شكسبير في ذكرى رحيله الـ 400: بين الأمانة لزمنه والانتماء للعصر




*سليم البيك


باريس –  قبل 400 عام، تحديداً في 23 إبريل/نيسان 1616، رحل الكاتب الأكثر انتشاراً في فنّه، المسرح والشعر، والأكثر تأثيراً في ما دونهما، في العلوم والفنون، من السيكولوجيا إلى السينما، وفي هذه الأخيرة، كان الإنكليزي وليم شيكسبير الكاتب الأكثر حضوراً، وكانت نصوصه الأكثر استحضاراً في نسخٍ سينمائية.

وإن كان للمسرح حضورٌ في السينما، فأساسه هو مسرح شيكسبير، كوميديا وتراجيديا، أكانت بتكييفات حديثة أو بنقل أمين لزمن المسرحية ومكانها، وبحكاية تذكّر بواحدة من مسرحياته أو بسيناريو مبني تماماً عليها.
هنالك من أشار إلى أكثر من 200 فيلم ناطق، وغيرها صامتة، حول العالم وبلغات عدّة، نقلت بشكل أو بآخر واحدة من مسرحيّات شيكسبير أو استوحت منها السيناريو. نحاول هنا الإشارة إلى ما يمكن أن تكون الأفضل من بينها كلّها، بغضّ النظر عن لغة الفيلم أو مدى الالتزام بالنّص الشيكسبيري، أو تكرار اسم المسرحيّة أو المخرج.
نبدأ من الفيلم الأحدث، «Macbeth» في 2015 للإنكليزي جستين كرزيل، وقد عُرض في مهرجان كان الأخير، وهو من بين الأفضل، إذ توفّق في الخلط بين الشّاعرية والدمويّة، حيث التراجيديّة، في نقل المسرحيّة، إضافة إلى الاعتناء بالجماليات البصريّة فيه وكذلك الأداء. ولمسرحية «ماكبيث» نقلان بديعان آخران لمخرجين لامعيْن، الأوّل للأمريكي أورسون ويلز في 1948، حيث أدى ويلز دور ماكبيث، والآخر للفرنسي البولوني رومان بولانسكي في 1971، وللفيلميْن اسم المسرحيّة ذاته. ونقلَ كذلك الياباني أكيرا كوروساوا المسرحيّة في فيلم بعنوان «Throne of Blood» في 1957، حاملاً المسرحيّة إلى أجواء اليابان القديمة، حيث الإقطاع ومقاتلو السّاموراي، وكان واحداً من أفضل التصويرات السينمائية لأي من مسرحيات شيكسبير. الفيلم مقلٌّ جداً في حواراته معتمداً على الجانب البصري وشاعرية الصّورة في نقل التراجيديا الشيكسبيريّة. ولكوروساوا فيلم آخر هو «Ran» في 1985، وقد استوحى قسماً كبيراً منه من مسرحية «الملك لير».
من الأفلام الجريئة في نقل مسرح شيكسبير كان فيلم «Romeo & Juliet» في 1996 للأسترالي باز لورمان، حيث النسخة الحديثة من الحكاية القديمة ذاتها، بتوليفة جيّدة خرج بها الفيلم، بإسقاط ما هو مقرون بزمن سابق، في الحكاية، في الزمن الحديث.
ونُقلت مسرحيّة «روميو وجولييت» بشكل أقل التزاماً بالنّص المسرحي في فيلم آخر هو «West Side Story» في 1961 للأمريكي روبرت وايز، وهو فيلم موسيقي ومسرحي اعتمدت على نص مسرحيّة اعتدمت هي على نصّ شيكسبير. 
وقد نال الفيلم عشر جوائز أوسكار.
وحضور شيكسبير لا يقتصر على نص مسرحياته، أو حتّى حياته الشّخصية كما في «Shakespeare in Love» في 1998 لجون مادين، الحائز العديد من الجوائز، من بينها سبع أوسكارات، بل يتجاوز الحضورُ النصَّ إلى شخصيّات هذه المسرحيات التي قد تكون أساساً يُبنى عليه الفيلم، كما في فيلم أورسون ويلز «Chimes at Midnight» في 1966، المبني على شخصيّة سير جون فالستاف من مسرحية «هنري الرابع عشر»، ولويلز كذلك فيلم ثالث عن شيكسبير هو «Othello» في 1952، وقد نال الفيلم السعفة الذهبيّة في مهرجان (كان) آنذاك.
كلّما طالت لائحة الأفلام زادت الحاجة للَجمها، لكن هنالك ما يستحق الإشارة إليه ولو سريعاً: فيلم «The Tempest» في 2010 لجولي تيمور، و«Julius Caesar» في 1953 لوزيف مانكيافيتش، «Coriolanus» في 2011 لرايف فاينز، و «10 Things I Hate About You» في 1999 لجيل جنجر، و«Hamlet» في 1996 لكينيث برانه و «Much Ado About Nothing» في 1993 و «Henry V» في 1989 وكلاهما كذلك لبرانه، و «Othello» في 1995 لأوليفر باركر، و «Richard III» في العام ذاته، وغيرها كثير.
الأفلام الجيّدة لا تضيع في الكثرة، وهذه، المذكورة هنا، هي ما نجده الأفضل ضمن مجمل ما تمّ إخراجه بناءً على مسرحيات الكاتب الإنكليزي، وليس ذلك رأياً شخصياً بقدر ما هو رأيٌ مُضاف إليه تقييمات لأكثر من صحيفة بريطانيّة وفرنسيّة، حتى تقدّم هذه الأسطر ما قد يكون الأفضل بتنويع الآراء والأذواق. وإن لم نكن قد شاهدناها جميعها إلا أنّ تكرارها في أكثر من تقييم لأكثر من صحيفة مهّد لذكرها هنا كواحدة من الأفلام التي يُنصح بها إن أراد أحدنا مُشاهدة شيكسبير سينمائياً.
_________
*القدس العربي

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *