محمد عطية*
“الفرانكو” هي لغة انتشرت على الإنترنت وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي بين فئات الشباب في محادثاتهم والدردشة بين الأصدقاء، وهذه اللغة عبارة عن خليط بين اللغة العربية والإنجليزية، لغة عبارة عن حروف إنجليزية ولكنها تنطق باللغة العربية وتكتب بأحرف وأرقام لاتينية.
فمثلا نجد أن “رقم 3 يعبر عن حرف العين، و5 حرف الخاء، والـ7 حرف الحاء، والـ8 حرف الغين”، وأصبحت الآن بمثابة ظاهرة في مصر والبلدان العربية فهي لغة الوباء الذي تفشى بين صفوف وطبقات المجتمع لغة المهمشين والتافهين والمدعين والمنتسبين إلى مايسمى بالروشنة.
ولا أعلم كيف انتشرت تلك اللغة، فهذا الوباء ماهو إلا طمس للغتنا العربية الثرية وألفاظ مبتذلة ومنحطة، بل وظهر في الآونة الأخيرة بعض المثقفين قالوا إن الحرف اللاتيني أصلح من الحرف العربي شكلا وموضوعا وقالوا إنه من الأفضل أن نبدل الحرف اللاتيني بدلا من الحرف العربي في كتابتنا والمقصود بهذا تدمير اللغة العربية وفتح المجال للغة شبيهة بالفارسية أو العبرية!!
وأكثر الفئات استخداما لهذه اللغة المراهقون الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 سنة، وهذا الأمر يزيد من خطورة هذه اللغة؛ لأن هؤلاء المراهقين لا يزالون في مرحلة النضج وإذا ما اعتادوا على شيء وتعلموه فإنه من الصعب عليهم أن يبتعدوا عنه ليس هناك مبرر منطقى لاستخدام الفرانكو لأنه إذا كانت اللغة العربية الفصحى صعبة فهناك اللغة العامية التي يمكن استخدامها للتخاطب وهي بالتأكيد أسهل بكثير من الفرانكو.
وهذه اللغة لها مخاطر كبيرة على هويتنا العربية وعلى لغتنا العربية فهي تعد بداية لانحدار وتشويه هويتنا وأيضا بداية اندثار اللغة العربية، حيث إن المصريين خاصة والعرب عامة سيفقدون الإحساس بجمال اللغة العربية وعمق معانيها، كما أن الفرانكو لغة باردة لا تستطيع نقل المعانى التي تحتويها الكلمة عند كتابتها باللغة العربية فهي لا تحمل بين حروفها أى إحساس فمثلا كلمة “b7bk” لا يمكن أن تكون بنفس دفء كلمة “بحبك” عند كتابتها باللغة العربية، وهذه اللغة لها تأثير خطير على الوحدة العربية لفقدان أحد أهم العوامل التي تربطهم ألا وهي “اللغة”.
ومايؤرقنى ويقلقنى هو أنها ستقطع العلاقة بين الهوية التراثية، والثقافة العربية، وتفصل الأطفال والشباب عن تاريخهم العربي والثقافي؛ فهي من أخطر العوامل التي تحطم أي ثقافة.
وسوف تعمل على تخريج جيل منقطع الصلة بحضارته، وتأخذه بعيدا عن جذوره وهويته التراثية الحقيقية وتاريخه، فلكل أمة قاموسها الخاص بها، ولغة الفرانكو ستنتج جيلا بمفردات لا جذور ولا أصل ولا علاقة لها بالمجتمع الذي نعيش فيه، ولنتذكر جميعا ما فعله أتاتورك في تركيا فقد استبدل الحروف العربية بأخرى لاتينية.
وليعلم الجميع أن اللغة العربية هي مسئولية كل ناطق بها وكل فرد ينتسب إليها وأن التهاون في تعميمها واستخدامها هو إنذار بانقراضها وتلاشى هويتنا، ولنتمسك بلغتنا فنحن في وقت أحوج مانكون فيه إلى الحفاظ على هويتنا وثقافتنا التي تكاد تحتضر بأيدينا لا بأيدى غيرنا.
ولا أدرى لماذا تخيلت وأنا أكتب تلك الكلمات “سيبويه” جالساً حزيناً يبكى حال اللغة العربية وأهلها مستوحشاً تلك الغربة التي تعيشها لغة الضاد اليوم.
* صدى البلد.