صدر حديثًا، عن المركز العربي للدراسات، كتاب «هايدغر والفكر العربي» للكاتب مشير عون، وقد ترجمه إلى العربية إيلي أنيس نجم، ويقع الكتاب في 190 صفحةً من القطع الكبير.
ويمعن الكاتب النظر في المساهمة الإيجابيّة لمشروع مارتن هايدغر (1889 – 1976)، بغضّ النظر عن توتّرات هذا الفكر الداخليّة العديدة، بخاصة أن فكر هايدغر، بحسب المؤلف، لم يُثِرْ في العالم العربيّ على الإطلاق أيّ شغف عقليّ، كما أنه لم يمارس البتّة أيّ إغواء أيديولوجيّ.
ويعود السبب، في رأي بعضهم، إلى ما اقتضاه مسعاه الفلسفيّ، فهو مقتضًى نقديّ مغاير للرأي الفلسفيّ السائد. وإنّ التعقيد الذي طبع فكره بطابعه الخاصّ، والراديكاليّة التي لازمت هذا الفكر، جعلَا هايدغر مؤلِّفًا تصعب إحاطته في حدود ما يستطيع العقل العربيّ الحاليّ أن يتفكّر فيه. ويتيح إمعان النظر في فكر هايدغر للفكر العربيّ، تعميق أبعاد التفكّر في الكون، وأن يسعى هذا الفكر إلى الوقوف على إمكانات محتملة يستلهمها لتُمكّنه من بلوغ الاختبار الخاصّ بالثقافة العربيّة في عمق مسعاها التاريخيّ الخصوصيّ.
يقارن المؤلّف بين البنى الخاصّة بالفكرين الهايدغريّ والعربيّ، ثمّ يقيم مواجهةً بين النظرتين الأنثروبولوجيّتين اللتين يوصي بهما الفضاءان الفكريّان. وبالنسبة إلى الأنثروبولوجيا العربيّة، يقصر المؤلّف البحث على الأنثروبولوجيا التي تنتسب إلى الإسلام؛ ذلك أنّها تكوّن، في رأيه، العنصر الذي تمثّل أغلبية الشعوب العربيّة في الوقت الراهن. ثمّ يقابل بين التسليم لمشيئة الله في الإسلام والتسليم لمشيئة الكون عند هايدغر.
يتضمّن الكتاب قسمين: الأول “مارتن هايدغر وإشكاليّة اقتباله العربيّ”، ويضم هذا القسم من الكتاب أربعة فصول وخاتمة، وينعقد على تحليل مقارن للبنى الخاصّة بالفكرين الهايدغريّ والعربيّ. في حين يحاول القسم الثاني “المواجهة بين الأنثروبولوجيتين الرؤية الهايدغريّة للإنسان في وجه الرؤية العربيّة للإنسان”، وهو يضم أربعة فصول وخاتمة أيضًا، أن يقيم مواجهةً بين النظرتين الأنثروبولوجيّتين اللتين يوصي بهما الفضاءان الفكريّان.
—-
البوابة