هل يمكن محاربة الإرهاب بالتصوف؟




*أوبلوش محمد


خاص ( ثقافات )
هل يمكن أن تكون رواية قواعد العشق الأربعون، منطلقا لمحاربة التطرف والإرهاب بتدريس التصوف؟ 
سؤال يمكن مقاربة من خلال قراءة رواية ” قواعد العشق الأربعون ” للكاتبة المشهورة إليف شافاق.
تتناول الكاتبة في روايتها” قواعد العشق الأربعون ” قصتين مختلفتين و متباعدتين و لكن يجمع بينهما خيط رابط هو الحب أو العشق الإلهي . بمعناه الصوفي .
1 – القصة الأولى : العلاقة بين شمس التبريزي وجلال الدين الرومي 
هي عشق جلال الدين الرومي لشمس التبريزي أحد الدراويش الصوفيين في القرن 13 ميلادي . أحداث القصة الأولى تدور أحداثها في القرن نفسه داخل مجال جغرافي محدود الأناضول التركية و بالضبط بلدة قونية . جلال الدين الرومي كأحد أبطال الرواية و الذي كان له مقام عال في قونية لكونه عالم كبير و إمام مسجد و مدرس و متبحر في العلوم : الفلك، الفلسفة ، الشعر ، الدين … اكتسب هذه الثقافة من أبيه كعالم ثري أيضا . يعيش جلال الدين الرومي في بلدة قونية عيشة مثالية ، تنم عن التوقير والتقدير و الإحترام و الإجلال من طرف سكان البلدة . فجأة ستتغير الاحداث عندما يأتي رجل درويش اسمه شمس التبريزي إلى البلدة . هذا الدرويش ( تعني شخص ممتهن للتصوف ) الذي جاء بمهمة من طرف استاذه ببغداد . و هي ان يأخذ بيد الرومي كرجل شريف وأن يعلم له قواعد العشق الأربعون ، لأن الرومي لم يخلق للمسجد كإمام أو كمدرس في مدرسته . بل قدرهُ أن يكون عالما في العشق و التصوف . و لن يكون ذلك إلا عبر وسيط . وهذا الوسيط هو شمس التبريزي الذي سيختلي بالرومي في منزله مدة أربعين يوما لما لها من دلالة في التصوف ، و في علاقة بقواعد العشق . فكل يوم يلقن شمس للرومي قاعدة من القواعد الاربعون .( معلومة خارج الرواية تاريخيا يقال أن الرومي اختلى بشمس في مدرسته و ليس بيته . الرواية تقول بيته ) و بعد هذا الاختلاء خرج الرومي متغيرا عما كان في السابق . أي أصبح يدرك الأمور بمنطق باطني و ليس بشكل ظاهري كما يتعامل علماء الدين مع نصوص القرآن . و في إحدى الليالي تم تنظيم حفل موسيقي بيهج حضره العامة و الخاصة و هو الطريقة الصوفية التي علمها شمس التبريزي للرومي أي الدوران و رفع اليدين إلى الأعلي . معناه تحقيق ما يسمى في الصوفية بالاتحاد مع الله . إلى جانب هذه الاحداث الرئيسية توجد هناك أحداث ثانوية بين شمس و أبناء الرومي سلطان و لد و علاء الدين و كيميا. تم علاقاته مع العامة كالسكير و الشحاذ و عالم ديني و العاهرة … الغرض من هذه العلاقات هو أن تبين الكاتبة موقف الصوفية من الإنسان . معناه أن المتصوف يحب الجميع و يحترم الجميع لأنه لا ينظر إلى ظاهرهم كالعاهرة أو عالم الدين المتشدد أو السكير .. بل ينظر إلى باطنهم و جوهرهم الذي ليس إلا انعكاسا لله في البشر. من بين أهم القواعد التي تشير إلى التسامح و الاختلاف في الرواية . ” ها هي قاعدتي العاشرة ” لا فرق يذكر بين الشرق أو الغرب أو الجنوب أو الشمال . بغض النظر عن وجهتك ، فإن كل ما عليك فعله هو التأكد أنك تجعل كل رحلة ، رحلة باطنية . فإذا ما رحلت إلى الباطن ، فسوف تسافر إلى جميع أرجاء العالم و إلى ما هو أبعد من ذلك . ” ص 123 
تحاول الكاتبة أن تبين أن الشر و الإرهاب و اللاتسامح ، لا يصدر إلا من الذين فهموا الدين فهما مغلقا ، إلى درجة التعصب و الانغلاق . و هو ما يولد التطرف و الإرهاب عندما . عندما يصطدم هذا المتدين المتعصب مع الأخر المختَلف سواء كان مسيحيا أو يهوديا أو لائكيا أو لاأدريا . من تمة يمكن القول اعتمادا على موقف الكاتبة أن ” كلّ ما قرأ المرء قراءة مفصّلة في موضوع الصوفيّة ، تعيّن عليه أن يصغي اكثر فأكثر للآخر.” قواعد العشق الأربعون أليف شافاك ص7 . كما يمكن أن نجد موقف الكاتبة من الدين واضح وهي تقول على لسان ” إيلا ” إحدى الشخصيات المركزية بالرواية ” و على الرّغم من أن إيلاّ لم تكن ملحدة و تمارس بعض الطقوس من حين إلى أخر ، فقد كانت تعتقد أن المشكلة الرئيسية التي تستنزف العالم اليوم ، كما في الماضي ، هي الدين . كان المتدينون يثيرون أعصابها بغطرستهم التي لا يضاهيها شيء و أيمانهم المزعوم بسموّ أساليبهم . كانت تعتقد أيضا أن المتشددين في جميع الأديان سيّئون ولا يمكن احتمالهم ، و أن المتطرفين في الإسلام هم الأسوأ. ” قواعد العشق الأربعون ، أليف شافاق ص 222 . تجتهد الكاتبة في التعبير عن موقفها من التطرف اليوم ، كما تحاول ان تبين لنا أسبابه و كيف يمكن محاربته بالتصوف . تقول على لسان عزيز زاهارا بطل الرواية :” كان عزيز المسالم الملتزم صاحب الأفكار الإنسانية القوية يؤمن بأن كل الحروب الدينيّة إنّما كانت في جوهرها ” مشكلة لسانية ” . و قال إنّ اللغة تخفي الحقيقة أكثر مما تكشف عنها ، و نتيجة لذلك أساء الناس على الدوام فهم أحدهم الآخر مثلما أساءوا الحكم بعضهم على بعض . ففي عالم تحكمه الترجمات القاصرة غير الأمينة ، لم تعد ثمة فائدة في أن يكون المرء عنيدا في أي موضوع ، لأن أقوى معتقداتنا نفسها ربّما يكون سببها سوء فهم بسيط . على العموم ، لا ينبغي للمرء أن يكون متزمّتا في أي شيء لأن الرغبة في الحياة تعني تغيّر و جهات النظر.” قواعد العشق الأربعون ، أليف شافاق ص 223. يحسب للكاتبة أنها اشتغلت على التراث لتحارب التطرف الذي يستمد قوته من التراث نفسه .
فعندما نغوص في متن الرواية نجدها تناقش عدة قضايا كالسياسة و الدين و وحقوق المرأة و الحب و التطرف و هي الموضوعات المثيرة للجدل ، اليوم في الساحة الفكرية . لذلك فيمكننا توظيف الرواية كدرس من الدروس ، المؤهلة لمواجهة التطرف من خلال التصوف ونشر قيم الوسطية و الاعتدال و التعددية و الاختلاف . و تعميما لقيم التسامح و الاختلاف سردت الكاتبة شافاق حكاية في غاية الصفح و التسامح . تقول على لسان احد أبطالها (شمس ) ” في يوم من الايام كان موسى يسير بين الجبال وحيدا وعندما شاهد راعيا يرعى الأغنام على مسافة بعيدة ، كان الرجل جاثيا على ركبتيه ، باسطًا يديه باتّجاه السماء ، متضرعا. فرح موسى لكنه لمّا اقترب أكثر ،صعق عندما سمع دعاء الراعي .
ــ آه يا حبيبي يا إلهي .أحبّك اكثر مما تتصوّر ، ولسوف افعل كّل شيء من اجلك ، حسبك ان تأمرني ، حتى ولو طلبت مني أن أذبح باسمك أضخم شاة في قطيعي فسوف افعل ذلك دون تردّد. و لسوف تشويها وتضع سمنها في أرزّك ليصبح أشهى و ألذّ. تقدّم موسى من الراعي و أصغى باهتمام.
ــ بعد ذلك سأغسل قدميك و أنظّف أذنيك و ارفع القمل عنك . هكذا هو حبي لك .
بعد أن سمع موسى ما يكفي من هذا الكلام ، قاطع الراعي بصوت عالٍ :
ــ كفى أيها الرجل الغبي . ماذا تظن أنك فاعل ؟ أتظن ان الله يأكل الأرز؟ أتعتقد أن الله لديه رجلين كي تغسلهما له ؟هذا ليس بدعاء إنه كفر محض.
اعتذر الراعي وقد استبّد به الخجل و الذهول ووعد بالدعاء كما يدعو الاخيار . فعلّمه موسى بعض الأدعية في عصر ذلك اليوم ، ثم مضى في سبيله مسروراً من نفسه.
لكن موسى سمع في تلك الليلة صوتاً ، وكان صوت الله.
ـــ آه. يا موسى ما الذي فعلت ؟ لقد وبخت الراعي المسكين و أخفقت في معرفة مدى اعتزازي به .ربّما لم يكن يتفوّه بالكلمات الصحيحة بأسلوب صحيح ، لكنّه كان مخلصاً، فقلبه نظيف ونيّته سليمة ، وكنت مسروراً منه. ربّما كانت كلماته كفراً في رأيك لكنّها تجديف عذب بالنسبة لي. 
وأدرك موسى غلطته من فوره . و فيوقت مبكر من صباح اليوم التالي ، قفل راجعاً إلى الجبل لرؤية راعي الغنم ، فوجده يدعو من جديد ، و لكن دعاءه كان في هذه المرة على النحو الذي لقنه ايّاه . و كان يتلعثم في دعائه بسب عزمه على التلفّظ بالدعاء بصورة صحيحة ، كما أنّه حرم من الحماسة و العاطفة اللتين اتّصف بهما دعاؤه السابق . فندم موسى على فعلته وربت على ظهر راعي الغنم وقال: “كنت مخطئًا يا صديقي .أرجو أن تسامحني . واظب على دعائك وفق طريقتك ، فذلك أعظم في عينَيّ الله. “
استبدّت الدهشة براعي الغنم لدى سماعه هذا الكلام لكنّه كان مرتاحاً في أعماقه. ومع هذا فإنّه لم يرغب في العودة إلى دعواته القديمة ، كما أنّه لم يلتزم الدعوات التقليديّة التي علّمه إيّاها موسى ، فقد وجد الآن طريقة جديدة للاتصال بالله . وعلى الرّغم من أنّه كان راضيًا ومحظوظاً في دعائه الساذج ، فقد تجاوز تلك المرحلة الآن ــ مرحلة التجديف العذب .
ثم اختتم شمس كلامه قائلا : ــ أرأيت ؟ لا تحكم على أسلوب الآخرين في صلتهم بالله. فلكلّ واحد طريقته و أسلوبه الخاصّ في الدعاء لأن الله لا يحكم علينا من خلال كلماتنا الخارجيّة ، بل ينظر إلى أعماق قلوبنا إن كانت صافية بما يكفي أم لا. ” قواعد العشق الأربعون ص : 88.
2 – القصة الثانية من الرواية : العلاقة بين إيلا و عزيز زاهارا
تتناول العلاقة العاطفية التي ستربط إيلا و عزيز الذي هو دائم التجوال مرة في كواتيلاما و مرة في المغرب و تارة أخرى في أمستيردام …جوال على شكل الدراويش . تدور الأحداث في سنة 2008 . إيلا القاطنة بأمريكا ، هي زوجة فاشلة ، في كسب حب زوجها الذي يخونها مع فتيات أخريات ، بكونه طبيب اسنان ناجح. إيلا ربه البيت التعيسة التي تلاحظ أنها وصلت سن الأربعين و هي لم تنجز شيئاً يذكر على الصعيد الشخصي ، بالرغم من أن حياتها أقرب ما تكون للمثاليه و لكنها تشعر بأن شيئاً ما ينقصها ألا و هو “ الحب ” لا تهوى إلا الطبخ و العناية باولادها أنثى و توأمين ذكر أنثى . و في احد الأيام قررت إيلا أن تبحث عن عمل . فوجدت وظيفة في دار نشر و هي مراجعة مخطوطات الكتاب . سلمتها صاحبة دار النشر مخطوط الرواية الرئيسية ؛ فتصل إلى يديها مخطوطة لرواية ” تجديف عذب ” لكاتب مغمور ، و هي قصة جلال الدين الرومي و شمس التبريزي قصد مراجعتها و كتابة تقريراً عنها فتتأثر بها و تتواصل مع صاحب الرواية . من خلال هذا التواصل بين عزيز و إيلا ، ستخلق علاقة حب بينهما . الفراغ الذي تركه دايفيد زوج إيلا سيحل محله عزيز كاتب رواية قواعد العشق الأربعون . ستنتهي الأحداث بمغامرة إيلا مع عزيز و الهجرة معه إلى قونية رغم مرضه بسراطن الجلد . هناك سيموت عزيز وسيتم إستدعاء كل معارفه عبر العالم لجنازته و تنفيذ وصيته أن يتم دفنه إلى جانب شمس التبريزي . بعدها ستقرر إيلا الهجرة إلى أمستيردام للبحث عن عمل جديد و عيش حياة جديدة بطعم التصوف بعيدا عن الحياة الإستهلاكية المملة و الزائفة التي تروج لها أمريكا.
3- نقد الرواية. 
الرواية تتميز بطول حجمها 500 صفحة . هناك براعة في ربط القصتين قصة تدور أحداثها في سنة 1244 بمدينة قونية التركية و القصة الثانية التي تدور احداثها بأمريكا سنة 2008 . هذا جهد عظيم يحسب للكاتبة . أما من حيث الراوي فاحداث القصة الأولى تروى الأحداث من طرف شخصياتها : شمس ، الرومي ، المبتدئ ، سلطان و لد، علاء الدين ، كيميا ، كيرا ،القاتل … في حين كانت الاحداث تروي في الرواية الثانية عن طريق إيلا نفسها و تقحم الكاتبة أسلوب الرسائل في غالب الأحيان بين عزيز و إيلا . أما من حيث المضمون فالكاتبة ركزت على مفهوم التصوف و حاولت ان تقربه للقارئ بشكل روائي فكل حدث يحكى من شخصيات القصة الأولى إلا وتقحم فيه الكاتبة قاعدة أو قاعدتين من قواعد العشق الأربعون التي هي من تأليف جلال الدين الرومي و شمش التبريزي منذ لقائهما مدة أربعين يوما وليس من إبداع الكاتبة . و هنا اسجل ملاحظة أن الكاتبة إعتمدت على البيت كمكان للخلوة و لم تعتمد المدرسة في حين أن الروايات التاريخية تقر أن اللقاء كان بمدرسة الرومي . و هنا كانت علاقة تلاميذ الرومي متوترة مع شمس بكونه حرمهم من الدراسة لأنه استفرد بالرومي ، مما جعلهم يفكرون في اغتياله و قد كان موته غامضا . كما إتهموه بكونه ساحر ويتعاطى السحر الأسود و له بركات خارقة . هدف الكاتبة هو أن تبين أن ما نعيشه اليوم من تطرف و إرهاب مصدره المسلمين . و ان العلاج للإرهاب و التطرف يكمن في الإسلام نفسه . بمعنى نشر ثقافة التصوف التي تقبل الأخر و تجعل الحب مركز عقيدتها و مصدرها الإسلام . و بالتالي فالتصوف طريق إلى الله مثله مثل كل الأفعال الحميدة التي يفعلها المسلم لنيل رضا الله . و فضل التصوف أنه يقبل شارب الخمر و يقبل الملحد و يقبل المسيحي و يقبل اليهودي و لا يشكل له المعتقد مشكل . فمهمة المتصوف هي التواصل مع الجميع و خلق علاقة تسليم و حب بينهم ترضي الله و هذه الطريقة لن تكون إلا إذا ترك المسلم إجتهاداته الفقية الظاهرية التي يقتبسها من السنة و القرآن من خلال الظاهر فقظ . فالأجدر بمسلمين اليوم هو التعاطي للدين بشكل باطني يستهدف الجوهر لفهم ملكوت الله . لأن البشر كلهم بمذاهبهم كائنات الله . و هذا العنف و الإرهاب الذي نشاهده اليوم من إنتاج البشر . لأنه عجز عن فهم جوهر الدين . فهم جوهر الدين لن يكون إلا بالموسيقى و أنين الناي و الطبل ، حسب رأي المتصوفة . 
الكاتبة لم ترتب نهاية الرواية بشكل منطقي كما عاهدنا في جنس الرواية . تركت مصير كل من إبنة الرومي و القاتل و علاء الدين و سلطان ولد و نهاية شمس نفسه هل سقط في الجب فعلا عندما رماه القتلة ؟ أم أنه تبخر لأنهم لم يسمعوا وقع الجثة في قاع البئر . أما قضية كيميا” الابنة المتبناة لجلال الرومي تتحدث مع الأموات والأرواح خصوصا زوجة الرومي السابقة التي توفيت ، كان الأمر من السهل قبوله في رواية ميتافيزيقية شخصياتها خيالية ، يتبين أن الكاتبة تتلاعب بالأحداث و بالوقائع، فحتى لو كان جلال الدين الرومي قد مات منذ مئات السنين ولم يعد هناك من أثره من أشخاص يدافعون عنه لا يحق لها ذلك. لأن غرضها التشويق و خلق إثارة في النص ، و هذا ينعكس على جودة المعطيات التاريخية التي تقدمها للقارئ . فكل الأحداث وقعت للرومي . كأننا أم سرد تاريخي . لكن لا يحق لها أن تضيف أحداث جزئية غير موجودة. و إلا دخلنا في عالم الرواية التي يختلط فيها الخيالي بالواقعي. ولكن ما أثار استغرابي، أنها في النهاية لم تبين لنا ما حلّ بكيميا بالذات نظرًا للدور الذي لعبته بزواجها من شمس وتعلق ابن جلال الدين الرومي بها (علاء الدين.) الأمر الذي شكل ضعفًا في نهاية الرواية، مع العلم أن طريقة الزواج لم تكن مقنعة من حيث المبدأ . لأن شمس التبريزي معروف بتجواله و باختلاف طبعه . في حين أن الأساسي في فكرة الزواج هو استقرار شمس بقونية. و الغريب أن الرومي إندفع لما سمع بفكرة كيميا التي تقر ان زواجها من أجل الرومي و إستدركت “كما من أجلي أيضا لأني احبه (شمس). ” فكل الأحداث التي و قعت بين شمس و كيميا لا يوجد فيها حب و لا عشق في حين أن رسالة شمس هي العشق و الحب .إذن هنا يوجد التناقض . بحيث تعامل شمس مع زوجته كشيطان ، ككائن راغب يجب الهروب منه.
كما أشير ان الكاتبة لم تبين لنا نهاية إيلا التي لا نعرف عنها إلا أنها ذهبت إلى أمستردام و أنها تنوي و تنوي مجرد أمنيات. في حين أن العمل الأدبي هو الوصف الدقيق للأحداث. 
استوقفتني كذلك أشعار الرومي الغائبة لم تقتبس الكاتبة إلا بضعة أبيات محدودة العدد في حين ، انه يجب ان تبين لنا كيف اسس مذهب مولانا جلال الدين الرومي من خلال الأبيات الشعرية . لأن ما يهم في حياة الرومي هو مرحلة إنتاجه للشعر . أي مرحلة تحوله من واعظ و مدرس و إمام إلى متصوف له طريقة خاصة. 
كما لم تشير الكاتبة إلى العمل الجبار الذي قام به سلطان ولد إبن الرومي في نشر تعاليم الرومي و السهر على تدوينها و الحفاظ عليها لتصل إلى كل الأمم و الشعوب . زيادة على إغفال الكاتبة لمفهوم الخلق و الإبداع الذي أسس له الرومي في بيئة تقليدية محافظة . 
كلمتي الأخير ان الرواية جبارة و عظيمة تفتح لك نوافذ معرفة التصوف . و معرفة بعض الأحداث التاريخية.
_______
*
أستاذ فلسفة بالثانوي التأهيلي بالمغرب ، باحث في الفكر العربي المعاصر مشروع عبد الكبير الخطيبي . نشر مجموعة من المقالات في أنفاس و جرائد مغربية . عضو سابق و مؤسس مركز الدراسات و الأبحاث في ديداكتيك الفلسفة.

شاهد أيضاً

“تفسير الأحلام” بداية التحليل النفسي عند فرويد للكشف عن الرغبات المكبوتة

(ثقافات) “تفسير الأحلام” بداية التحليل النفسي عند فرويد للكشف عن الرغبات المكبوتة  مدني قصري في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *