ابتسام الصمادي*
( ثقافات )
هل تعرفون الفستق الحلبي ماذا يعني لنا؟ طبعاً ناهيك عن الطراوة ونكهة الإبداع .إنه يعني فيما يعني نسمة الصيف على ضفاف بردى المؤدي الى دمّر والهامة والطيور الترفة الموشومة بعودتها أنّى رحلتْ، يعني رهبة اليقطين والبطيخ على أرصفة الباعة وعودة الدورة الزمنية الى صفائها المفقود منذ عقود ودمارين.
يعني الحنين يعني الأنين يعني الوعي والتحدي يعني انا لست خائفاً ولا نادماً إذاً أنا موجود.
أما التوت الشامي فيرفع لافتة العشق والعشاق مكتوب عليها: هويتي انتم فلا تتركوني .
من زار الشام يعرف ويتذوق تماماً هوية أهلها ومذاق الطبيعة وسريان الماء من نبع “الفيجة”الى صنابيرها مباشرة. آن شربت منها تتورط لتعود ،فليس ما يُرجعك طعمها..لكن رِواؤها الذي يُحيي الإنسان فيك .
من هنا عمّان.. ، عصافيرها تلتقط حبيبات القمح من بيادرنا كما تلتقط دشاتها هواءنا قبل أن يأتي الطغاة ويضعوا الحدود الشيطانية فيقسموا الأهل الى قسمين بلوحة كتب عليها أهلا بكم في الأردن أو في سوريا .كم يلزمنا لنمارس هذه “الأهلاً “؟!
عندما كانت عمان تعطش كنّا نُدير ماءنا صوبها قبل أن يديرها فلاحنا صوب ترعته ليسقي بساتينه وأغنامه التي كان”البحارة”كما يدعونهم السائقون ،يحملون لحمها وخيراتها الى أسواق الرمثا، وقبل أن يقف نائب (أو نائبة )في برلمانهم يصب براكينه على الهاربين من الموت والنار، وفوق ذلك يسمونهم لاجئين وأنا أتساءل كيف يحسب نفسه ممثلاً لشعبه وليس لاجئاً من لا يملك حق التآخي وإنزال علم صهيوني يرفرف فوق أرضه؟!
من هنا بيروت.. ، تدخل الى طبيب وعندما يلاحظ أنك سوري يرفض أن يأخذ أجره ، وعندما تصرّ يأخذه “بالزور “كما يقول السوريون. لكنّ آخراً يرى لوحة سيارتك السورية فيلحق بك ليُهينك ويتشفّى بحجة أنك تجاوزته مع أنك لم تتجاوزة إلا بإنسانيتك الخالية من الحقد والكراهية .تتمنى حينذاك لو يأخذوه الى ذاك الطبيب الآنف الذكر كي يتشافى ويتعلم الأدب واحترام الأكبر منه وإسكات صفيقةٍ تُنادي بقتلنا ! هل كان يجب أن تحترق الشام لنرى على ضوء احتراقها بيروت وعمّان ؟! بل الكون كله…
* شاعرة من سوريا تقيم في قطر