المكتبات ثروة وطنية



مريم جمعة الفرج


بالنسبة لنا كأشخاص قد تبدو المكتبات مجرد جدران وأرفف وموظفين! لكنها في الواقع ثروة وطنية وحافظة أمينة لذاكرتنا كأمة، وكلما دشنت الإمارات مشروعاً رائداً هو الأحدث والأكبر عربياً ليشق طريقه كمشروع تنموي كلما كبر تفاؤلنا بأن الأمل معقود على المستقبل وعلى أن تشرق شمس مشروعاتنا الثقافية على كل إنسان في بلادنا وفي محيط عالمنا العربي.
الإمارات والمكتبات تاريخ ليس بالقصير سابق لتأسيس الاتحاد بدأ بشكل منظم بالمكتبات المنزلية التي يذكر أن تاريخها يعود إلى حقبة التعليم شبه النظامي مطلع القرن العشرين وكانت لعدد من «شيوخ العلم» وبعض الشخصيات المعروفة بتوجهاتها الثقافية والأدبية، يليها ظهور المكتبات العامة ومنها على سبيل المثال لا الحصر «المكتبة التيمية» في الشارقة 1930 و«مكتبة النادي الأهلي الأدبي» في دبي 1945، ولنا فقط أن نتصور أن هذه البدايات لم تكن سهلة في زمن لم تكن فيه وسائل التواصل والاتصال تشبه ما لدينا اليوم، ولكنها على الرغم من ذلك شكلت الأرضية الخصبة لازدهار مشروع ثقافي كبير تقطف الإمارات ثماره إلى اليوم.
ولو نظرنا إلى حاجتنا إلى هذا المشروع الآن لتبين لنا أن المكتبات تتجاوز حدودها كمبانٍ وأماكن لكي تصبح جزءاً لا يتجزأ من ثروة أي أمة ينمو فيها الوعي الجمعي ويتبلور مفهوم التقدم الحضاري الإنساني، وفق ما تقتضيه ظروفها الراهنة من حتمية أن لا تقدم ولا تنمية ولا مصالحة أو سلام أو وجود دون المعلومة ودون الحقيقة التي ينبغي أن يعرفها الناس وينبغي لها أن تصل إلى الجميع بسهولة ويسر.
وإذا كانت الثقافة في مجتمعاتنا العربية سابقاً شيئاً ينظر إليه من باب علاقته بالنخبة المثقفة، فهي في يومنا هذا لا تعني النخبة بقدر ما تعني بتأسيس هذا الوعي الجمعي لدى الناس في عالم تغيرت ملامحه، عالم تلعب فيه الثقافة دوراً رئيساً، بينما تلك المعرفة التي تجاوزنا فيها الآخرون يمكن للإنسان منا أن يصل إليها بسهولة عبر أدوات شتى أكثرها أماناً أن يجدها في بيئة آمنة كالمكتبة تحتوي على الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني ومختلف تقنيات التواصل الذكية السمعية والبصرية وحتى الصحيفة اليومية والمجلة المحلية والعالمية سواء وجد في المكتبة بلحمه ودمه أو إلكترونيا.
المكتبات بجدرانها السحرية وعبر تاريخها الطويل تجسد عملياً دور الثقافة على مستوى مجتمعي، دورا يقوم على تعزيز القراءة لوعي الناس بشكل جماعي ووعيهم بعلاقتهم بمجتمعهم وبتجاربهم المشتركة وبضرورة تحملهم المسؤولية تجاه هذا المجتمع.
ــــــــــــــــــــــ
* الاتحاد الإماراتية.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *