*إسماعيل فقيه:
«غرام مع حبيب سابق»، عنوان رواية صادرة حديثاً للكاتبة اللبنانية هيام التوم الريس، تحمل هواجس الحب والقلق المفتوح على احتمالات الأمل والتعاسة. صور الحب فيها كثيرة، كأنها تخرج من أعماق دفينة وكثيرة ومتضاربة، ومتناقضة أحياناً. وكما قيل ويقال، الرسالة تقرأ من عنوانها، فإن عنوان رواية الكاتبة هو الغرام، فأي غرام مع حبيب سابق تتحدث عنه الكاتبة التي تقول «هذه ليست روايتي، بل هي قضبان من ورق، أنصبها حول سكان مخيلتي».
عن روايتها، وعن الحب الكبير والصعب والغريب والمتناقض، تحدثت الراوية إلى «الخليج الثقافي»:
} هل تكتبين رواية الحب أو رواية ما قبل الحب وبعده؟
أكتب رواية معاناة البشر، وقد يعانون الحب أو انعدامه، أموراً أخرى كالمرض والموت والندم والخوف والحرب والخيانة، والعقد التي يرثونها فترسم طرق حياتهم. فكلنا محكوم بموروثاته ومفاهيمه وقيمه ومعتقداته التي زرعت فيه والتي تربى على أنها الصحيحة، وكل ذلك قد يسبب له ولشريكه في الحب، أو في الحياة أزمات عابرة أو دائمة.
} ولكن الحب له ألوان وصور متعددة وبعضها متناقض في روايتك.
الحب واحد، ولكن كل منا يحب على طريقته. فالبعض يظن الكلام عن الحب كاف، والبعض الآخر يركز على الاهتمام، ومنا من يعطي في الحب حتى الرمق الأخير، ومنا من يعتاد على الارتواء من نهر الحب ورمي حجر فيه. لذا يسعدنا الحب حيناً ويشقينا حيناً آخر. في روايتي أكثر من قصة حب وأكثر من مثال على ما أقوله، وكلها موجودة في حياتنا اليومية نلتقي أبطالها في كل زمان ومكان.
} كأنك تكتبين الحب ونقيضه، لماذا؟
نحن لا ندرك قيمة الأشياء الا حين نفقدها، لا نعرف أهمية النور الا حين نقبع في الظلام، لذا كان علي الإضاءة على الرديء كي يظهر الحب الحقيقي.
في الرواية أقول «يضعنا الحب في غرباله فإذا معظمنا زؤان والقمح قليل»، هنيئا للحبيب الذي ترشح يديه قمحاً يعيش عليه المحبوب، وليعلم الزؤان أن مصيره كما مصير محبوبه، إلى الزوال.
الحياة هي مجموعة تناقضات: الحرب والسلم، الدمعة والابتسامة، السراء والضراء، الحب والأنانية ونحن في كل منها نفهم الضد أكثر.
} إلى أي مدى تعكس روايتك واقعك الشخصي؟
روايتي واقعية، فالغرام واقع نعيشه كل يوم بكل أفراحه وأحلامه وجراحه ومعاناته، لكنها لا تعكس واقعي الشخصي، هي مقتبسة من دموع الأصدقاء وآلام الرفاق، معجونة بأحاسيسي ومخبوزة على وهج خفيف من الخيال الذي يجمل الواقع والذي نحن بحاجة اليه، كحاجتنا لإضافة منكهات ومطيبات إلى أطباقنا اليومية.
} أين أنت من شخصيات روايتك؟
خلال الرواية كنت أرافق شخصياتها، مرة أتفرج على إحداها من تلة قريبة، ومرة أذرف دمعة على ظلم أخرى، وأخبر غيرها أنني مررت بالوجع نفسه، وأحياناً أتعاطف معها وأدافع عنها، وأحياناً أخرى أرفع صوتي موبّخة، أنا دائماً هنا أرافق أبطالي إلى أقدارهم وألبس مشاعرهم وأتقمص أرواحهم، أنا دائماً موجودة في دور رئيسي أو ثانوي، بطلة أو كاتبة أو صاحبة اقتراح أو راسمة لنهج، أحوم دائماً في مسرح الكتابة كما يجول مجرم في مسرح جريمة.
} لماذا اختيار الرواية سبيلاً للتعبير ولطرح موضوع الحب؟
الرواية هي منبر واسع لطرح كل أفكاري وآرائي ومعتقداتي واقتراحاتي من خلال قصص مشوقة تشد القارئ لمعرفة ما يحصل مع المحبين على مسرح الحياة، ومن خلال أسلوب شاعري مملوء بالصور والمشهديات يأخذه إلى العالم الذي يعيش فيه الأبطال فيتفاعل معهم ويضع نفسه في خضم مشكلاتهم ومعاناتهم ليبحث معهم عن حلول وعن سبل السعادة.
} وماذا عن علاقتك بالكتابة ؟
علاقتي بالكتابة وصفتها في مقدمة روايتي، نحن عاشقان يبعدهما كيد الزمان حينا ويقربهما الشغف أحياناً أخرى، الكتابة كما الصوت الجميل والأنامل السحرية هبة من مواهب الخالق يجب علينا أن نصقلها وننميها ونحسن استعمالها، هي سلاحي في وجه الظلم وعلاج لمداواة الوجع، وزادي في رحلات الحب الجميلة، عندما أمارسه أشعر براحة عارمة. وعندما أحرم منه أحس بألم مؤمن ممنوع من ممارسة شعائره الدينية.
_______
*المصدر: الخليج الثقافي