يحيى القيسي*
( ثقافات )
سنة بعد أخرى يترسخ الحضور العربي والدولي النوعي في “ملتقى الفجيرة الإعلامي” فقد شهدنا قبل أيام دورته الخامسة، التي انشغلت بمناقشة الصورة الأخرى للمرأة في وسائل الإعلام، وهذا بالطبع موضوع إشكالي قابل للكثير من الجدل والبحث والخلاف حوله، لاسيما أن معظم من سيقوم بمناقشة هذا الموضوع هن من النساء العاملات في حقل الإعلام، سواء كن صحفيات أو رئيسات تحرير أو مسؤولات في الإدارات الإعلامية .
لقد كانت مسألة اختيار الموضوع أيضاً موضع أخذ ورد طيلة الفترة التحضيرية والعصف الذهني لفريق العمل في هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، فالموضوعات أحياناً تبدو مرمية على قارعة الطريق بناء على مقولة صديقنا الجاحظ قبل قرون عدة، لكن في الحقيقة ومع كثرة وجود ملتقيات إعلامية وثقافية في الوطن العربي وفي دولة الإمارات تحديداً وعبر دورات سابقة كثيرة، فإن إيجاد موضوع متفرد وجديد يحتاج إلى جهد خاص ومشاورات والعمل لاحقاً بروح الفريق الواحد للخروج بمنجز يليق، وقابل لأن ينال احترام المشاركين والضيوف والحضور .
خلال الدورات الأربع السابقة حظيت موضوعات مثل الترجمة واللغة العربية في وسائل الإعلام، ودور وسائل التواصل الاجتماعي في عالم متغير، والإعلام بين تغطية الأحداث وصناعتها، وأيضاً مصداقية وسائل الإعلام أو تضليلها للجمهور بالكثير من الجلسات والنقاشات المستفيضة، لكن دورة الصورة الأخرى للمرأة توجت أعمال الملتقيات السابقة، سواء من حيث الحضور أو نوعية المشاركين وعددهم، وهذا النجاح بالطبع يحتاج إلى المزيد من العمل النوعي والتأمل الخلاق للخروج بما هو أفضل في كلّ دورة .
لقد حظيت الدورة الحالية بحضور مؤثر للإعلاميات الإماراتيات، سواء في نوعية ما قدمن أو بعدد المشاركات في الجلسات، وأيضاً الحضور الكثيف للجمهور من العاملات في حقل الإعلام وطالبات كليات الإعلام في الفجيرة، بل هناك من قدمن من الإمارات المجاورة وحتى من مدينة العين لمتابعة جلسات الملتقى والتواصل المباشر مع نخبة من الضيفات اللواتي بعضهن لديه نحو خمسين سنة من العمل في الإذاعة والتلفزيون مثل المذيعة السعودية نوال بخش أو الإعلامية المثقفة جيزيل خوري أو الصحفية النشيطة والتي تبوأت مكانة كبيرة في وكالة الصحافة الفرنسية رندا حبيب، أما بالنسبة إلى الإعلاميات الإماراتيات، كما أسلفت، فقد كان حضورهن لافتاً مثل د . حصة لوتاه التي تمتلك خبرات أكاديمية وعملية واسعة، وأيضاً الكاتبة عائشة سلطان بقلمها الرشيق وموضوعاتها الثرية، والسعد المنهالي بمثابرتها كإعلامية للوصول بجدارة إلى رئاسة تحرير ناشيونيال جيوغرافيك العربية المعروفة، وحضرت أيضاً منى أبو سمرة من نادي دبي للصحافة للحديث عن تحديات العمل في الجانب الإعلامي الإداري معاً .
في كل الأحوال لست هنا بصدد تغطية لما جرى فإن ذلك أمر توكلت به الصفحات اليومية ومواقع الكترونية ووسائل اعلام كثيرة، لكني ربما أرغب بتويجه التحية لمن شارك وتابع وتوفرت له فرصة لزيارة الإمارة التي تربض بهدوء وسلام على خليج عمان جامعة بين سعة البحر ورسوخ الجبال، تحاول أن تجد لها مكانة خاصة بين شقيقاتها الإمارات الأخرى، لا تنافس بقدر ما تستكمل المشهد الفسيفسائي المتنوع والجميل للفعاليات الثقافية والإعلامية في الدولة، وتنفتح بكل سلاسة وتمهل على المشهد العربي والدولي، ولديها من الخطط المستقبلية الكثير الذي سيظهر يوماً بعد آخر في كافة الحقول، وهذا ما أعلنت عنه الهيئة في افتتاح الملتقى، إذ يبدو العام المقبل 2015 مبشراً بالكثير من الفعاليات الثقافية الجديدة التي تسهم في جعل المشهد الثقافي في الإمارات فاعلا ومؤثراً عربياً ودولياً على مدار العام، إذ أصبحت الإمارات بحق منارة ثقافية وإعلامية تجعل منها واحة سلام وطمأنينة تحتفي بالحياة والعمل الجاد في ظل محيط عربي مضطرب وتحديات دولية عاصفة .
_________
*روائي وإعلامي من الأردن
رئيس تحرير ومؤسس ثقافات
– الخليج