طاهر علوان
التنبؤ بما سيجري لاحقا سواء على الأرض أو الكواكب إجمالا، أثرى أفلام الخيال العلمي منذ الثلاثينات، بدءا بفيلم الرائد أبيل جانس “نهاية العالم”، مرورا بفيلم “شيء سيأتي” الذي كتبه الكاتب الإنكليزي ذائع الصيت إج جي ويلز، إلى أن تلت ذلك سلسلة من أفلام الخيال العلمي لم يتوقف إنتاجها حتى الساعة، ومحور القضية التي تطرحها جميعا هو انهيار العالم، أو الانهيار العظيم، أو نهاية الكون وخاصة جراء الحروب النووية الطاحنة.
وفيلم “طريق الحروب” (إنتاج 2015) للمخرج مارك أتكنس ينحو نفس المنحى، فبعد أن تم تدمير الكرة الأرضية جراء حرب بأسلحة فتاكة -لا نعلم من هم أطرافها- فر الناجون من المحرقة من سكان الأرض إلى البرية، بعد أن تلوثت المدن بالإشعاعات والأوبئة ولم يعد هناك من ملاذ سوى الصحاري والقفار.
في مشهد يمتد بعمق الصحراء يلوح للمشاهد الزوجان أو الحبيبان ناكادا (الممثلة كلوي فارنوورث) وكيفن (الممثل فيليب بوتيلو)، وهما يقودان سيارتهما المسلحة في القفار ربما بحثا عن أمرين: الماء والوقود، يتوقفان عند محطة البترول الخاوية، يعبر أحدهما للآخر عن الحميمية والوفاء التام وكأنها كلمة الحب الأخيرة، يبحث الاثنان كل في اتجاه عن أثر لبشر، أو للوقود حتى يعثر كيفن على أحد الناجين طريحا وسرعان ما يشتبك معه ويقتله.
ومع ذلك يتلقى منه عضة في يده، وتكون تلك العضة هي بداية النهاية، إذ أن الكثير من البشر الباقين مصابون بوباء يحولهم إلى كائنات زومبي تشرب الدماء بدل الماء، ولا تستطيع مقاومة ضوء الشمس فتضطر للظهور في الليل، هذا ما سيكتشفه المشاهد بعد سلسلة من الأحداث، إذ يعمد المخرج وكاتب السيناريو إلى إخفاء هذه الحقيقة حتى نبدأ باكتشافها تدريجيا.. أما وقد أصيب الحبيب بالفيروس، فما على حبيبته إلاّ الإجهاز عليه برصاصة رحمة، ولكن أنى لها ذلك وهما حبيبان، وسنكتشف لاحقا أن الحبيبة الوفية ناكادا سوف تقوم بتكتيف كيفن ورطبه بالسلاسل خشية من هجومه عليها، أو على غيرها لأنه يكون قد وصل إلى مرحلة انعدام السيطرة على نفسه وتحول إلى كائن وحشي يسعى للإجهاز على أي أحد، هذا الأمر سنكتشفه لاحقا، وأنه لكي تبقيه حيا فإنها تسقيه من دمها بين حين وآخر.
تنظم ناكادا إلى مجموعة تسكن في شبه مستعمرة صغيرة، تذود عن نفسها من هجوم كائنات الليل يقودها دالاس (الممثل جون فريمان)، بضعة نسوة وطفلة وشاب زنجي وبين الحين والآخر يشتبــكون مع كائنات الليل.
تخفي ناكادا قصة كيفن، وخلال ذلك يظهر شخص في وسط الصحراء فيحسب دالاس وجماعته أنه من كائنات الليل، رغم أنه ظهر في النهار ليقوموا بإطلاق الرصاص عليه، ولكنه يصاب بجروح دون أن يموت وتتولى المجموعة علاجه حتى يشفى، وعندما تعلن المجموعة عن حاجتها إلى الذخيرة لإدامة مواجهاتها مع كائنات الليل يدلهم على مخبأ عامر بها.
وهناك يتعرضون إلى مواجهة مع مجموعة أخرى فر منها هذا الشاب ثورن (الممثل كلوي باركر) لتنتهي إلى مواجهة عنيفة بين الطرفين، يكتشف خلالها فريق دالاس أن الفيروس قد طور نفسه إلى إصابة كائنات تتحمل ضوء النهار، ثم تكتشف المجموعة وجود كيفن مكبلا بالسلاسل، وهو يصرخ محاولا استخدام قواه للخروج من السجن الذي هو فيه، والحل أنه سيطالب بنفسه أن يتركوه وشأنه يهيم على وجهه، ولكن حبيبته هي من ستجهز عليه بنفسها.
في وسط حمى الصراعات والكل يتعرض إلى نفس المواجهة مع كائنات الليل التي تتسلل من أجل الحصول على طرائدها في أي أرض تطؤها، سيلفت نظرنا تلك البصمات الواضحة لسلسة أفلام “ماد ماكس” الشهيرة التي محورها الأساس أيضا نهاية العالم، وهذه المرة في نفس الموضوع، ولكن من خلال إنتاج قليل التكلفة درجت عليه شركة “أسيلوم” المعروفة بإنتاجها أفلاما قليلة التكلفة، ولكنها ناجحة تجاربا. هنا نفس ملابس ميل غيبسون في “ماد ماكس” والعربات المصممة بشكل غريب والمدججة بالحديد والمنصوبة عليها الأسلحة.
على أن ما يلفت أنظار بعض النقاد في هذا الفيلم، أسئلة تتعلق مثلا بكل هذه المسافات التي كانت تقطعها السيارات مع شبه انعدام للوقود، وكذلك كون مجموعات الصراع تقيم في بيئة قفراء بلا ماء تقريبا، لكن تلك التساؤلات لم تضعف نيل هذا الفيلم حظا وافرا من النجاح منذ إطلاقه في صالات العرض مؤخرا
العرب