إدنا أوبراين: ستالين كان قادراً على جذب الاشخاص


إعداد وترجمة/ ابتسام عبد الله

قالت إدنا اوبراين للصحفي أمر يحيّر كيف يأتي الكتاب الى شخص ثم استطردت، “كانوا يصنعون فيلماً وثائقياً عن حياتي، وكنت في الحديقة الخاصة بفندق في دبلن، والتي تتميز بتمثال مدهش لجيمس جويسس وكنت آنذاك اتحدث مع المخرج شارلي مكارثي، وسألني “ماذا تكتبين في المرة القادمة؟” وقلت حسناً، هناك فجوة، شيئاً من جفاف البئر”. 

واجابني مكارثي: “يقول تولستوي ان هناك قصتين عظيمتين في العالم، وأنا سأقدم “الغريب مع الماضي” – ليس فقط لرومانسية الماضي فقط، بل لان الغريب له ماضٍ سياسي”.
وكنا نحتسي الشاي آنذاك بالقرب من نيران المدفأة المستمرة في صالون اوبراين، وبدأنا نناقش “الكراسي الصغيرة الحمر” ، وهو الكتاب الـ 21 لأوبراين، وروايتها الاولى في خلال عقد من الزمن ولايعني ذلك انها كانت عاطلة في تلك الفترة، ومجموعتها “قديسون وخاطئين”، وفازت بجائزة عالمية للقصة، كما ان مذكراتها قد طبعت في عام 2012، وتحدثت عن دراستها ورحلتها من قرية صغيرة في غرب إيرلندا (للزواج من الروائي كان ضعف عمرها، عندما كانت في الـ 18 من عمرها ومطلقة (وبعد عشرة اعوام بدأ يغار من نجاحها)، والحفلات الصاخبة في الستينيات في لندن، وبول مكارثني، يداعب اوتار الغيتار عند سرير اولادها، وتدعى الى الغذاء في البيت الابيض مع جاك نيكلسون وهيلاري كلينتون. وذات يوم عاد ابنها الى البيت من الجامعة ليجد رجال الشرطة امام الباب ووالدته في الغرفة الامامية مع رئيس الوزراء هارولد ويلسون.
كان من المعروف آنذاك ان ستالين قادر على جعل المراة تشعر بأهميتها، بعد حفلة ما وقادر ايضا على التوقيع على اوامر الاعدام، وكان ماكبث يعرف ما إقترفه، ودخل مرحلة الهلوسة، والخوف كما ان مارلون براندو، كان يدفعها في الارجوحة، في الصباح بعد احدى الحفلات، وسألها ذات مرة، “هل انت كاتبة كبيرة” وقالت اوبراني “اريد ان اكون كذلك”.
والى جانب المديح كانت تتلقى ايضاً العديد من الانتقاد بسبب بعض اعمالها. واوبراين إمرأة دافئة، وجذابة وانيقة في الملابس المخملية، وجميلة وهي في سن الـ 84 واتخذت لها مكانة جيدة في الادب الايرلندي.
وقد وضعها “فيليب روث” اكبر امرأة تكتب باللغة الانكليزية، وان “الكراسي الصغيرة الحمر” هو افضل اعمالها، وهي قريبة من “نورمان ميلير”.
ويبدأ الكتاب بفلاديمير دراغان في حانة في كلونويلا، وهي قرية صغيرة خارج غالوي، حيث “يحيك الناس الفضائح”، ويصاب القساوسة بصدمة والنساء يحملن بأطفال، وأسرعن فيديلما ماكبرايد.
وكانت تلك المرأة قد انجذبت لرجل كان سبباً كان قد اساء الى الوف من الناس، وهو ليس كما يبدو، انه من مجرمي الحرب في البلقان وهو اشبه برادوفان كاراديش، كما وصفته الصحف الاوروبية، “قصاب البوسنة”، والذي بقي في المعتقل بسبب جرائمه في خلال الحصار على سارا ييفو (1992 – 1996) ، ثم نقل الى “الهيغ” للمحاكمة على ما اقترفه في خلال الحرب.
وتقول اوبراين، “احسست ان عليّ ان اكتب شيئاً مؤثراً، حتى إن كان عن الفضائع في بلادنا.
وتقول ايضاً: “كل ليلة اراقب التلفزيون ، القناة الرابعة، وعندما اسمع الاخبار، احس بالاهمية، وكان حظي سعيداً. انظروا الى وسوريا الآن انها دمرت تماماً، ومئات الألوف يهاجرون من بلادهم ولذلك كتبت قصة لها جذور في المكان الذي انتمي اليه: ايرلندا، وانكلترا، والمعاناة والقسوة”.
وتضيف: انا اتابع الاخبار العالمية، “اهتم بما يحدث في بلادي واخاف من الاستبداد والطغيان من قبل الرجال انا افضل الانسان واكره العنف”..
والكراسي الصغيرة الحمر (تعني اجلالا لضحايا حصار ساراييفو)، وتلك الرواية إستغرق اكمالها اربعة اعوام، و كما تقول الكاتبة أصعب عمل انجزته.
ولا اعني بذلك كتابتها بوعي، بل لأنني في كل كتاب، يكون الحاجز أعلى، بسبب التجربة في كتابة روايات سابقة وقراءة كتب اخرى، والتي تجعل الواحد أكثر معرفة ودراية، وأشد إصراراً.
وقد قرأت إدنا رواية “العار” لـ ج.م. كوتزي اربعة مرات قبل ان تبدأ بالكتابة، كما ان البحث اخذها الى الهيغ، حيث تشاهد هناك اللاجئين إثر حصار ساراييفو، حيث استمعت الى الكثير من القصص المؤلمة، وعن الهروب من الحرب والتعذيب والاغتصاب – وبدا كل ذلك بالنسبة لها – نوعا من الشعر الحقيقي. 
واوبراين تكتب بشكل يومي، وتعيد الكتابة عدة مرات،. 
وأوبراين تكتب عادة بالحبر البنفسجي “مثل فيرجينيا وولف” وتعيد الكتابة عدة مرات بلا ضجر. وفي مشهد مخيف في منتصف روايتها يعيد الى الاذهان القاتل المجنون، وهو من عوامل الخوف والمطاردة، ويهدد الآخرين، ولكنه مع ذلك ينهض صباحاً ليتناول الافطار.
وفي المسودة الثانية يتطور العمل وكأنه تحول الى نوع جيد من البسكت ولكنه صلب.
وبروست على سبيل المثال، نجده في المسودة الثالثة ادرك انه قد توصل الى ما يريد.
_______–
عن: التليغراف/ المدى 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *