حمور زيادة: نوشك أن نتحول إلى أمة من الكُتَّاب



*دارين شبير

حين يكون الكاتب رقيباً على نفسه، والقارئ واعياً لاختياراته، لا يمكن للأدب إلا أن يكون رسالة عنوانها الرقي، لا سيما أن الرقابة أصبحت بلا معنى في زمن الفضاءات المفتوحة.

بين رواية جديدة تطل علينا كل يوم، وكاتب لقَّب نفسه روائياً من أول عمل، وجوائز أدبية تحوم حولها الشبهات، تداخلت مفاهيم كثيرة، إلا أن التركيز على النصف الممتلئ من الكوب، يمنحنا بعض الأمل فيما يتعلق بحال الأدب اليوم.
«البيان» تواصلت مع الكاتب السوداني حمور زيادة، الذي وصلت روايته «شوق الدرويش» إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر» 2015، في حوار انحاز فيه للموقف القيمي على حساب الموقف السياسي، مؤكداً رفضه للرقابة، ومشيداً بالحراك الأدبي السريع في العالم العربي، وطغيان الكاتب على القارئ، لدرجة أننا نوشك أن نتحول إلى أمة من الكُتّاب.
بين رأيين أحدهما يرفض الرقابة على الأدب والآخر ينحاز لها، لأي مدى تؤيد فكرة الرقابة على الإبداع؟
أنا ضد الرقابة على الابداع، إذ أعتقد أنه من حق القارئ أن يكون رقيباً على نفسه، يقرأ ما يريد ويترك ما يريد، وبرأيي أن فكرة الرقابة أصبحت بلا معنى في زمن الفضاءات المفتوحة.
أخطاء
أصبحنا نرى روائياً جديداً يظهر كل يوم، وروايات جديدة تنشر دون الخضوع للتدقيق، ما يجعلها مليئة بالأخطاء النحوية والإملائية واللغوية، ما انعكاس ذلك على حركة الأدب؟
هناك حراك أدبي كبير وسريع في العالم العربي اليوم، وروائيون جدد يظهرون بين يوم وآخر، لدرجة أننا نوشك أن نتحول إلى أمة من الكتّاب، وأتمنى أن يصاحب ذلك حراكاً في القراءة، فالإحصائيات الدولية تقول إن المواطن العربي لا يقرأ كثيراً مقارنة بغيره في العالم، وهذه مشكلة.
نظرة على الأدب الإماراتي، ما تقييمك له اليوم؟
لفت نظري تطور الأدب الإماراتي بشكل سريع، وما يميزه أنه بدأ يتجاوز نطاق الاقليمية الخليجية ليتواصل مع عموم الوطن العربي والعالم، وهذا التطور مهم ولافت، وخصوصاً لدى الكاتبات الإماراتيات اللواتي أثبتن تميزهن في هذا المجال.
شبهات
تحوم الشبهات حول الجوائز الأدبية، ما يجعلها مثاراً للجدل بين أوساط أهل الأدب، فإلى أي مدى تؤمن بمصداقيتها؟
لا أستطيع الحكم على الجوائز الأدبية في العموم هكذا، فهناك جوائز لها مصداقيتها ومكانتها، وأخرى تعتمد على المحاباة وتقوم على العلاقات الشخصية، ولذا، لا يوجد حكم مطلق على كل الجوائز، فلكل حالة ظروفها الخاصة، ولكن بشكل عام، فإن حمى الجوائز الأدبية تعد أحد أسباب الانفجار الأدبي الحديث في الكتابة، وحلم الحصول على جائزة من أول عمل أصبح يراود الكثيرين، كما أن حلم التحول إلى مليونير من جائزة أدبية واحدة، دفع البعض نحو تجربة الكتابة على أمل حدوث المعجزة.
برأيك، هل حصل المبدع العربي على حقه من التقدير؟
لعله حصل على حقه المناسب لضعف القراءة في مجتمعاتنا والاهتمام بالثقافة، وحتى يحصل على مكانة أكبر يجب أن تتسع شريحة القراء، ويزداد الاهتمام بالثقافة أكثر مما هو حاصل اليوم.
فضاءات الحرية
لأي مدى يسمح للكاتب بأن يحلق في فضاءات الحرية في كتاباته؟
الانحياز لقيم الحرية والمساواة والعدالة أمور لا أظن أن فصلها عن الفن والجمال ممكن، وليس من الضروري أن يترجم ذلك إلى موقف سياسي محدد، إذ يكفي الكاتب أن يكون دوماً مع الحرية أينما كانت.
هل يعني ذلك أنك ترفض أن يكون للكاتب موقف سياسي؟
ليس من الضروري أن يكون له موقف سياسي، بقدر ما يجب أن يكون له موقف قيمي.
هل يؤثر الموقف السياسي للأديب على إبداعه، ولأي مدى يسمح له بالتعبير عنه من خلال كتاباته؟
مشكلة الموقف السياسي في العمل الأدبي أنه يحول الأدب إلى متنفس سياسي، وهذا عيب أدبي خطير يقع فيه كثيرون، فالأصل في الأدب أنه رمزي، لا مباشرة فيه، لذلك كلما ابتعد عن الخطابة وفجاجة التعبير السياسي كان أفضل، ويسمح للأديب بالتعبير عن موقفه بالمدى الذي لا يفسد عمله الأدبي بقصدية وخطابية فجة.
فرصة ذهبية
شارك حمور زيادة في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته 34، معتبراً مشاركته فرصة ذهبية للقاء بجمهور المعرض والكتّاب، وهذا أمر مهم للروائي، ومعبراً عن شغفه بحضور ندوات المعرض التي يقدمها غيره من الكتاب والروائيين، لافتاً إلى إيمانه بأن الروائي يجب أن يتعلم ويستفيد من زملائه، من خلال الاستماع إليهم وإلى تجاربهم.
___
*البيان

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *