سنة حلوة يا «لوسي»


*لينا هويان الحسن



منذ ذلك اليوم الذي صدر فيه مؤلفا داروين: كتابه «أصل الخلائق» وكتابه الثاني «ظهور الإنسان» وسُمِّيَ هذا المعتقد بنظرية داروين، والواقع يتواطأ مع نظريته.
واحتفل جوجل مؤخراً، بالذكرى الـ41 لاكتشاف المستحاثة لوسي، حيث غيّر واجهة بحثه، إلى صورة توضح مراحل تطور الإنسان على حسب نظرية داروين، ويتضمنه صورة لـ «لوسي».
«لوسي» اسم مستحاثة، هيــكل عظــمي لأنثى عاشت وماتت قبل 302 مليون سنة، عثر عليــها في إثــيوبيا العام 1974. لوسي يعدّها العلماء نموذجاً للعائــلة البشــرية بمراحلها الأولى.
بالتأكيد، إنّ أحداً من البشر لا يرغب بتصديق هذه النظرية، بالتحديد أولئك الذين يرغبون بتصديق «أسطورتهم»، و «أوهامهم». جرّبوا واطرحوا حقيقة أن الآدمي الذي يتناول طعامه بمعالق الذهب تطوّر عن المستحاثة «لوسي». تحت الإكراه، إكراه العلم والمعرفة صدّق «العقلاء» هذه النظرية، لكن هل خطر لنا الحجــم الفعلي لعدد البشر الرافضين لهذه الفكرة؟!
نحن البشر، علينا قتل الحيوانات، أو يجب على أحد أن يقتلهم لأجلنا، لكي نحصل على الطعام. نقتلع الزهور لنزيّن بها منازلنا. نمارس كل التصرفات العنيفة ضد كائنات أخرى حية. والحيوانات تتصرف بشكل مماثل. يأكل العنكبوت الذبابة، وتأكل الذبابة أيًا كان الشيء الذي يأكله الذباب. إنما هناك فارق عظيم، الحيوانات ليست قاسية. عندما يلفّ العنكبوت الذبابة في شبكته، فإنه فقط يقوم بحفظ وجبة غدائه للغد. القسوة اختراع بشري. الحيوانات لا تعذّب بعضها البعض، نحن نفعل ذلك. نحن الكائنات القاسية الوحيدة على هذا الكوكب.
نحن ذلك الشيء الذي يفكر، على حد تعبير ديكارت: «أعرف أنني شيء يفكر، أي يشك ويثبت وينفي ويعرف القليل من الأشياء، ويجهل الكثير، ويحبّ ويكره، ويريد ولا يريد ويتخيّل أيضاً ويحس».
وحدهم العلماء، والفلاسفة، اتخذت «أفكارهم»، الحيطة من أشكال الذاتية المتعالية والنرجسية، وجاذبية فكرة «أن الشمس تدور حول الأرض من دون شك في أنها أعراض الوضع البشري الموسومة بآلية مشاعرنا وسلوكاتنا وضعفنا الفكري والأخلاقي الذي يدفعنا إلى الكذب على أنفسنا وتصديق كذبة أننا مركز الكون. هل هو جهلنا الذي يدفعنا لنكون الكائنات الحية الوحيدة على سطح الكوكب التي تقترف «الإجرام»، من دون رادع؟!
نظرية داروين لم تكن كافية قط، لردعنا عن اقتراف تلك الأفعال السلبية والوحشية التي نمارسها. هل هي مشكلة أخلاقية أم أنها مشكلة جينية؟! ببساطة هكذا خلق البشر. أو ربما هكذا تطوروا.
_________
*السفير

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *