جائزة البوكر تنعش النشر في العالم العربي


*هيثم حسين


يلاحظ المتابع لحركة النشر العربية في العقد الأخير ما أحدثته الجائزة العالمية للرواية العربية المعروفة بـ”البوكر العربية” من تغيير وتأثير على حركة النشر في العالم العربي، فقبل الإعلان عن موعد استقبال الروايات المرشحة ينتعش موسم الطباعة بإصدار عناوين جديدة، في حين أن الإعلان عن القوائم الطويلة أو القصيرة، ومن ثم الإعلان عن الفائزين يكون موسم البيع وجني ثمار النشر.
بإلقاء نظرة على نصيب دور النشر من الفوز بجائزة البوكر حتّى الآن، نجد أن “المركز الثقافي العربي” فاز بدورتي 2011 عن روايتي “طوق الحمام” لرجاء العالم، ورواية “القوس والفراشة” لمحمد الأشعري، و2012 عن رواية “دروز بلغراد” لربيع جابر التي كانت أصدرتها بالتعاون مع دار “الآداب” (ثلاث روايات من إصدارات المركز فازت بالجائزة).
وفازت دار “الشروق” المصرية بدورتي 2008 و2009 عن روايتي “واحة الغروب” لبهاء طاهر، و”عزازيل” ليوسف زيدان. وكذلك دار “الجمل” بدورتي 2010 و2014 عن روايتي “ترمي بشرر” للسعودي عبده خال، و”فرانكشتاين في بغداد” للعراقي أحمد سعداوي. كما فازت “الدار العربية للعلوم ناشرون” بدورة 2013 ورواية “ساق البامبو” لسعود السنعوسي، وفازت دار “التنوير” 2015 ورواية “الطلياني” لشكري المبخوت.
وعن الحراك المصاحب للجائزة، يقول الناشر اللبناني حسن الياغي صاحب دار التنوير العريقة إن الجائزة تركت آثاراً كبيرة على حركة الرواية في العالم العربي، وأبرزت أسماء ما كان لها أن تصل إلى هذه المكانة في وقت قصير لولا الجائزة، وقدّمت روائيين جدداً إلى صدارة المشهد”.
طفرة النشر
وقال في حديث للجزيرة نت إن الناشرين “ينتظرون بترقّب نتائج الجائزة، وهي حاضرة في ذهنهم بقدر ما هي حاضرة عند معظم الروائيين الذين يكتبون روايات”، مؤكدا أن الظفر بالجائزة يترجَم بطبع وتوزيع أعداد كبيرة، و”من خلال تجربتي، فإن الرقم يتجاوز، العشرة آلاف بسهولة في عام الفوز”.
وعما إذا كانت هنالك علاقات لدور نشر ما مع الجهات القائمة على الجائزة، قال الياغي “بالطبع، هناك دور نشر محترمة، أو معروفة بأنها لا تنشر سوى الأعمال الجيّدة، وهذه تفرض على لجنة التحكيم (أيا كانت) أن تقرأ بنوع من الاهتمام تلك الأعمال الصادرة عنها. أما غير ذلك فإن كل كلام عن ضغوط أو محاباة لا أراه صحيحا.
واستشهد الياغي بدورة العام الماضي قائلا “كان رئيس اللجنة الشاعر الأستاذ مريد البرغوثي، وهو ينشر أعماله في دار الشروق والأستاذ إبراهيم المعلم صديقه، ومع ذلك فإن أيّاً من روايات الشروق لم تدخل المنافسة”.
ويلفت الياغي إلى أن “الناشر المحترم يحترم نفسه أيضا، فلا يتدخّل، لأن جائزة تُعطى بسبب المحاباة تفقد معناها. ويتمنى ألا تدخل أية اعتبارات لاختيار الرواية الفائزة سوى أحقيتها وتميزها، وأعرب عن أمله بمنح الجائزة لمن يستحقها بمعزل عن أي اعتبار.
سعادة مؤقتة
من جهتها تقول الروائية السورية لينا هويان الحسن إن إطلاق عدة جوائز أدبية في الآونة الأخيرة شجع على الكتابة، لكنها تأسف لأن الكم زاد على حساب الكيف، وتحمل دور النشر، مستثنية العريقة منها، جزءا كبيرا من المسؤولية عن تسهيل ما سمته الفوضى.
وفي تصريح للجزيرة نت قالت لينا هويان الحسن “إن الدور الناشئة تطبع الكتب كيفما اتفق… وكل هذا التسرع بالنشر سببه التسابق على المشاركة بالجوائز التي وطدت سوق الرواية على حساب الشعر”.
وعن تجربتها الشخصية تعترف لينا، التي اختيرت روايتها “ألماس ونساء” ضمن القائمة القصيرة لدورة البوكر 2015 بأن ذلك الإنجاز سهل لها الوصول إلى القارئ على نحو أسرع، لكنها تقول إن روايتها “نازك خانم” التي لم ترشح أصلا لأي جائزة لا تزال منذ صدورها هي الأكثر مبيعاً بين كتبها.
وتخلص الكاتبة السورية إلى أن الحصول على جائزة أمر جيد، يسعد الكاتب معنوياً، لكن أصالة ما يكتبه هو الاختبار الحقيقي.
______
*الجزيرة.نت

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *