التراب المنصور (1)


محمد امين ابوالعواتك*

( ثقافات )



    حملت الأخبار الحضور النوعي في افطار (ود ابراهيم) الرمضاني الذي كان محتشدا بعدد وافر من ابناء بلادي وخاصة (الدكاتره) ويسعدني أن يلتقي أبناء السودان باختلافاتهم (المتوهمة) ولكن ما لفت نظري من الحضور المحترمين (الترابي و منصور ) ولا ادري ان كانت البداية بذكر الشيخ الترابي.. أولا… صحيحة ام د. منصور، فهما على الارجح متساويين في السن والتجربة والحصاد المر.. وفي التقاء نادر لرجلين بينهما تضاد صارخ و شكلا واقع اجيال كاملة، وأهدرا طاقات الكثير من ابناء بلادي . 
احتشدت المعاني عن لماذا وقفت كثيرا عند هذا اللقاء…لكن المؤكد عندي تماما ان هذين الرجلين مدينان لأهل السودان بالكثير من الايضاحات في ما مضي من تجربة ان لم يكن اكثر من ذلك وفي تبيان متبسط وصريح ولغة سهلة سهولة مزاج اهل بلادي الذي (عقدوه) بكل تلك المجلدات ومفرداتها الممعنة في الصفوية قبل ان يبشر أيا منهم مرة اخرى عن أدوار او مغامرة جديدة … الا أني ادركت بعد فترة من استغراقي ان المعاني التي كانت تطوف بداخلي و تشكل العنوان العريض وانا اقرا خبر لقاء جمعهما وشاركا فيه…. تجلت فيها الى جانب اشياء اخرى تضخم الذات والبحث الذي لا يفتر عن المجد ووطن ممزق الاشلاء..! 
أجيال كثيرة من ابناء بلادي تغير واقعها من بعد المشيئة الالهية… في سعي هذين الرجلين طوال تاريخ طموحهما و مشروعهما الفكري والسياسي، ولا يختلف اثنان في معطيات الذكاء او( الشطارة) فالكل كانوا خيولا وبيادق في رقعة شطرنج الوطن التي يتبارزان عليها…لكن مع تدبر بسيط سوف نجد ان المؤمن ممدوح بالفطنة وليس أي شئ اخر!!
لقد ظل (الدكتوران) لفترة طويلة في دائرة الفعل المؤثر وفي أضابير القرارات وهمهمات الاجتماعات وردهات القاعات وضجيج الجماهير وهتافاتها ودوي المدافع وطلقات الرصاص في المدن أو في الأحراش… وبين قوافل أبناء بلادي المتنقلة نزوحا بحثا عن الامان ولقمة العيش الكريم او هجرة طوعا ام كرها في المنافي أو حتى في الراحة الأبدية بين يدي من لا يظلم عنده أحد…وهما تحت تاثير منوم عظمة (المفكر) و (القائد) و (المستشار) في رفد متصل لحركة السياسة والنضال بالمعين الفكري والمشروعية…كتبا وبحوثا ومحاضرات وتعبئة…لدرجة لم يعد معها جسد الوطن المنهك قادرا على التحمل… فتشظى!
0نعم هناك اسباب اخرى وتراكمات واشخاص تشارك بقدر او بآخر في تراجيديا الوطن فهذا معلوم… لكنها لم تصل الي سقف الرجلين المرتفع في الصراع وعدم التراجع والسعي المحموم نحو العظمة والمجد…بادعاء النظر الثاقب وعلو الكعب وعدم الاكثراث لكل الاشارات الحمراء في كابينة القيادة حتى تجاوز الوطن الكبير ممر الهبوط الامن!
0سوف لن اجتهد في حشد الدلائل والبراهين في اثبات حصاد الرجلين فالحال معلوم في حصاد المشروع او الحركة بشهادات أهلها ..هنا أو هناك ..في الفكر والتطبيق والمآلات…وهما محل التقدير والاحترام التام….فليس منا من لم يوقر كبيرنا….لكن كمفكرين ورموز لقضايا المجتمع والوطن يؤخذ من قولهم ويرد، و يتم التدبر التام في عبر المسير لا سيما انهم قدوة ومصدر الهام لاخرين يمضون علي ذات الخطئ ونفس الطريق.
الآن بعد ان انطفأت انوار المسرح وانصرف الحضور اقول ان اي عمل او فكر او جهد يتجاوز مرجعية الاخلاق واحسان التعامل ولا يتجاوز آفات النفس مصيره البوار والخسران مهما استطال وما كانت البعثة النبويه لإقامة السلطان بل مقصدها هو لتمام مكارم الاخلاق فمدح قدوتنا صلوات ربي وبركاته عليه بالاخلاق مع انه كان (مدينة العلم) في تبيان الهي واضح للمقصد للعالمين وهي معان فهمتها اذان وقلوب واعيه منذ القدم في بلادي فتقبلوا الآخر على ما هو عليه بلا وصاية أو اكراه، وعمروا النفوس بالمقاصد فملكوا القلوب فتجمع الناس وتوحدت البلاد..فمتى يكون مقصد الهدى وشفاء الروح السقيم للوطن في قمة أجندة الرجلين؟

* إعلامي وكاتب من السودان

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *