روائيون: المحرر الأدبي ضرورة .. والجدية فوق طاقة الروائي!


*فايز الغامدي


أجمع عدد من الكتاب والروائيين على ضرورة وجود محرر أدبي في دور النشر العربية، في ظل ما تطالعنا به هذه الدور كل عام من إصدارات تفتقر إلى الجودة وتعج بكثير من الأخطاء اللغوية والإنشائية والمعلوماتية، التي تنحدر بقيمة العمل الفني وتُقلل من حضوره.
وإذا كانت دور النشر في أوروبا وأمريكا أولت هذا الموضوع اهتماماً كبيراً، من خلال أسماء عديدة امتهنت هذه المهنة وأصبح لها باع في مجال النشر والتأليف لاحقاً، كالروائيّة الأمريكية «توني موريسون»، الحائزة على جائزة نوبل للآداب، وغيرها، فإننا نشهد عزوفاً كبيراً من معظم دور النشر العربية عن هذا المنحى، إما لعدم تحمل أعباء مالية إضافية أو لعدم تنازل الكاتب العربي لعرض أعماله على محرر أدبي يرى أنه سيمارس سلطةً أعلى على النص، ولن يكون وفياً للعمل بمقدار كاتبه.
من جهته هاجم الكاتب والروائي طامي السميري دور النشر والروائيين على حد سواء، قائلاً: «إنها لا تريد أن تتكلف مصاريف إضافية، كما أن الروائي لا يريد أن يبذل مزيدا من الجهد والتعب في عمله. لأن وجود محرر أدبي سيلزمه بالجدية في الكتابة، والجدية فوق طاقة الروائي السعودي!». وتطرق السميري إلى روايات لكبار الروائيين المحليين التي صدرت في طبعات مليئة بالأخطاء كان بالإمكان تلافيها، مستشهداً برواية «صدفة ليل» لعبده خال: «من قرأ رواية «صدفة ليل» للروائي عبده خال سيدرك أن فكرة وجود محرر أدبي لدى دور النشر العربية فكرة مستحيلة. إذ صدرت تلك الرواية معبأة بالأخطاء الفنية، وربما لظروف عبده خال الصحية دور في أن تظهر الرواية بتلك الحال، لكن دار النشر التي أصدرت الرواية تغافلت عن وجود المحرر الأدبي الذي لو كان موجودا لتم تفادي الكثير من الأخطاء الفنية». وأضاف أن بعض الروائيين لا يريد لكرامة نصه الروائي أن تمس، «مع هذا نجد تلك الروايات تصدر وهي ممتلئة بالأخطاء البدائية. ويفضل أن يمنح أصدقاءه قراءة مسودة الرواية، وغالبا ما تكون ردة فعل الأصدقاء آراء وملاحظات عمومية لا تخوض في تفاصيل الرواية». وتناول الروائي طاهر الزهراني القضية من خلال تعامله مع الدور العربية قارئاً وكاتباً، قائلاً: «الربح هو ما يهم أغلب الدور العربية، ومسألة جودة العمل الأدبي وإخراجه بصورة أفضل ربما لا تكاد تكون واردة في أغلب أجندتها». ويرى أنه في ظل ضعف الإنتاج المحلي والعربي أصبحنا «في أمس الحاجة لوجود محرر أدبي يرفع من قيمة العمل الأدبي من عمل ضعيف إلى عمل مقبول ويقرأ، ومن عمل مقبول إلى عمل رائع، ويوصى به».
وفيما يجزم الزهراني أن معظم إنتاجنا الروائي المحلي كان بحاجة إلى تدخل محرر أدبي، يسرد تجربة شخصية له: «أعمل على رواية الآن، وعرضتها على محرر أدبي، وتبين لي بالفعل مدى أن ملاحظات يسيرة قد تؤثر في جودة العمل، قد يكون تقديم مشهد على آخر، أو استبدال ضمير بضمير، أو حذف مشهد، أو الاهتمام بشخصية، يكسب العمل قيمة فنية أعلى».
من جهته تساءل الروائي علي المجنوني عن مدى الاستفادة من وجود محرر أدبي في دور النشر العربية، وأضاف: «المشكلة تكمن في تصوير المحرر على أنه المخلّص الذي ستنتفي تحت لمساته كل مظاهر ضعف العمل الأدبي، هذا ليس صحيحا، إذ لن يولد المحرر أفكارا أو يؤلف شخصيات أو يكتب نيابة عن الكاتب في أحسن الأحوال».
واعتبر المجنوني وجود المحرر خطوة في سبيل تقنين الكتابة: «إن كلمة (تقنين) في سياق الأدب سيئة السمعة». وأضاف: «أيضا، هل استفدنا من غياب المحرر؟ يعنيني التفكير في الإجابة على هذا السؤال». واختتم قائلاً: «إن دور النشر معنية بوجود المحرر أكثر من الكاتب، وحتى في ظل غياب المحرر كان يمكن أن تقوم دار النشر ببعض أدوار المحرر».
___
*عكاظ

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *