محمد فايز جاد
تسع سنوات مرت منذ أن غيب الموت جسد الأديب العالمي نجيب محفوظ، لكن روحه تأبى إلا أن تظل خالدة في أعمال سيحفظها التاريخ، وتحفظها الإنسانية في سجلاتها إلى الأبد.
إن صاحب نوبل لم يكتف بما نشر، وما حفظه قراؤه عن ظهر قلب، إنما أصر على أن يطل من جديد كأنما يلبي رغبة عشاقه الذين سيظلون دائما وأبدا متعطشين لإبداعه، باحثين عن كل ما خطته يدا محفوظ، ليعود إلينا في دفعة جديدة من “أحلام فترة النقاهة”.
القصة بدأت عندما اتصلت ابنتا محفوظ بإبراهيم المعلم مالك دار الشروق، لتخبراه بأنهما عثرتا على أوراق تخص أباهما، مدون بها عدد من الأحلام، وقد ظنتا في البداية أنها قد نشرت، لكنهما اكتشفتا بعد ذلك أن الأحلام تبدأ من الحلم رقم 200 وتنتهي بما يجاوز الـ400، وهو ما يعني أنها لم تنشر من قبل.
في هذه الأثناء كتب د.زكي سالم، صديق محفوظ، منشورا على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، يشير إلى العثور على هذه المخطوطة، واصفا إياها بالكنز، وجاء في المنشور: “أخيرا وبعد تسع سنوات، تم الوصول إلى (الكنز)، مئات من “أحلام فترة النقاهة” لأستاذنا العظيم نجيب محفوظ، لم تنشر من قبل، وهذه ثروة أدبية لا تقدر بمال، وستنشر قريبا بإذن الله، وهكذا تكتمل قمة إبداعات في القص”.
الأمر قوبل بالشك في البداية، حول ما إذا كانت هذه الأعمال تخص محفوظ بالفعل أم أنها منسوبة إليه، بخاصة بعد تصريحات صحفية للأديب يوسف القعيد صديق محفوظ وتلميذه، طالب فيها بتحري الدقة قبل نشر أي من هذه الأعمال، متسائلا حول السبب في تأخر نشر هذه الأحلام طوال هذه الفترة.
وقال القعيد إن هناك شخصا هو الوحيد الذي بإمكانه التأكيد على صحة نسبة هذه المخطوطات لمحفوظ أو عدم صحتها، وهو صبري السيد الذي كان سكرتيرا للكاتب الراحل ثروت أباظة، ثم عمل لدى محفوظ لفترة غير قصيرة ليساعده على الكتابة بعدما أعاقته الإصابة التي لحقت به جراء محاولة الاغتيال عن الكتابة.
هذه التصريحات للقعيد مدعومة برأي د.يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي وأحد أصدقاء نجيب محفوظ، الذي التقى بالمعلم للتأكد من صحة نسب هذه المخطوطة لمحفوظ، دفعت المعلم للبحث عن صبري السيد، الذي بمجرد اطلاعه على المخطوطة أكد أنها تعود لمحفوظ.
من جانبها، قالت رحاب بسام مسئولة النشر في دار الشروق إن الدار بصدد تنسيق النصوص وتصحيحها، ومن المتوقع أن يصدر الكتاب في ذكرى ميلاد محفوظ التي تحل في ديسمبر.
أحلام فترة النقاهة، نصوص كتبها محفوظ خلال الفترة التي تلت محاولة الاغتيال التي تعرض لها عام 1995، والتي تدهورت بعدها حالته الصحية تدهورا شديدا، بخاصة بعد ضعف بصره وسمعه، ما جعله في حالة يشبه العزلة عن العالم الخارجي.
خلال هذه الفترة أنتج محفوظ هذه النصوص التي يمزج فيها بين الأحلام وبين الواقع، وبين الفلسفة والنظرة الاجتماعية والرؤى الصوفية، في جرعات مكثفة من الإبداع الأدبي والإنساني، أملاها على سكرتيره صبري السيد الذي شاء القدر أن يكون هو وسيلتنا الوحيدة لإزالة كل شك في في أن هذه النصوص قد لا تعود لمحفوظ.
وما زلنا بانتظار هذه النصوص التي هي هدية الشروق لنجيب محفوظ في عيد ميلاده، وهدية محفوظ لعشاقه، في آن.
بوابة الأهرام