هوامش» عائشة سلطان.. رحيل بين 49 مدينة



محمد عبد المقصود


«لكل شيء إذا ما تم نقصان … فلا يُغر بطيب العيش إنسان»
بهذا البيت بررت الكاتبة الإماراتية عائشة إبراهيم سلطان وقوفها عند حاجز المدينة رقم 49، في إصدارها «هوامش.. في المدن والسفر والرحيل»، الذي يستقصي أسفارا طالت لـ30 عاماً، وعدم إتمام رقم المدن التي يستوعبها الكتاب بـ«الـ50»، مقدمة اعتذاراً مبدئياً عن أخطاء مطبعية موجودة بأحد أحدث إصدارات الدار الإماراتية «ورق» للطباعة والنشر.
جاء ذلك، في مستهل جلسة مناقشة «هوامش في المدن والسفر»، التي استضافتها ندوة الثقافة والعلوم، مساء أول أمس، وأدارتها شيخة المطيري وشهدت حضور رئيس مجلس إدارة «الندوة» سلطان صقر القاسمي، ونائب رئيس مجلس الإدارة الأديب علي عبيد الهاملي، ورئيس اللجنة الثقافية الدكتور عبدالخالق عبدالله، وكوكبة من المثقفين والمهتمين بالأنشطة الثقافية.
«لا حدود لسقف الانتقاد المرحب به»، مقولة أخرى لسلطان شجعت الموجودين في المناقشة على أن يكونوا أكثر مباشرة تجاه ملاحظاتهم النقدية المرتبطة بالكتاب، في حين أشارت الكاتبة، التي تجمع بين الخبرة الطويلة في العمل الإعلامي، خصوصاً من خلال أعمدة وزوايا صحافية، ظلت رفيقة للقارئ سنوات طويلة، ومجال الكتابة الأدبية، إلى أن «السفر» من وجهة نظرها ضرورة بشرية، في ما يتعلق باتقاد المعرفة وانفتاحها على الآخر، وليست ترفاً.
وأضافت سلطان الذي رأها البعض شديدة التأثر بتجربتها الصحافية في كتابة المقال، خصوصاً في تجربتها الأدبية: «السفر من متع ونعم الحياة، وإذا ما أتيح لامرئ، أنصح بعدم تركه، أو تأجيله، بدعاوى انشغال لن ينتهي، إلا حينما يكون صاحبه غير قادر بالأساس على السفر، والاستمتاع بتفاصيله».
وتابعت: «تكبر الروح وتتباعد سنوات العمر، فتتضاءل القدرة على الدهشة، وإذا ما سافر الشخص في هذا التوقيت المتأخر، لن يجد المتعة ذاتها التي كان بالإمكان أن يجدها إذا ما تم فعل السفر في التوقيتات المناسبة».
هذه المقدمة التي ساقتها سلطان، والتي ربما تبدو بعيدة عن مضمون الكتاب محل المناقشة، كانت ضرورية للكشف عن دوافعها لتخصيص كتاب يطوي تلك التجارب، حيث أشارت إلى أنها بدأت تجريب السفر في سن مبكرة مع الأسرة، شأنها شأن الكثير من الأسر والعائلات الإماراتية التي كانت تسافر لظروف وأسباب اقتصادية، بالأساس، مضيفة: «كنا نسافر من دبي إلى المنطقة الشرقية، بسبب شح المياه، في مقابل وفرته شرقاً».
ورأت سلطان أن أهالي دبي، شأنهم شأن أهالي المدن البحرية، مجبولون بطبيعتهم على عشق السفر والترحال، مضيفة: «دبي هي من علمتني الحب والأبجدية، التي لم أتعلمها في المدن والبلدان البعيدة، لأن قوامها ومفرداتها الرئيسة ببساطة هي حب الحياة، وهي من غرست بداخلي الشغف بتلقي كل المعارف الأخرى التي استقيتها من المدن المختلفة».
السفر ليس «فرجة»، قناعة أخرى تثبتها سلطان أثناء تقديم رؤيتها لـ«هوامش»، مشيرة إلى أن من يعتقد أن متعة السفر في «الفرجة»، ومجرد «المشاهدة»، فأسفاره ستظل ناقصة، معتبرة أن «الولوج إلى عمق وروح المدن والإبحار في تفاصيلها، هو ما يشكل تجربة سفر حقيقية».
وعددت سلطان أسباباً كثيرة للسفر، بعيداً عن فكرة «السياحة» المباشرة، لكنها ركزت على أن عوائد السفر تختلف من شخص لآخر، حتى إن تطابق سبب الرغبة للسفر، مضيفة: «هو مثل فعل التسوق، قد نقوم جميعاً به، ويعود كل منا وفي جعبته أغراض مختلفة ومتباينة، وفقاً لاهتمام وتطلعات صاحبها».
رائحة «المدن» وتفاصيلها الصغيرة تظل في ذاكرة المؤلفة، كختم متفرد: «أتذكر حتى رائحة المدينة، وطرقاتها، وعشبها وترابها، هي بواعث ومؤثرات لا يمحوها تعاقب السنين، وتفرض لكل منها شخصيتها المستقلة».
وخلصت سلطان إلى أن «الكتابة عن السفر، متعة أخرى، بخلاف متعة السفر، في حين يستطيع كل منا أن يكتب عن السفر بطريقته الخاصة».
واتسمت المداخلات المرتبطة بنقاش «هوامش في المدن والسفر والرحيل» بالمباشرة، والابتعاد في معظمها عن الصيغة المجاملة.
—–
الإمارات اليوم

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *