*سمر الزعبي
خاص ( ثقافات )
كل الأطفال يعدّون حتى العشرة، ويتخطّونَها، أمّا هو فيتوقف العدّ لديه حتى الثمانية. يحاول أن يدركهم، تصرخ المعلّمة، يضحك عليه الزملاء، يشد عزيمته، لكن بلا فائدة.
تسعة.. عشرة، كم تمنى الوصول إليهما، لكن كيف؟ هل يجوز له أن يخلع حذاءه الذي تسانده الأسنان على تثبيت ربّاطه الوسخ، ثم يمدّ قدميه على الدرج.. ويعد حتى العشرة كاملة!.
تغيُّب معلمة الرياضيات فترة، بدا الحل الأمثل لأخذ قسط من الراحة.. فهو يشعر باستقرار ذهني نفسي الآن. لكن ظهور المعلمة البديلة فجأة، رجّح التوتر في ميزانٍ من كفّ واحدة. لم ترق له، بالأخص أنها بدت أكثر عصبيّة من سابقتها، إذ لم تكتفِ بالصراخ، بل ووصفته بـ “التّيسْ” فوق ذلك.
يستطيع أن يكتب العشرة.. نعم يستطيع.. والتسعة كذلك، فهي ما تنفك تزوره في الحلم.. لكن لا يعدّها.
غضبت البديلة ذات يوم، فيما كان يحاول أن يكمل العد، استمعت إليه من بعيد، وهي ترفع العصا إلى اللّوح، وترتكز بها عليه، ثم خطت إليه مهدّدة، لم تشهر السابقةُ عصاها في وجهه أبداً؛
– “افتح يديك”
كوّرهما وأخفاهما تحت إبطيه.
رفعتها بالهواء
– “افتح يديك، وإلاّ ضربتك على رأسك”.
ببطءٍ سحبَهما، وكأنّ إبطيه تجذبانهما في مجال مغناطيسي قوي.
ولمّا راح يفردهما أمامها، شهقت.
– “لا تخافي يا مس، ماما حكت لي إن أصابعي تنمو”.
– “نعم، لمّا تكبر”.
ولم يخبرها؛ أنه لن يعدّ مكانها غيباً.
____
*قاصة من الأردن