*حسين درويش
يحتفل الشعراء باليوم العالمي للشعر في 21 مارس من كل عام، حسب تقليد أعلنته منظمة اليونسكو عام 1999. والهدف منه تعزيز القراءة والكتابة ونشر وتدريس الشعر في جميع أنحاء العالم، وفي تفصيل أوسع تجديد الاعتراف وإعطاء زخم للحركات الشعرية الوطنية والإقليمية والدولية بعدما ذَبُل قنديل الشعر وخبا بريقه في كل مكان.
يأخذ هذا التقليد طقساً مختلفاً بين محبي الشعر، حيث تقرأ قصائد لكبار الشعراء وتتلى الرسائل المهمة التي كتبها شعراء الأمم، وبكل لغات الأرض تتوحد المشاعر في مثل هذا اليوم ويعيش الجميع في حالة وجدانية تتناغم مع ما للشعر من قيمة تخفف من قسوة الحياة وتجعلها أسهل للعيش بسعادة.
العرب، وعبر تاريخ طويل من فن الكلام كانوا أسياد الشعر، وكان لا يباريهم أحد في ذلك، وكل وقائعهم جاءت في الشعر، حتى أُطلق على الشعر ديوان العرب، لأن كل أحداث تاريخهم قيلت شعراً، ولم تعرف العرب من الفنون البصرية الكثير، فقد كان تاريخهم الفني مستمداً من خيال جامح لصحراء يطول ليلها وتكثر أساطيرها.
وبين هذا وذاك تنبت البطولات وتترعرع الفروسية وتعظُم المفاخر. شعر العرب اليوم يتعرض ما يتعرض له شعر العالم من ذبول، ليس لأنهم لا يكتبون شعراً عذباً كأجدادهم بل لأن إيقاع الزمن تغير، وعندما يتغير الإيقاع تختلف اتجاهات البوصلة، ورغم كثرة الشعراء وسعة النشر وتنوع بيوت الشعر وما يتصل بها من مفردات يشح الشعر العربي عاماً إثر عام، وينفض عشاق الشعر عن ديوان العرب.
الأسباب كثيرة، بعضها يعود لنوعية الشعر ومعظمها يعود إلى تشعب الاهتمامات وما ينافس الشعر من مغريات مرئية وسريعة لا تصمد أمامها القصائد العصماء، ناهيك عن دور المدرسة الذي تراجع في التشجيع على قراءة الشعر، ودور البيت الذي انقرض في الاستماع إلى قصيدة، ودور كل وسائل الإعلام في تقزيم الشعر وتعظيم المسابقات والأغنيات المصورة، والحديث يطول أكثر كلما اقترب يوم الشعر العالمي، والخوف كل الخوف أن يتحول إلى يوم لتأبينه.
_______
*البيان