*ترجمة: أحمد فاضل
هذه عودة ثانية للحديث عن رواية الكاتبة الأمريكية الكبيرة هاربر لي ” فلتعين لك حارسا ” ، لكننا قبل الحديث عنها لا بد وأن نمر سريعا بالحديث عن بداية ذيوع شهرتها التي تحققت بصدور روايتها الأولى ” أن تقتل طائرا بريئا ” عام 1960 والتي تحدثت فيها وبجرأة عن حالات الفصل العنصري في أمريكا وما يتعرض له السود هناك من تفرقة واضطهاد خاصة وأن أحداث الرواية تدور في ولاية ألاباما الريفية التي كثيرا ما عرفت بهذا النوع من العنصرية ، الرواية حققت مبيعات هائلة وتحولت إلى فيلم ناجح أيضا من بطولة النجم الكبير غريغوري بيك الذي جسد دور المحامي الليبرالي أتيكوس فينش الذي انبرى للدفاع عن رجل اسود أتهم بالاغتصاب .
فازت لي بعد ذلك بجائزة بوليتزر للأدب عنها إلا أنها ظلت صامتة لمدة 55 عاما لم تكتب بعدها ، لكنها فاجأت الجميع الآن برواية ثانية تنشر لأول مرة وسط مرأى ومسمع من الدعاية والجدل بعد أن ظلت منسية في أحد أدراج مكتبها لأكثر من نصف قرن .
وبعد كل هذا اللغط حولها أود أن أقول عن هذه الرواية : هل كانت تستحق من لي كل هذا الانتظار ؟
في موازاة ذلك علينا أن ننظر إلى الرواية كون أحداثها جاءت قوية ومؤثرة ، قوتها تأتي من اكتشاف القارئ لبطلها أتيكوس الذي سيبدو شخصا مختلفا جدا عما كان عليه في روايتها الأولى ، ومع ذلك فإن المؤلفة كانت صائبة في قراراتها عندما نشرتها الآن وأود أن أقول للقارئ أنك لن تستطيع قراءة روايتها الجديدة دون أن تقرأ ” أن تقتل طائرا بريئا ” التي هي في الواقع سلسلة طويلة من المحادثات التي بلغت ذروتها في اشتباك لفظي بين أتيكوس وجان لويز أثناء محاكمة الرجل الأسود ، وعلى الرغم من أن الدور الذي رسمته لي للمحامي أتيكوس جاء بشكل حاذق جدا ، إلا أن الصدمة التي سيشعر بها القارئ كبيرة وهو يطالع كيف انقلب هذا المحامي في ليلة وضحاها ليصبح عنصريا في الرواية الجديدة التي برأيي افتقرت إلى الطاقة التخيلية التي كانت عليها في الرواية الأولى .
جاء افتتاح فصول الرواية بصورة بطيئة مع المحافظة على نفس الأمكنة التي جرت فيها فصول الرواية الأولى وبنفس ذلك الوصف الجميل وبأسلوب استعارت لي فيه الكثير من البروتستانتية التي كانت تؤمن بها والطبقة البرجوازية الصغيرة التي كانت تحيط بجان لويز ، ويبدو أن عنوان الرواية استعارته أيضا من أحد نصوص الكتاب المقدس والذي يشير ضمنا إلى مسألة الضمير الفردي الذي انعكس سلبا في مثل هذه القضية نتيجة الفرقة الحاصلة في المجتمع الأمريكي حينذاك .
________
عن: التلغراف/ المدى