* محمد ظاهر
خاص ( ثقافات )
الشارقة- ضمن برنامج منتدى الثلاثاء الذي ينظمه بيت الشعر بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، ليلة من ليالي الشارقة للشعر العربي شارك فيها كل من روضة الحاج (السودان)، والدكتور عبدالله الوشمي (السعودية)، وياسين حزكر (المغرب) والدكتورة شيرين العدوي (مصر)، وقدمها سامح كعوش وحضرها جمهور لافت من الشعراء والإعلاميين والمهتمين بالشعر.
افتتحت الأمسية الشاعرة روضة الحاج التي أشادت بدور الشارقة الريادي في خدمة الثقافة وانطلاقها من رؤية حاكمها الشاعر والمثقف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للإتحاد حاكم الشارقة، الذي يؤمن بهذا الدور، ثم قرأت مجموعة من نصوصها الآسرة وافتتحتها بقصيدة عن إمارة الشارقة تميزت بخفة ورشاقة مفرداتها وصدق عاطفتها، ومنها:
بوركتِ شارقةَ العلومِ كريمة
ضاءت على كل الدنا قنديلا
أم المساجد قد شددتُ رواحلي
أنهكتُها سيراً إليكِ طويلا
ما إن همستُ وقلتُ شارقة الرؤى
الفيحاء حتى بدلت تبديلا
فجرت كأن الريح طي حروفها
وكأنها جنّت هوى وصهيلا
أأقولُ عاصمة الثقافة ؟ من ترى
أحصى كتابا لا يعد فصولا
يا درة قد صانها سلطانها
أنعم به علما يعز مثيلا
وقرأت نصاً توشح بالمعاناة ومعاتبة الذات بعنوان ” لماذا غفرتِ لهم” :
لماذا غفرتِ لهم
لم يكونوا لك الماء
قالوا ادلقي ما تبقى
وكانت جرارك مترعة بالنشيد
لماذا غفرت لهم
لم يكونوا لك الصبح
قالوا انسجي بردة الضوء
واقتبسي جذوة من هناك
اشاروا بعيدا
وها أنت تمشين من ألف عامٍ ولا شيء إلا البعيد البعيد
الدكتور الشاعر عبدالله الوشمي أبحر في اللغة وغاص في الفكرة وأخرج لؤلؤة المعنى الآسرة، فقرأ بعض النصوص التي تراوحت بين القصر والتكثيف وبين الإسهاب والتماسك، ومن قصيدة “ذاكرة لشوارع منسية”
خفف الوطء هذا دمي في أديم الشوارعِ
يسألُ:
كم قاتلاً سوف يدهسُني
خفف الوطء
هذي عيوني أنا
**
يا لهذي الشوارعْ
هل تعلمنا لغة الإنتظار، الدمار، الحصار
ونحنُ تلاميذُها
كم طرقنا على بابها
وكتبنا حكاياتها
وعشقنا بها ولها
كان يُنذرنا أهلها
وفي حوارية أخرى خاطب فيها غرفته المظلمة وهي تضم مكتبته الخاصة وما فيها من كتب تجلس على رفوفها وهي تتجاذب أطراف الحديث مع ما فيها من رموز أدبية:
غرفةٌ مظلمة
يستعيدُ ابنُ خلدون أشياءهُ
ولياقتهُ
حينما أغلقُ البابَ يسخرُ
من كثرة الدارسين
لما خطهُ من بعيد القرون وما تممه
ويُعيدُ التفاصيلَ
معنى العروبة
لون القصيدة
صوت البداوة
أن تتردد في جهة القلب
سنبلةٌ هائمة.
أطلت بعد ذلك الشاعرة د.شيرين العدوي التي فتحت نوافذ القصيد ليهب نسيم اللغة الرصينة موشحاً بصور شعرية مميزة فقرأت من قصيدتها ” نافذة ” :
الفتاة التي ما وعت
غير أن البحار تنام على كتفيها ولا ترحل
وتظل تصيح على صدرها المتمرد حتى يجيء انفجار
الفتاة التي لم يذق جسمها غير ملح أجاج
الفتاة التي لم تذق صبوات
ولم تتعشق سوى الأنبياء
شيعت كل من جاء يرغب تشعييها
أوصت الكل أن يتركوا
في المقابر نافذة غير مغلقة
كي ترى زهرة البرتقال
وفي قصيدتها ” بنات الكرخ ” طافت العدوي حول سفائن الحلم لتعود إلى بحر الذاكرة محملةً قصيدتها بنور الكبرياء ، فقرأت :
من قِبلة التطواف
حول سفائن الحلم المعاند
أعلو لديّ- وملءُ روحي –
كبرياء قطيفتي
فإذا تخلصت البحار من البسيطة
والبسيطة من ثياب البحر
ذاكرة تعود
هذا نهار لا يضاهى نوره شفق النهاية
من خروج الروح من وخز الحمأ
لكِ أن تعودي مرةً أخرى
حماماً كبّلته سَوْءة الطين الجسدْ
لكِ أن تعيدي الذاكرةْ
لي مرةً أخرى أعيد الذاكرةْ
هي دهشةٌ أولى
ولكل بَدْءٍ دهشةٌ
الشاعر ياسين حميد حزكر أنشد قصيداً بعطر ” النارنج ” ، له نبض الماء ، وبحّة الباب العجوز، فكانت صوره أيقونة حبلى بالجمال ، فقرأ من قصيدته ” زهرة من دم النارنج ” :
وأمك أمي .. معبدان تتوأما
ومن يذكر ” الزهراء ” لم ينسَ ” مريما ”
تحدَّبْتَ عشقاً ، فاستقمتُ محبةً
وعمّدتُ ثوبي ، فائْتَزَرْتَ لِتُحرِما
لأنكَ نبضُ الماءِ ..نبعُ يقينه
ففي ” بئر يعقوب ” تنسمتُ ” زمزما “
وحباً تشظى الماء من تحت عرشه
ليسقي ” قبطياً ” .. ويسقي ” مسلما”
دماً .. يرشَح ” النارنج ” لحظة ذبحه
ليُزهر حدُّ الريح جرحاً تبسّما
( وأنت / أنا ) المذبوح .. نقطر بيننا
دماً في يد السكين قد قبّل الدّما