اللغة التي يتكلمها الجزائريون


بن علي لونيس

ليست اللغة وسيلة للتواصل، بل هي كذلك طريقة من طرق الوجود، فأنا أملك لغة إذن أنا موجود. هل سألنا: ما علاقتنا باللغة؟

ربما هو السؤال الذي أصبح يطرحه الجزائريون اليوم، خاصة بعد القرار الغريب الذي اتخذته وزارة التربية بتعميم تعليم اللغة الدارجة/ اللهجة في المدرسة. سواء أكان الخبر صحيحاً أم خاطئاً، إلاّ أنه استطاع أن يثير حوله حالة نقاش ويقسم الرأي العام إلى من يؤيد الفكرة وهم قلّة، ومن يرفضها جملة وتفصيلاً.
المطلوب اليوم معرفة موقف النخب الأكاديمية من دلالة هذا القرار وأبعاده. هل يمكن أن نتصوّر أنّ القرار إذا طُبّق فعلاً، هو بمثابة المسمار الأخير الذي سيُضرب في نعش المدرسة الجزائرية؟
ومع ذلك، يجب أن نتأمل طبيعة اللغة التي يمارسها الجزائري، فاللغة العربية الفصيحة هي اللغة الرسمية للدولة الجزائرية، أي لغة المسؤول، ولغة السياسي، ولغة الإدارة، ولغة التعليم، والمفروض هي لغة الشعب، على اعتبار أن الدولة تعتبر الشعب الجزائري شعباً عربياً.
حتى النخب السياسية الجزائرية تعاني من أعطاب وصعوبة لغوية
لكن المتأمل في واقع الممارسات اللغوية سواء لدى المسؤولين أو في الإدارات أو في الشارع سيجد واقعاً مختلفاً، فإمّا أن اللغة الفرنسية تنوب عن العربية أو هي الدارجة بكل لهجاتها المتنوّعة، حيث إنّ الجزائر تزخر بتنوّع مميّز، يتوزّع بين اللهجات الأمازيغية بأنواعها واللهجات العربية التي هي مزيج من العربية والأمازيغية، إذ من الصعب أن نتصوّر أنّ جزائرياً اليوم يتواصل مع بائع الخضراوات بلغة عربية فصيحة.
هل المشكلة في الدارجة؟ لا نعتقد تماماً أن المشكلة تكمن في توظيف اللهجات، طالما أنها جزء أساسي من الممارسة اللغوية اليومية، ليس في الشارع فحسب بل حتى داخل المؤسسات التربوية. فالمعلم في قسمه كثيراً ما يتواصل مع التلاميذ من خلال اللجوء إلى الدارجة (لهجة المكان الذي يزاول العمل فيه).
طبعاً نتحدث هنا على مستوى الشرح ومحاولة تقريب الدرس للتلميذ، لكن الدرس يُملى ويُكتب بالعربية الفصحى، وعلى البيداغوجيين أن يوضّحوا مدى إيجابية أو سلبية مثل هذه الممارسة على التكوين اللغوي للتلميذ.
المشكلة في اعتقادنا تكمن في العلاقة المضطربة للجزائري باللغة، أي لغة، فالجزائري يعاني من أعطاب لغوية كثيرة، من صعوبة النطق والتعبير وصياغة الأفكار بشكل دقيق وسلس، ويمكن أن نلاحظ هذا حتى عند النخب السياسية والثقافية، ناهيك عن الأطفال في المدارس الذين يعانون كثيراً من مشكلات في التعبير سواء بالعربية الفصيحة أو باللغة الفرنسية.
هذا يطرح أسئلة كثيرة، حول مستقبل الممارسة اللغوية في الجزائر، أمام وجود عوامل اجتماعية تساهم في خلخلة التوازنات اللغوية، لعلّ أهمها عدم وجود اتفاق حول لغة الجزائريين.
العربي الجديد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *