*فتحية الهاشمي
خاص- ( ثقافات )
ممرّات كأنّها الكتابة
في بياضها عائشة تقرع باب العزلة
يصرخ بها الشاعر : آآآآآآآآآآه عائشة لو تقطعين أوردة الطّين فينا
لا شيء في مدخل اللّيل
كانت ترشّني بالحدائق وكنت عريانا في مدخل الفجر أحرّك الماء الذي ينضب في الكفيّن …
هي زهرتنا الوحيدة تطلّ من شبّاك مسلخها و تشير…
ونحن نركض فوق أصابع خزّاف…
بين العزلة والعزلة تقطع كلمات شكري بوترعة وجه الصمت، وتركض على أصابع خزّاف بكلّ ألوان الطيف يملأ ضلع الحكاية في المعنى، ويجعل صمت حنّاء عائشة يملأ فراغ يديها والمدينة والزقاق المؤدي إلى قلب القصيدة بالزّغاريد …
كنت أنوي أن أخطّ بعض الكلام والكلام على كلام الشاعر شكري بوترعة. صعب ، حقّا جدّ صعب، لكن المغامرة استدرجتني وصدقا قصيدة كريزما أخذتني من يدي وأدخلتني تخوم الطين وفتحت حاسوبي على سحر خزّاف قصيدة النثر .
منتشيا بهذا الفراغ المهيب
بالصدف المتأرجح بين غيمتين / على صدرها
بي … أتقاطر شبقا وأتشعّث في الزّوايا المقفرة
منتشيا بتهوّر الطّين على حافّة هذا البكاء المرمريّ.
من أي الأبواب أدخلها القصيدة وبأي الألوان أرتق تقعّر السماء التي لا ينبغي على الشاعر أن يمسك طيشها ولا عبثها ولا نزق لحظة الغواية فيها بل عليه أن يأخذها:
بعيدا عن الإغماءة الأولى والوطن المبعد يلهو بعض الغرقى بشتات سفينة ويظنونها المنزل …
بعيدا عن الزرقة الباذخة للبعض، يتلهى البعض بالشتات، ويصنعون من ضياعهم حلما و ووطنا ومنزلا، ويصير الموج هم بكل تفاصيلهم الصغيرة …
بعيدا عن السّطح الهابط والأولاد تلهو فتاة بالنهر وتظنّه مرآتها الحجريّة …
سأسمع صرختها الليلة قرب النهر
سوف نقيم عاصمة الخليقة
هو الماء و الطين و الخلق و الخليقة يصنع الشاعر شكري بوترعة هذا الهادئ هدوء البحر والمتمرّد تمرّد النّخل الذي لا يرمش إذ يفجؤه الرمل بل يضحك ضحكته تلك الهادئة، ويهمس للصفرة : أن تعالي هنا منتهى الخليقة و بدأ الطوفان على قول صديقه حسان دهشان :
أيها المقيم على الرّصيف المقابل يوما سأدرّب قلبي على الرحمة أو القسوة لست أدري ، ارسل لك خنجر صديق ليخلّصك ويخلّصني من عذاب القراءة لك … فأنت عصيّ كأمل دنقل وحلمي سالم وعماد أبوصالح ومسعود شومان .
وأنا أقول؛ أيها المسافر في رعشة الخلق الأولى ، أيها الخزاف الذي اكتشفت طينه منذ مدّة والذي ولجت مغارة علي بابا في قوله وعقله، فوجدت أن الوالج عتبة قصيدته مفقود والخارج منها مفقود لم آت بقول من عندي ، أخذت من كل قصيدة بعضا من روح الشاعر ونثرته هنا ، كانت كاريزما الغواية أولى العتبات وأخطرها بعد أن استدرجت عائشة كي تقرع عزلتنا فنمشي في ممرات كأنها الكتابة كي نظلّ منتشين بالفراغ المهيب ونعلق في بكاء مرمري على فتاة النهر والنهر يصب فينا، ومنا ينبثق ماء الخلق فنصير الخلق والخليقة …
من أراد ألا تتخطّاه شهقة البدء الأولى، ما عليه إلا أن يضغظ زرّا صغيرا و يدخل بشقه الأيسر أولا حتى يقرع شريان القصيدة، وبعدها أنا أكيدة أنه لن ينسى أبدا هذا الشاعر المتمرّد على كلّ شيء وشخص وأولهم هو : شكري بوترعة .