الذاكرة حب يبقينا دافئين في ماهيتنا، والصراع وحش يصيبنا بالرعب وفوبيا الرفض القاتم من فكرة الزوال الوجودي على كل المستويات، وحش مجازي يخلف وراءه حربا مع الآخرين تستنفد ذواتنا لأجل البقاء، وينتصر في الحياة من يهزم هذا الوحش أو يعقد معه معاهدة سلام.
عن دار “الفارابي للنشر” ببيروت، صدرت حديثا رواية بعنوان “في متاهات الذاكرة”، للكاتبة اللبنانية وفيقة معتوق. الرواية من القطع المتوسط.
تحاول شخصية البطلة سوسن المنسجمة مع شخصية جزال في الرواية، تسجيل خاطرة من خواطر الحواس العصرية التي تتساوى مع مفهوم الحدس في محيطنا العربي، حيث لا تزال فكرة الوعي لمكنونات الذرّات المحيطة بنا، تفصيلا ساقطا من جدول الأساسيات. ولا يزال المجهود الذهني للعقل الباطن مسجونا ضمن حدود جمجمة الجسد الدافئ، والمعزول عن طاقة التواصل الروحاني للموجودات وجذرها الزمني في الأماكن. من هنا تأتي أهمية قِدم المدن في العالم. فموجوداتها تحمل طاقة الناس وذكرياتهم من العهد القديم، وحضورها لا ينتهي مع انقضاء زمنها ولا يختفي من الوجود.
تشير الكاتبة وفيقة معتوق إلى أنها قرأت في أحد المواقع جملة تقول “يدفعك الناس إلى أقصى الحدود لتغضب، وعندما تفعل تصبح أنت المخطئ!”.
لذلك بالتحديد تسعى البلاد الواعية ترسيخا لفكرة الحضارة، إلى توسيع أفق الإدراك في المحيط، لكي تصبح هذه الحدود التي تدفعك إلى الغضب، بعيدة المنال لراميها. وتستسلم الذاكرة أمام الشلل المطبق على قدرات البشر الوحشية، ونصبح كائنات موضوعية لا تستدعي الدمار بدوافع مجموعات من المخاوف الساكنة.
والروائية وفيقة حسن معتوق، من مواليد 1976 ببيروت. تخرجت من الجامعة اللبنانية في بيروت بشهادة ماجستير هندسة داخلية عام 2007. مارست الكتابة منذ أيام الدراسة، ونشرت عددا من المقالات في ملحق جريدة النهار اللبنانية.
تابعت نشاطا تربويا في مخيمات العمل التطوعي في وزارة الشؤون الاجتماعية لمدة خمس سنوات، واشتركت في أكثر من معرض للرسم وحازت على شهادات تقدير.
تابعت عملها في مجالات بعيدة عن تخصصها، كالتجارة والتمريض والتعليم، واكتسبت منها رؤيتها الشاملة لمعاناة الإنسان العربي.
العرب