعر الفأر، بيض الحرباء…). أنظر: نادية بلحاج، م.س.ذ، ص 89. وقد لمسنا أنّ التوكال يستعمل في بعض الوصفات والأطعمة التي ترتفع فيها نسبة البهارات والتوابل، ومنها تحديدًا، طبق الكسكس، والحريرة وبعض المشروبات كالقهوة التقليدية التي تضاف إليها خلطة خاصة من الأعشاب.

[26] يتملك الرجلَ بالرغم من قوته وتسلطه وهيمنته الظاهرية داخل الأسرة، خوفٌ باطني عميق من المرأة وأكثر ما يخشاه منها، جانب ممارستها السحرية، طالما أنّها تستهدف رجولته وذكورته معًا. أنظر: F. Hajjarabi, op.cit, p. 60.

[27] نادية بلحاج، التطبيب والسحر في المغرب، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، الطبعة الأولى، 1986، ص 60

[28] يذهب عبد الفتاح الطوخي، إلى أنّ كتب السحر المؤلفة باللغة العربية، تتضمن وصفات سحرية تندرج ضمن “سحر النساء “، وهي تشمل تعازيم خاصة كما هو الحال بالنسبة “للشبشبات” في مصر.: عبد الفتاح الطوخي، سحر الكهان في حضور الجان، المكتبة الشعبية، بيروت، (د.ت)، ص ص 42-43

[29] وهو اعتقاد سحري مغربي، ينتشر في صفوف النساء، يرتبط اسمه “بالصرة” أي الحزمة الصغيرة التي تضم موادا سحرية، تحملها النساء اللائي يتعاطين السحر ويتوسلن بها لقضاء حوائجهن. ويسود الاعتقاد أنّه متى استنشق الرضيع رائحتها، فإنّه سيموت وفي أحسن الأحوال لن يتوقف عن الصراخ، إذ يتعرض لأذى يدعى “الشمّ” ومن نتائجه سوء التئام عظام الرأس وتشوهها.

[30] نادية بلحاج، م.س.ذ، ص 74
____
*مؤمنون بلا حدود

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *