عمّان تحتفي برواية “الفردوس المحرّم” ليحيى القيسي




*علي عبيدات


خاص ( ثقافات )
نظمت مؤسسة عبد الحميد شومان، في الأردن بالعاصمة عمّان حفلاً لتوقيع رواية “الفردوس المحرم” للروائي والإعلامي الأردني يحيى القيسي، الإثنين، 1 فبراير 2016، بمشاركة الناقدين الأدبيين الدكتورة شهلا العجيلي والدكتور أمين عودة، وأدار الجلسة الشاعر جريس سماوي بحضور العديد من المبدعين والمثقفين الأردنيين.
وصدرت رواية الفردوس المحرم مطلع العام الجاري عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت ضمن مشروع يحيى القيسي العرفاني في باب الرواية بعد روايته “باب الحيرة” ( 2006)، ورواية “أبناء السماء” (2010) ضمن الاستلهام من الإرث الصوفي وربط العوالم الخفية بالواقع والغرائبية، على هامش القصص القصيرة التي كتبها في مجوعتين؛ “رغبات مشروخة” (قصص، 1996)، و”الولوج في الزمن الماء” (قصص، 1990)، بالإضافة إلى كتابه “حمّى الكتابة” (حوارات أدبية، 2008)، وغيرها من الأفلام الوثائقية والأعمال التلفزيونية.
وبدأ الشاعر جريس سماوي حفل التوقيع بالحديث عن بواكير الروائي يحيى القيسي وتجربته العرفانية وضرورة الاستلهام من العرفان في أيامنا هذه وتوظيفه في الأدب الحديث.
وأشار سماوي إلى مؤاخاة الواقع مع العرفان الذي بدا غنياً في تجربة القيسي الإبداعية وواظب على تطويره عبر ربطه بالواقع وبث الطاقة الإيجابية وثقافة التسامح من خلال النص الروائي.
وقدمت الناقدة والأكاديمية شهلا العجيلي قراءة نقدية في رواية الفردوس المحرم، تناولت فيها الجانبين الفيزيقي والميتافيزيقي في بنية السرد، والتّماس الذي يلاحظه القارئ بين رواية أبناء السماء ورواية الفردوس المحرم في مدارٍ عرفانيٍ واحد تتعدد أقطاب التناص بين أبنيته استكمالاً لمشروع القيسي العرفاني في رواياته.
وقالت العجيلي:”انتقل القيسي في روايته الفردوس المحرم إلى حالة لَبس مع روايته السابقة أبناء السماء ضمن فكرة العوالم المتعددة والمغيبة والحاضرة، وكذلك التباس فكرة السحر والشعوذة على العامة، بين أن تكون أفكاراً حقيقية أو تهويمات، ففي الفردوس ينتقل إلى عالم ما بعد الحداثة المرتبط بعلوم النانو والفيزياء، بعد اطلاع واسع على معارف الفيزياء والرياضيات التي نهل منها القيسي ما نهل ووضعها في قالب عرفاني عُلوي ضمن 200 صفحة”.
وحول الكرامات التي لا تفارق بناء الرواية العرفاني، قالت العجيلي :” إن الحد الفاصل بين الفيزيقي والميتافيزيقي حد بسيط كما قدمه يحيى القيسي ضمن السياقات التاريخية والاجتماعية في فردوسه المحرم،” بإشارة إلى حداثة الرواية وتحديداً العرفانية التي يعد القيسي من المشتغلين فيها بتجديد يصل إلى ما بعد الحداثة في هذا الباب.
وفتحت العُجيلي باب العدميين والأخلاق العلوية والطموح لصياغة منظومة أخلاقية تسمى كرامة في عالم العرافان، بتركيز على العوالم الأخرى بما فيها من مخلوقات رحمانية وأخرى شيطانية في القالب الدرامي الذي أثنت على صياغته الدقيقة، فثمة “خيط دقيق بين الواقع والخيال يحاول القيسي إخضاعه للعلوم التجريبية لمعرفة ما لا يمكن إدراكه بمؤاخاة يستثمرها القيسي استثماراً ذكياً”.
وأشارت العجيلي إلى محاولة القيسي اكتشاف غير الموجود بتفسير علمي يلّمِحُ له في غير موضع وبأبحاث دقيقة اشتغل بها لسنوات، “كما تجلى في الفانتازيا وشكه الدائم بوجودين أزليين، فكأنه يسأل “أين نحن” عبر محافظته على شرط الفانتازيا الرئيس (الخوف) وهو من بنى الفردوس المحرم الفنية والكونية.
وقدم الأكاديمي والناقد المختص بالتصوف أمين عودة قراءة نقدية في رواية الفردوس المحرم، تناول فيها مشاهد السرد ومساراته والوعي المختلف (الميتاقص) واختلاط العالم المُتخيل والمعاش ضمن الدينامية الإبداعية –العرفانية- التي يكتب القيسي بروحها.
وحول علاقة رواية أبناء السماء ورواية الفردوس المحرم، قال عودة:” الثيمات الغامضة في كلتا الروايتين متقاربة مع تنوع في مسارات الرؤية السردية لتكون عروة وثقى بين الروايتين، فالفردوس المحرم امتداد للراوية السابقة أبناء السماء، وفي الوقت نفسه تشكل حلقةً جديدةً تضاف إلى الحلقة السابقة، وثمة وشائج جديدة وتداخلات متعددة بين الروايتين”. 
وأشار عودة إلى البُنى السردية الجامعة لرواية القيسي السابقة (أبناء السماء) والرواية الأخيرة (الفردوس المحرم) التي استحضر شخوصها ونقلهم بين مستويات السرد المختلفة “ليكونوا في الفردوس المحرم بصورة لحم ودم، ضمن إيقاع سردي جديد يطارد السارد الرئيس ويفرض وجوده وتشاركه في الحوادث والحوارت وبناء الأحداث”.
ويضيف عودة في باب التكنيك السردي في رواية الفردوس المحرم “تعلو الدهشة والرعب على وجه السارد الرئيس الذي يتماهى مع شخصية المؤلف في “الميتاقص” ويستغرب كيف لهذه الشخصيات الورقية أن تستحيل إلى شخصيات حقيقية”.
وتطرق عودة إلى العناصر السردية التي تُعَرِف بموضوع الرواية وجمالياتها بعد أن بناها القيسي ببناء محكم، “ولم يكتف بالثيمات الماورائية ليوقف تدفق السارد في نقاط معينة وينتقل لآخر بتكنيك مقتن”، بين استلهامه من العرفان ومقاربته للأحداث الغامضة بالاستناد على العلوم، وكذلك اللغة الرمزية الصوفية والتجربة الروحية التي يسردها السارد ضمن التلقي الذي أسبغه القيسي على هالة الرواية بصورة إلهام وكشف وبدّل، وغيرها من الأحوال والمقامات العرفانية.
وأكد القيسي في كلمته للحضور على أن الكتابة فعل خَلْقٍ ولا يجوز أن تكون الكلمات مجانية في باب الإبداع، “باعتبار الكلمات أرواح، فعلى الرواية مثلاً أن تقدم معرفةً باعتبار الحكايات متوفرة في العديد من وسائل القراءة، ويتوجب على الروائي أن يبحث ويتقصى ليكون منجزه الإبداعي مهماً ومؤثراً بقيمته العالية”.
وأضاف القيسي في كلمته:”إن البشر في فردوس أزلي قديم ووقع عليهم العقاب الذي أقصاهم منه، وهذا الفردوس في مكان ما لمن أراد البحث عنه، لا سيما أننا -كبشر- خلقنا في أحسن تقويم”، في إشارة إلى ضرورة الاطلاع على الروحانيات وإزالة تهمة الشعوذة عن هذه العوالم العظيمة.
الدفائن والشك والقوى الخارقة والوجودية والصوفية والواقعية السحرية وغيرها من المشارب والميول الفكرية التي استند عليها القيسي، كانت ضمن القراءات النقدية ونقاشات الحضور أثناء وعلى هامش حفل التوقيع.

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *