ما مشكلة بنكيران مع الثقافة؟



*سعيد الشيخ


خاص ( ثقافات )
مشكلة عبد الإله بن كيران الوزير الأول في المملكة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتتنمية، أنه لا يستمع إلا لصوته حين يتحدث وفي تجاوز صريح لمسلّمات تاريخية أشادت بأهمية دور الثقافة في بناء المجتمعات الإنسانية. فهو يتحدث بصراحة متناهية عن عدم حاجة المجتمع المغربي للأدباء والفلاسفة والقضاة والشعراء، بقدر حاجته إلى قطاع ذي إنتاجية.
لم نسمع من قبل عن مجتمع حقق إنجازات متقدمة في الثروة بإلغائه للثقافات الإنسانية .. بل أن الثقافات الإنسانية ظلت تواكب الحركة الإنتاجية على مدى كل العصور الماضية، بل وفي حقبة تاريخية كانت هي المحرّك الأول لتحفيز التغيير المرتجى للتقدم والريادة. ولم تكن الثقافة يوماً عائقاً أمام عجلة الإنتاج.


وكأن بنكيران لم يقرأ التاريخ ولم يتعظ من تجارب الشعوب الأخرى التي أرست تقاليد ثقافية ومجتمعية على هدي أفكار فلاسفتها وكتابها شكلت واقعا تنويريا أخرج المجتمع من الظلام.
وهنا يبدو بنكيران وهو يطالب بـ “أجيال تنتج الثروة” وكأنه يطالب بأجيال من العبيد في سوق العمل، لا شغل لهم إلا تحقيق زيادة في ثروات طبقة الأسياد والسلطات التي تملك رأس المال.
مشكلة بن كيران أنه لا يعترف بأن معوقات التنمية في المجتمع المغربي وغيره من المجتمعات العربية، هي بعيدة كل البعد عن الثقافة الإنسانية وإنما هي تقبع في الأفكار الغيبية وسياسات الخوف، وفي سلطات تمتهن الرذائل والفساد وتسيطر على مقدّرات البلاد ورقاب العباد.
دعوة بنكيران هي معارضة صريحة وقاطعة لمسلّمات يشهد لها التاريخ في بناء الحضارة الإنسانية التي لم تلغ يوما دور الفلاسفة والأدباء لصالح صناعة سيارة أو حاسوب، ولم تلغي دور الشعراء والقضاة لحساب تنمية سياحية. وكأن به يقول لللمثقفين : ارموا أفكاركم وأقلامكم وتعالوا إلى المصانع والمزارع وإلا لن تكون لكم حياة.
كان يمكن له لكي يبدو إنساناً متحضّراً يتمسك بالفكر التنويري أن يطالب بدعم الثقافة الإنسانية إلى جانب دعم القطاعات الإنتاجية، وذلك على مقدار واحد كي يقف الصرح الإجتماعي على قدمين متساويتين في البناء النهضوي.
ولكن، حقاً أن للظلامية أبواب وأبواب، اجتهادات وارتقاءات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب فلسطيني

شاهد أيضاً

رِسَالةُ ودٍّ إلى شَاعِرٍ صَديقٍ وَدُود

(ثقافات)   رِسَالةُ ودٍّ إلى شَاعِرٍ صَديقٍ وَدُود د. محمّد محمّد الخطّابي *   أيها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *