التحفة السينمائية «لمسة زان»..والنزعة إلى الكمال


ترجمة: كوليت مرشليان


تعود «هسوفين»، أي المحاربة الشرسة في فيلم «لمسة زان»، إلى تايوان في مشروعها الضخم وذلك بعد توقف سنوات عن العمل السينمائي، فهي قد توقفت عن التمثيل منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي لتنطلق في مجال الإنتاج وقد حصدت «السعفة الذهبية» في الأوسكارات عن فيلمها «وداعاً عشيقتي» للمخرج شين كايج عام 1993، وهي أطلّت في «مهرجان كان» الماضي وضمن فقرة «كلاسيكيات كان» حيث عرضت لها النسخة الجديدة والمرمّمة من فيلم «لمسة زان» للمخرج الكبير كينغ هو مع الممثلين شي شون الذي يلعب في الفيلم دور المفكر والمثقف غو ويانغ باي في دور الجنرال شي. الممثلان ما زالا في رونقهما وتحدثا إلى مجلة «دفاتر السينما الفرنسية» عن هذه التجربة السينمائية التي كان لها وقعها منذ سنوات وتحديداً عام 1971:
 في أي ظروف التقيتما المخرج كينغ هو؟
ـ (شي شون): بدأت العمل مع كينغ هو في فيلم «دراغون» عام 1967 مع أنني كنت أعرفه قبل ذلك بسنوات كثيرة. كنت أتناول كأساً مع صديق تربطه علاقة عائلية بمخرج شركة «أونيون فيلم كومباني» وكان بصدد التحضير لإنتاج «دراغون» و»لمسة زان». هذا الصديق التقى كينغ هو في تلك المناسبة وحدّثه عني. كنت قد بلغت الثلاثين عاماً ولم أكن قد بدأت بأدوار مهمة لكن كينغ طلب مني أن أصوّر معه وألحّ عليّ بذلك. تصوّر بأنه طلب مني مباشرة التوقيع على العقد في الاستديو! وهذا ما حصل.
ـ (يانغ باي): من جهتي، عرفت أن شركة الإنتاج تبحث عن وجوه جديدة وقد طلبا للمشاركة من اجل التسلية فقط إذ لم أكن آمل كثيراً بالتوفيق، ولكن بعد مقابلة قصيرة مع كينغ هو، انطلقت في المغامرة…
وكيف جرى التصوير في هذا الفيلم المميز «لمسة زان»؟
ـ (شي شون): ما بين التصوير والعرض هناك فترة زمنية امتدت إلى ثلاث سنوات وستة أيام! ولكن بالتأكيد لم يكن ذلك في تواصل دائم إذ كان هناك بعض التوقف وذلك لأن كينغ هو كان مرتبطاً بمشاريع أخرى فكان يوقف التصوير شهرين أو ثلاثة أشهر ثم نعود… والصعوبة كانت في استعادة الأجواء داخل الاستديو بعد كل توقف.
ـ (يانغ باي): بما أننا كنا قد وقّعنا عقداً كان علينا الالتزام بكل ذلك. كنا أحياناً ننتظر يوماً كاملاً إشارة الانطلاق من جديد في التصوير.
النتيجة البصرية
 وكيف كان يعمل كينغ هو مع الممثلين؟
ـ (شي شان): كان يوزّع علينا كل يوم النص المطلوب منّا تنفيذه، أما هو فكان اهتمامه الكبير بالنتيجة البصرية لما يقوم بتصويره. ولا أحد يشبهه بقدرته على خلق المشاهد الغرائبية والجميلة مثل الطريق وسط الوادي الذي يبدو مثل صحراء طويلة في فيلم «دراغون»، وكان يبرع في إعادة خلق أجواء الصين القديمة.
ـ (يانغ باي): (…) كان يهتم بكل شيء: النص والإخراج وإدارة الممثلين والمونتاج والديكورات والأزياء… فكان يرسم كل شيء فيغيّر الجميع التصاميم السابقة لاعتماد ما صممه بنفسه… حتى أنه كان يضع كاليغرافيا افتتاحيات الفيلم (الجينيريك) باختصار، كان من النوع الذي يؤمن بالعمل المتكامل فينجز أفلامه من الألف إلى الياء.
 وهذه النزعة لديه للكمال هل كانت تؤثر سلباً على التصوير في «لمسة زان»؟
ـ (يانغ باي): أبداً لأنه لم يكن من النوع العصيب بل على عكس ذلك كان هادئاً بشكل دائم وحين كان يعطي ملاحظة كانت طبيعته الهادئة والصارمة كافية لتكون الأمور على ما يرام.
 وكيف كان يتحضر لمشاهد القتال؟
ـ (يانغ باي): لم تكن الكوريغرافيا في أفلام كينغ هو الخاصة بتلك الأنواع من القتال على علاقة بفن القتال بحد ذاته بل كان يستعين براقصين وفنانين من «أوبرا بيكين». وقبل البدء بتصوير «لمسة زان» طلب مني أن أخضع إلى دورة تدريب على رقص الفالس وذلك لكي أعرف كيف أسيطر على تحركاتي في مشاهد القتال، بحيث تصبح حركات رقصة الفالس أقرب إلى فن القتال الخاص بـ»الكونغ فو».
البوذية
 والفيلم يناقش أيضاً الديانة البوذية: فهل كان هذا البعد الديني يستهوي كينغ هو؟
ـ (شي شان): أبداً، فهو لم يكن لعمله أي علاقة بالدين، ولم يكن على أي علاقة بالديانة البوذية، بل كان بكل بساطة فناناً وناقداً لاذعاً للحياة وأراد أن يوصل هذه الرسالة في فيلمه.
ـ (يانغ باي): ولكن مع أن كينغ هو لم يكن يتحدث عن الدين أمامنا غير أنني كنت أتلمّس أنه يقترب بتصرفاته من القيم البوذية في أسلوب عمله، خصوصاً في الفكرة الرئيسية للبوذية وهي طلب الكمال في اتقان العمل للوصول إلى قمة العطاء وهو كان يجسّد ذلك في أسلوب عمله المتفاني.
 إلى أي حد تعتبران أن فيلم «لمسة زان» هو الرقم واحد في كل ما قدمه كينغ هو من أعمال؟
ـ (شي شان): «لمسة زان» كان فيلماً مميزاً في مسيرة هذا المخرج المبدع، لذا عمل جاهداً لإيصاله إلى «مهرجان كان» ولم يكتف بالسوق الصيني أو سوق هونغ كونغ لتسويقه بل حاول إطلاقه عالمياً، وقد أعطى من ذاته بقوة في هذا الفيلم حتى أن نشاطه ما بعد هذا الفيلم قد خفّ كثيراً وكأنه كان قد اكتفى بما قدّمه في «لمسة زان» الذي يبدو كعصارة أفكاره.
 هل من مشهد معيّن بقي في ذهن كل واحد منكما في هذا الفيلم؟
ـ (يانغ باي): من الصعب الاحتفاظ بذكرى واحدة فقط إذ إن كل المشاهد حملت جديداً إلينا. ولكن أذكر بشكل دقيق عملية الماكياج التي كنت أخضع لها كل يوم وحين يتم هذا الأمر لا مجال لحك الوجه مثلاً إذا ما شعرت بما يزعجك، وكنت أحياناً أعود إلى البيت وأنام ثم أنتقل مجدداً إلى التصوير من دون نزع الماكياج، فصرت أحس بأن هذا الدور قد سكنني بشكل كامل.
المستقبل

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *