حين فاز الكاتب الفرنسي «سالي بوردوم» بأول جائزة نوبل للآداب عام 1901م، كتب المسرحي السويدي «اوغست سترندبرغ» أول مقال ساخر يتهكم فيه على لجنة الأكاديمية السويدية وتجاوزها للمعايير التي وضعها العالم ألفريد نوبل لجائزته.
أحيطت الجائزة منذ بداياتها وحتى اليوم بالتساؤلات والشكوك، حيث تجاوزت كتابا كبارا من مثل: اميل زولا، توماس هاردي، رافائيل البرتي، غونتر غراس، ايفتوشينكو، جراهام غرين.. وآخرين. وتأخر ترشيح تولستوي إلى الجائزة كثيرا، فكان أول من رفض الترشيح اليها، وكذا.. فعل برنارد شو عام 1925م، قائلا: وصلت إلى بر الأمان، فلماذا ترسلون إليّ الآن عوَّامة النجاة؟! .
ورفضها جان بول سارتر عام 1964. قائلا بأنها: تُعرقل مسيرتي كمكافح وإنسان متمرد، أما الكاتب فلا تميزه الجوائز وشهادات التقدير. قارئ كتاب خالد محمد غازي: نساء نوبل.. الفائزات بالجائزة في الآداب، يمكنه التغاضي عن تطابق عنوان كتابه مع محتواه منهجيا، من حيث استفاض في تاريخ الجائزة وحيثيات اختياراتها والشكوك المثارة حولها..إلى أبعد من تركيزها على كتاب الغرب الأوروبي ـ الأميركي، إقصاء لأفضل كتاب الشرق والجنوب عن جوائزها، خصوصا.. الكتاب العرب، حيث لم يحصل عليها سوى: نجيب محفوظ، من بين قائمة تطول: طه حسين منذ ترشيحه لها عام 1955، الأخطل الصغير، وتوفيق الحكيم، ونزار قباني، ويوسف ادريس، وادونيس، ومحمود درويش، والطيب صالح، وغادة السمان، وعبدالرحمن منيف.. الخ.
يمكن للقارئ أن يستخلص من الكتاب ما هو أبعد من جوائز الترضية التي وزَّعتها الأكاديمية بأقل من أصابع اليدين لثلاث قارات كاملة هي آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث حصل عليها: طاغور وسلمان رشدي وكينزا بوري اوي من آسيا، نجيب محفوظ، وول سوينكا ـ نادين جورديمير من افريقيا، نيرواوغابرييل غارسيا ماركيز من أميركا اللاتينية.
في حين حصل عليها كتّاب بسبب «الحرب الباردة» كالروسي اليهودي بوريس باسترناك الذي رفضها تحت ضغط السلطة السوفييتية آنذاك، وبعضهم.. كالإسرائيلي صموئيل عجنون عام 1966 على الرغم مما تطفح به كتاباته من عنصرية صهيونية تتناقض مع معايير مؤسس الجائزة. ثم الكاتب اليهودي المغمور جدا: اميري كيرتشي الحاصل عليها عام 2001 في سياق الانتفاضة الفلسطينية بينما يتحدث عن مذابح اليهود!!.
ينوه المؤلف إلى اتساق الجائزة مع سطوة رأس المال وكواليس السياسة وضغط اللوبي الصهيوني، حيث لعبت رئاسة خوسيه ثيلا لجمعية الصداقة الإسبانية الإسرائيلية دورا أساسيا في منحه جائزة نوبل على الرغم من تواضع كتاباته أمام إبداعات شاعر إسباني كبير مثل: رافائيل البرتي!، وقد نال الأميركي جون شتاينبك الجائزة رغم أنه من المؤيدين المتحمسين لحرب فيتنام!.
بعد أن يخصص المؤلف نصف كتابه للحديث عن دائرة الشكوك حول الجائزة، ثم عن الجائزة في ديار العرب، يفرد لثلاثة ملاحق عن الفريد نوبل: العبقرية والجائزة المدهشة، كما عن.. مؤسسة نوبل: الشروط والقانون، وأخيرا عن.. الجائزة والأكاديمية السويدية، المانحة لها، بكل فروعها: العلمية ـ الأدبية ـ السلام!!
حيث بقي أعضاء الأكاديمية في حيز الكتمان، ومن بين أعضائها الثمانية عشر لا توجد سوى قلة هي التي تقرأ الرواية أو الشعر، وكان مستواهم الأدبي متوسطا.
وبعد فضيحة خطاب جوزيف برودسكي عام 1987، استقال على الفور خمسة من أعضاء الاكاديمية، وكان رئيسها ستور الن حتى عام 1986 موظفا يعمل في برمجة الكمبيوتر حيث إن انجازه الوحيد: إتمامه لقاموس اللغة السويدية.. إلكترونيا. ثم يفرد المؤلف نصف كتابه، للفائزات من النساء بالجائزة، حيث لا تكمن المفارقة في رد فعل توني موريسون على صديقتها التي أخبرتها بالنبأ: أنت تهلوسين، لم يحصل زنجي أميركي قبلي عليها!!.
لأن المفارقة لا تكمن وحدها في.. زنوجة موريسون، وهي المرأة الزنجية الأولى التي تحصل على الجائزة، بعد الكاتب الزنجي الأول: وول سوينكا، وانما.. من كونها أول كاتبة غير يهودية تحصل على الجائزة!!
أما الكاتبات الثماني الأخيرات، فجميعهن يهوديات من جنسيات مختلفة!
أولاهن: سلمى لاجيرلوف السويدية عام 1909، ثم غدت بعد خمس سنوات فقط، عضوة في الأكاديمية السويدية المانحة للجائزة!
والثانية: جراتسيا ديليدا عام 1926، والمولودة في جزيرة سردينيا.
والثالثة: سيجريد أوندست النرويجية عام 1928.
والرابعة: بيرل بك الأميركية عام 1938.
والخامسة: غابرييلا ميسترال التشيلية عام 1945.
والسادسة: نيللي ساخس الالمانية عام 1966.
والسابعة: نادين جورديمير الجنوب افريقية، البيضاء، عام 1991.
والثامنة: فيسلافاشيمبورسكا البولندية عام 1996.
والتاسعة : نادين غورديمير
والعاشرة : هيرتا مولر
والحادية عشر : دوريس ليسينج..
والثالثة عشر : آليس مونرو
اشتمل الكتاب أيضا على ببلوغرافيا مختصرة للفائزات مع مقتطفات من أقوالهن، ودراسة موجزة في القواسم الأدبية المشتركة بينهن.
__________
*المصدر: المدى