مناجيات مع ماركيز – 11


*لطفية الدليمي


الحب أهم موضوع في تاريخ البشرية

غابو أيها الساحر : لثقتك بأنك من الخالدين ، كان يفترض بك أن لاتهاب الموت ولاتخشى المرض ، لكنك كنت تكتب كثيرا عن الموت لأنك مسكون به حد أن أضحى كابوسا توقظه علامات وإشارات كنت تتشاءم منها . وقال عنك مراسل النيويورك تايمز “أن أعمالك حافلة بالموت والموتى ، وتدلل على هوسك بالموت لأنك تظن وتشعر أنه سيداهمك إذا ماتوقفت عن الكتابة .”
ثم كتبت قصصا عن أناس يكتشفون أن أفضل شيء يقومون به هو نسيان الموت ومواصلة مغامرات الحياة في الحب . وعندما ازدادت وطأة فكرة الفناء عليك سارعت لتكتب عن الحب فكتبت “الحب وشياطين أخرى” ..
– أجل لأني أيقنت كخلاصة لحياتي أن الحب أهم موضوع في تاريخ البشرية. 
– لكن كتاب “الحب وشياطين أخرى” أتى اكثر سوداوية مما توقع الكثيرون. ماهو السر في هذا الانجراف الكلي للسوداوية حتى في قصص الحب ؟؟
– لأني كنت أرى العالم ينكص إلى الوراء بسرعة ، يعود إلى ماقبل الثورة الفرنسية وعصر التنوير ،يعود إلى الوراء تماما ، حتى قبل استقلال اميركا اللاتينية عن إسبانيا.
– سألتك إحدى الصحفيات عن تصوراتك لبلادك في القرن الحادي والعشرين فماهي صورة كولومبيا في المستقبل ؟؟
– نحن لم ندخل القرن العشرين ، فكيف نخدع أنفسنا ونصدق أننا دخلنا القرن الحادي والعشرين؟؟ نحن نعيش مختبر أوهام فاشلة وعلينا أن ننسجم انسجاما كاملا مع عصورنا الوسطى ولانصدق أننا في عصر آخر..
– في معرض الكتاب في اشبيلية كنت سيد الجناح الكولومبي ولاحقتك الجماهير للحصول على توقيعك ، وقد افتتح المعرض المرشح لمنصب رئيس الجمهورية الكولومبية هوراشيو سيريا وكانت ثمة لافتات تحمل صورتك بمناسية الذكرى 25 لصدور “مائة عام من العزلة” وقد سمع هوراشيو رجلين يتحاوران ، قال الأول : من هذا الرجل في الصورة ؟؟ أجاب الآخر : هذا ديكتاتور كولومبيا مضى عليه خمسة وعشرون عاما في السلطة !! 
– ترى ماهو شعورك عندما حدثك هوارشيو عن هذه الطرفة : يظن العامة انك ديكتاتور كولومبيا ؟
– يبدو أن الأدب يفرض سلطته الجامحة بنوع من الاستبداد.
– اعترفت بأنك ذهبت في زيارة الى أوروبا لاستعادة ذكرياتك عن المدن لتكتب كتابك “الحب وشياطين أخرى ” . هل حقا كنت قد نسيت ملامح المدن ؟؟
– وجدت أمرا غريبا ، فالمدن لم تعد تلك المدن التي عرفتها فيما سبق ووجدتني غير ذلك الرجل الذي عاش فيها ،وشاهدت مافعله الزمن من أضرار وتبدلات في المدن والناس ، لذلك رأيت أن لا أعتمد على الذاكرة وواقع الأحداث بل انظر إلى الأحداث عبر الزمن. 
– حظي كتاب “الحب وشياطين أخرى” باستقبال جيد في الأوساط الأكاديمية التي سرّها أنك تبنيت اهتمامات مابعد الحداثة السائدة في الجامعات بخاصة موضوعات النسوية والاثنيات والجنس والدين والهوية وتركة عصر التنوير، هل أسعدك الأمر ؟؟
– ما اسعدني أكثر أن الروائية والناقدة البريطانية أي.أس. بيات وصفت الرواية في “نيويورك ريفيو اوف بوكس” بقولها : إنها رواية تعليمية تقريبا لكنها مؤثرة وعمل بطولي رائع ..
– يصفك كاتب سيرتك جيرالد مارتن بأنك “رجل العالم” ويذكر أن مراسل النيويورك تايمز قال في مجال تقييمك “الرؤساء يأتون ويرحلون لكن الكاتب الذي يذكرنا بطائر البوم والمعروف بلقبه العالمي غابو هو الذي يبقى ، بمَ تعلق ؟؟”
– تبقى السياسة والأدب أكثر الطرق ضمانا للخلود البشري.
_______
*المدى

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *