منة الله الأبيض
روى الكاتب المستشار أشرف العشماوي، تجربته الإبداعية وبداياته في عالم الكتابة الروائية، التي كان بطلها الكاتب الراحل أنيس منصور، إذ قدم له دفعة معنوية، جعلته يتحسس طريقه لنشر روايته، التي كُتبت من أعوام، وكانت معروفة آنذاك في محيط أقرانه وعائلته فحسب.
وفي جلسة نقاشية حول رواية “كلاب الراعي”، الصادرة حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية، حضرها عدد من طلبة القانون، والمستشار سامي زين الدين، ود.إيهاب شلبي، ود.رشا وجدي، مسئولو المنتدى الثقافي لمؤسسة “R.I.S.C”، بالمعادي الجديدة مساء الأربعاء، فسر العشماوي عنوان الرواية “كلاب الراعي”، بأن الكلاب هم عبدة السلطة والسلطان، المنساقون وراء الحُكام، والمقصود بهم في الرواية المماليك، هؤلاء المتلاعبون الذين يتحينون الفرص ويبتكرون المؤامرات للانقضاض على السلطة.
تدور أحداث الرواية خلال سنوات الفوضى وفي فترة مظلمة ومنسية من تاريخ مصر الحديث ما بين جلاء الحملة الفرنسية عام 1801 حتى تولي محمد علي حكم المحروسة عام 1805، وما دار خلال تلك الفترة العصيبة من مؤامرات داخل أروقة القلعة وقصور حكام المماليك ودواوين الحكم.
وأجمع عدد من الحضور على أن أحداث وشخوص الرواية جاءت مُسقطة على الواقع المصري المعيش في الفترة من بدء الثورة مرورًا بحكم الإخوان حتى الآن، بخاصة أن الصراع على السلطة هو المحور الرئيسي للرواية، وبرر العشماوي ذلك بأنه لم يكن ينتوي أن يُسقط أيّ أحداث علي الواقع، وإنما إعادة التاريخ لنفسه، جعلت القارئ يتوقع ذلك، موضحًا أن قراءة التاريخ واستعادة أحداثه ربما تختصر الطريق وتقلص المسافات لتفادي الأخطاء.
وبطلا الرواية أخوان غير شقيقين، هما كمال سيف الدولة نائب محتسب القاهرة والمسئول عن حفظ الأمن والنظام، والمهادن والموالي لكل سلطة من حكام المماليك وسلاطين الأتراك للحفاظ على منصبه، والأخ الأكبر الحسن جمال الدين الرومي كاتب الديوان، المغامر، والفارس الشجاع الموالي لمحمد علي، والذي أنهك جيوش المماليك وعساكرهم من جراء متابعته وملاحقته بالقاهرة والجيزة والمنيا وصحراء أسيوط.
وتنقلنا الرواية إلى أجواء ذلك العصر وثيابه وعاداته وتقاليده وصور الحياة اليومية، والحروب التي كانت تدور في شوارع القاهرة وحواريها بين المماليك والمصريين، ودور الأقباط في الحفاظ على الهوية المصرية ومقاتلتهم العدو جنبًا إلى جنب مع المسلمين، كما تبرز الرواية الدور السياسي الذي لعبه القناصل الأجانب طوال سنوات الفوضى الثلاث السابقة على تولي محمد علي عرش مصر، وكيف كانوا يتدخلون في الحكم من وراء الستار أحيانًا ومن أمامه في أغلب الأحيان.
ينوه العشماوي بأن سطور كتاباته، ليست موجهة لقارئ معين، فالأدب في رأيه عملية إنسانية، تخاطب العالمين كافة، فهو يكتب للإنسان فحسب، بخاصة أن رواياته ترجمت إلى بعض اللغات الأجنبية.
وفي السرد، يفضّل العشماوي عدم إغراق المشاهد الروائية بكافة التفاصيل، وتراكيب الشخصية، فالأولى ترك مساحة من الخيال للقارئ ليكون شريكا في العملية الإبداعية، بالإضافة إلى السرد بطريقة المشاهد السينمائية.
وتمنى العشماوي لو يترك منصة القضاء ليتفرغ للكتابة، موضحًا أن أعوامًا يستغرقها في كتابة رواية واحدة، نظرًا لارتباطات وظيفته، لكنه اعتبر أن عمله في القضاء أمده بأفكار دسمه على المستوى الإبداعي.
بوابة الأهرام