رسائل تنشر لأول مرة لفرانز كافكا

رسائل تنشر لأول مرة لفرانز كافكا

محمد محمد الخطابي *

 هذه الرسائل الصادرة في براغ مؤخرا ،والتي أولتها وسائل الإعلام الثقافية في إسبانيا وأمريكا اللاتينية عناية واسعة، كتبت من طرف الطبيب المجري ‘روبير كلوبستوك’، وكذا من طرف آخر خليلة لكافكا وهي الممثلة البولونية ‘دورا ديامان’ داخل مصحّة ‘كيرلينغ’ بالنمسا حيث كان الكاتب التشيكي الشهير يعالج فيها من داء السلّ الذي كان يعاني منه في آخر أيّامه وهي موجّهة لأسرته.
في هذه الرسائل نجد كافكا يعبّر عن شكوكه في الطبّ التقليدي، ويعرب عن ميله للطبّ الطبيعي ،حيث لم يكن يؤمن بالأدوية التي كانت تعطى له، وكان ضد استعمال الأشعة والحقن،وكان كافكا مقابل ذلك يوثر تعاطي وسائل طبيعية التي لا نفع ولا ضرر فيها، هذه الرسائل المخطوطة التي عثر عليها مؤخرا جمعت ونشرت ضمن كتاب بعنوان: ‘حياة في ظل الموت’ في طبعة خاصة أنيقة من طرف الباحث التشيكي ‘جوزيف سيرماك’ ويضمّ الكتاب صورا من هذه الرسائل المخطوطة، التي تقدّم لنا معلومات هامّة غير معروفة عن كافكا الذي كان يؤمن’ أنّ ما أفسدته الطبيعة يمكن أن تصلحه كذلك’.

الحدود بين الفلسفة والدّين

يبلغ عدد هذه الرسائل حوالى35 رسالة تنشر لأوّل مرّة، تضاف إلى 66 رسالة معروفة سبق نشرها لكافكا من قبل وهي تتعرّض للصداقة التي كانت تجمع بين الكاتب التشيكي وصديقه الدكتور ‘روبير كوبستوك’الذي كان من أصدقائه المقرّبين إلى جانب ‘ماكس بروود’ . ويشيرجوزيف سيرماك أن إقامة صداقة متينة وحميمة مع كافكا لم يكن بالأمر الهيّن اليسير.في هذه المراسلات كذلك نتعرّف على المشاغل الفكرية، والاهتمام الفلسفي الذي كان يجمع ‘روبير كوبستوك’ بصديقه فرانز كافكا، وهي تحفل بالمناقشات الكلامية والفلسفية والدينية والادبية التي كانت تدور بين الصديقين اللذين كانا يحاولان من جرّائها العثورعلى الحدود الفاصلة بين الفلسفة والدين، حيث يؤكد جوزيف سيرماك أن ‘اليهودي ‘روبير كوبستوك’ هجر الديانة اليهودية بعد موت كافكا واعتنق البروتستانتينية. وكانت عائلة كافكا قد سلّمت في الستينات مجموع رسائل الكاتب الموجّهة لأخته ‘أوتيليا’ لجوزيف سيرماك لنشرها إلا أنّ ذلك لم يكن ممكنا نظرا لاقتحام وإخماد الدبّابات السوفياتية لربيع براغ 1968 حيث منع الروس بعد ذلك من نشر أيّ شيء عن كافكا .
بعد مرور أزيد من ثمانية عقود على رحيل فرانز كافكا كانت قد نشرت كذلك في مدينة براغ مسقط رأس الكاتب منذ بضع سنوات أوّل سيرة ذاتية حول كافكا الذي عني به وبأدبه وإبداعاته على الصعيد العالمي أكثر ممّا عني به في بلده الاصلي، هذه السيرة الذاتية تحمل عنوان(الصراع من أجل الكتابة، حول الإلتزام الحيوي لفرانز كافكا) بقلم بلديّه جوزيف سيرماك أيضا الذي حاول في هذا الكتاب تسليط الأضواء على علاقات فرانزكافكا مع وسطه التشيكي والعالم.

براغ :عاصمة البوهيميين

ولد كافكا عام 1883 في براغ التي كانت تعتبر عاصمة البوهيميين في وسط أوربا وتوفي عام 1924 قريبا من فيينّا، لم يكن يكتب سوى باللغة الألمانية وهي اللغة التي كان يستعملها يهود براغ المعاصرين لكافكا.
لا يتجاوز عدد نسخ هذه الطبعة الخاصة من هذا الكتاب الجديد 2500 نسخة والتي تتضمّن العديد من المواد والمخطوطات التي لم يسبق نشرها من قبل بالإضافة إلى العديد من الصور والكروت البريدية السياحية والملصقات التي بعث بها كافكا إلى عائلته خلال سفرياته في الخارج.
يشير ‘سيرماك’ الى أنّ كافكا كان محظورا أيّام ‘تشيكوسلوفاكيا’ الإشتراكية لانه كان في عرفهم كاتبا رجعيّا،وسيرماك نفسه كان مضطرا لنشر أولى أعماله حول كافكا في ألمانيا باسم مستعار ولم يتمكّن من ترجمة أعمال كافكا إلى اللغة التشيكية إلا عندما هبّت نسائم الديمقراطيةعلى هذا البلد، عندئذ نقل إلى هذه اللغة بعض أعمال كافكا مثل’ المفقود’ (1990) و’المحاكمة’ و’يوميات'(1997).
وتؤكّد ‘ماركيتا ماليسوفا’ مديرة مؤسسة تحمل اسم هذا الكاتب التشيكي الكبير: ‘أنّ كافكا أصبح اليوم بعد سقوط الشيوعية أحد المعالم المشهورة في الحياة الثقافية والعمرانية والسياحية في براغ، إلا أنّ أعماله معروفة خارج بلاده أكثر ممّا هي معروفة في الداخل، ففي براغ أصبحنا نجد اليوم العديد من التماثيل والمجسّمات واللوحات الرخامية وضعت أو نصّبت على شرفه’، ويذكّرنا ‘سيرماك’: ‘لقد كانت براغ هي المدينة التي تلقى فيها كافكا تعليمه الأوّل ،والتي جال وصال فيها إبّان شبابه، وفي هذه المدينة ذاق مرارة العيش، وبؤس الحياة حتي أصبح الأمر لا يطاق بالنسبة له حيث كان يعمل في مكتب التأمين للحوادث الصناعية، لقد كانت مدينة براغ كذلك الوسط الذي أوحى له بأعماله الأدبية وإبداعاته، كانت كذلك المكان الذي تفتّقت فيه عبقريته والذي عرف فيه الحبّ الأوّل وهيامه المبكّر ببعض فتيات هذه المدينة البوهيمية ،وجميع علاقاته بحسناوات براغ في هذه الفترة لم تنته بالزواج’، ويشير’سيرماك’: ‘أنّ كل ما وصلنا عن كافكا يعود الفضل فيه لصديقه الكاتب كذلك ‘ماكس بروود ‘الذي عني بتراثه عناية فائقة حتى وفاته في إسرائيل عام 1968حيث كان قد هاجر إليها 1939بعد احتلال النازيين ل: ‘تشيكوسلوفاكيا’ في ذلك الوقت.
منذ أن أنقذ ماكس بروود أعمال كافكا من النار،كتبت العديد من الدراسات والسير الذاتية عن كافكا، وتظل لسيرة الذاتية الاخيرة لجوزيف سيرماك هي أحدثها جميعا. وكانت أرملة الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس ماريا كوداما قد كتبت مقدّمة لكتابه السابق (الصراع من أجل الكتابة) حيث كالت كوداما إنتقادا لاذعا ‘لكافكا الآخر’ الذي كتب عنه أحد معارفه وهو ‘غوستاف جانوش’ الذي سجّل ودوّن العديد من المحاورات والمحادثات مع كافكا(نشرها عام 1951)، ويتساءل سيرماك عن سرّ هذا الرفض القاطع لتلك الشهادات التي وصلتنا من هؤلاء الذين كانت تربطهم معرفة مباشرة مع كافكا..؟
يشير سيرماك في هذا القبيل أنّ معظم المشتغلين والدارسين لكافكا يؤكّدون أنّ ‘ماكس بروود’ قد خان صاحب ‘المحاكمة’ وذلك فبدلا من أن يشكرونه لانه لم يقم بحرق أوراقه ومخلفاته، حيث كان كافكا قد طلب منه أن يضرم النار في جميع أعماله، إذ كان قد قال له بالحرف الواحد: ‘إحرق كل شيء دون قراءته، أريد أن ينساني الناس’، ولكن ‘بروود’ أوّلا لم يحرق ورقة واحدة، وثانيا قرأ كل شيء، وثالثا عمل كل ما في وسعه حتى لا ينسى العالم كافكا أبدا. لقد هجر ‘بروود’ دراساته، وصرف عشرين سنة من عمره (من 1930 إلى 1950) لينكبّ على دراسة واستخراج ونشر أعمال كافكا الذي عالج الظرف الإنساني وحقيقة العالم بطريقة ليس لها مثيل’. ‘غوستاف جانوش’ لم يتعرّف سوى على كافكا المدوّن في محادثاته معه، وبعد وفاة كافكا عاش حياة قاسية خلال الحرب، وسجن لمدّة ثلاث سنوات وبعد إطلاق سراحه عثر على الدفتر الذي سجّل فيه كل محادثاته مع كافكا، وبعد ذلك وصل هذا الدفتر إلى يديّ ‘ماكس بروود’ في فلسطين ثم قام بنشره ضمن كتاب في الغرب، وهذا ما يفسّر أنّ كل المشتغلين بأعمال كافكا كانوا عندما يصلون إلى براغ يسألون عن ‘جانوش’ ولكنهم أصيبوا جميعا بخيبة أمل بالنسبة لما كان كافكا يحكيه ويقوله في محادثاته مع جانوش لأنّ هذا الاخير لم يكن على علم بأعمال كافكا الإبداعية الكبرى الأخرى مثل ‘المحاكمة’ و’القلعة’ و’رسالة إلى أب’ واليوميات ‘ وكافكا والحالة هذه ليس بالنسبة له كاتب كبير، فإعجابه به لم يكن إعجابا بقلمه أو إبداعاته بل بمزاياه وخصاله الإنسانية لا غير.

عزلة الكائن البشري

كافكا على الرغم من الجوّ السوداوي الذي أحيط به وبحياته وأعماله فانه في الواقع حاول في فترة ما من حياته أن يكون هو نفسه شخصية ‘ كافكاوية ‘ الا انه في الأخير فشل في مسعاه. اذ منذ بداية تعامله مع الكتابة تفتّق وظهر ككاتب لغز معذّب ومعنّى.على الرغم من الكتب والتآليف والدراسات المتعددة التي كتبت عن حياته فإنه ليس من السهولة واليسر التعرف على حقيقة حياته المعتمة. يشير الكاتب الالماني ‘غواشيم أونسيلد’ (الذي وضع هو الآخر كتابا وافيا حول حياة هذا الكاتب السوداوي المثير): ‘انه على الرغم من العزلة والمرارة اللتين يتميّز بهما كا فكا فاننا واجدون شيئا مهمّا آخر في حياته، وهو جانب الحبّ والقدرة على الاستحواذ على الناس وتحقيق النجاح منذ ظهور كتابه الأول (تأملات)عام 1912.
كان ‘بول فاليري’ يقول: ‘لكي يضمن الإنسان حياته ككاتب ينبغي أن يتوفّر لديه أمران إثنان الاوّل بطبيعة الحال هو أن يكتب، والثاني هو قدرته على تحقيق الانتشار الواسع لما يكتبه.وان المجد الادبي لا يمكن تحقيقه الا بتلاحم هذين العاملين الذين يبدوان وكأنهما منفصلان الواحد عن الآخر .العامل الأوّل هو تحقيق الإبداع ذاته، والثاني هو ضرورة إقناع الناس بفحوى وجدوى هذا الابداع بواسطة الكاتب نفسه أو عن طريق هؤلاء الذين قرأوا أعماله وأعجبوا بها .بذلك تتحقق الشهرة ويتأكد النجاح والانتشار’. وكان ناشر كافكا ‘كورت وولف’ يقول: ‘ان الكاتب الجيّد ينبغي له ان يظهر في الوقت المناسب وعن طريق دار النشر المناسبة ومحاطا بالحماس الذي هو قمين به وعلى عكس ذلك فإن الامر قد يغدو مجرّد نشر مطبوع ضائع’.
ويروى لنا ‘ أونسيلد ‘قصة طريفة عن بداية حياة كافكا الابداعية فيشير انه كان قد تقدم لنيل جائزة ‘فونتان’ للقصة القصيرة عام 1915،واتفق الناشر مع حكام هذه المسابقة الادبية ان يعلن بأن اسم الفائز هو ‘كارل سترنهيم’ على أن يسلّم مبلغ الجائزة لفرانز كافكا إعترافا بقيمته الادبية .وكان القصد من هذه العملية هو كسب إسمين بدل إسم واحد لصالح دار النشر التي أشرفت على تنظيم هذه المسابقة.
وكان فرانز كافكا قد شارك في هذه المسابقة الادبية بقصّة قصيرة تحت عنوان: ‘وقّاد الآلات البخارية’ والتي ستصبح فيما بعد الفصل الاوّل لروايته ‘أمريكا’.
الإبداع والإندحار العاطفي
لقد اعترف فرانز كافكا لصديقه ‘وولف’ أنه أسعد ما يكون عندما ينصرف للكتابة، بل ان نسبة إنتاجه الأدبي رهين بمدى قدرته على التأقلم مع المحيطين به والتجمّع والمشاركة. كان كافكا يعمل في بعض الأحيان لمدة خمسة أشهر متوالية ثم يدخل بعد ذلك في مرحلة من الخمول الأدبي. واتّضح انّ غنى وعمق وثراء إنتاجه الادبي شديد الصلة بمدى اندحاره العاطفي أو تألقه. وانّه كلما خمدت عنده جذوة الطاقة الابداعية وخبا أوارها فانّ علاقاته الشخصية الخاصة مع ‘فليس’ تزداد قوّة ومتانة وعنفوانا.
كان كافكا نباتيا، وكان يهوى الإقامة في مراكز الطبيعيين، ويحبّ السباحة والرياضة والتجوّل في الهواء الطلق. ان اتصالاته وانقطاعاته عن ‘فليس باور’ التي تزوجها عام 1919 كان لها تأثير في حياته، وعلى الرغم من انه كان يعرف انه قد أصيب بداء ذات الرئة فإنّ مرض السل هذا لم يمنعه من القيام ببعض المغامرات العاطفية الأخرى. كان كافكا خجولا، منعزلا إلاّ انه لم يكن روحانيا محضا، كان ساخطا ناقما، غير انه كان يقاوم الاستسلام . كان واثقا من كتاباته، ويشعر بنوع من القلق من مدى قبولها من طرف القراء.
كان كافكا في صراع دائم مع نفسه وذاته وحياته ومجتمعه ومعاناته الكتابية بشكل خاص .هل كان كافكا يكتب ليكون محبوبا، أو محبوبا جدّا؟ أم كان يكتب بغاية تحقيق الشهرة والمجد والذيوع؟ أم كانت الكتابة عنده نوعا من تأكيد هويّة مّا أو لكبح لوم عدم الكتابة؟ هذا النوع من التطلعات هو الذي كان يطبع حياة كافكا.

‘تأمّلات’ فرانز كافكا

في خريف 1912وبعد مرور عدة أيام من غير أن تصله أيّ تعليقات من خطيبته ‘فليس’ حول كتابه: ‘تأملات’ كتب إليها يقول: ‘الحقّ أنّ هذا الكتاب يبطّنه تشوّش لا يمكن التحكّم فيه .بالأحرى فيه (في الكتاب) نظرات ينبغي الدنوّ من كل هذا حتى يمكن رؤية شيء.على كل حال إننّي أقدّر عدم معرفتك بماذا ستفعلين بهذا الكتاب إلا أنني مع ذلك لن أفقد الأمل. إذ انه في لحظة حلم وأريحية أو ضعف من طرفك سوف تشعرين أنّك تميلين لمحاولة فهمه ولن يكون هناك أبدا أحد يعرف ماذا يفعل بكل هذا. انه شيء لي ومنّي وسيظلّ واضحا أمامي الى الابد.
إننى لآسف كثيرا عن تضحية ناشر مبذر، وانّ التفكير بأن كلّ محاولاتي قد باءت بالفشل لأمر يسبّب لي آلاما مبرحة، ولكنني أعزّي نفسي بأنني وأنت في آخر المطاف لنا قاسم مشترك على الرغم من أنّه لو أعجبتك درّاعة ولم ترقني أنا إلاّ أنّه فقط لأنك ترتدينها حينئذ يفرحني أن أراها عليك، وهكذا فانّ كتابي في حدّ ذاته لم يعجبك، ولكن بما أنه من تأليفي فإننّي لا أشكّ في أنه يروقك، وهذا ما يقال عن مثل هذه الأشياء في مثل هذه الحالات.
ومن غرائب الصدف أن يكون هذا الكتاب من أكثر كتب كافكا الذي حقّق نجاحا منقطع النظير، وكان يقصد من وضعه حث ّ اهتمام الأوساط الأدبية به، بل وكان يسعى إلى رفع الحجر عن وضعه كموظّف إداري بسيط. طبع في البداية من هذا الكتاب 800 نسخة فقط عام 1912 . وظلت حتى عام 1926 دون ان تنفذ إلاّ انه بعد مرور عامين على وفاة كافكا (1924) لم يحقق أيّ كتاب من كتب كافكا المنشورة الأخرى النجاح الباهر الذي حققه هذا الكتاب بالذات، لقد طلب ذات مرّة كافكا من ‘ ماكس بروود’- كما رأينا من قبل- إتلاف أو إحراق مخطوطات كتبه لعدم تحقيقها في حياته النجاح الذي حققته بعد مماته.

المعاناة

إن ّجميع الكتابات التي كتبت عن كافكا وعن مختلف أعماله تؤكّد بما لا يرقى اليه شكّ أو ريبة أنّه قد عانى الكثير، وقاسى الكثير، وتلظّى الكثيرمن أجل إبلاغ كتبه وتآليفه للقرّاء ليس في بلده وحسب، بل وتخطّى حدود الاقليمية الى اكتساب شهرة عالمية واسعة. هذا فضلا عن معاناته الشديدة كإنسان وككاتب يتفاعل وينفعل مع نفسه ومجتمعه وكينونته والعالم المحيط به، ولقد اعترف الكاتب الأرجنتيني الراحل خورخي لويس بورخيس في إحدى مقالاته عن فرانز كافكا بأن هذا الكاتب المعنّى كان أستاذه ومعلّمه في هذا المجال، لقد صارع كافكا الحياة وصارع المرض الذي كان ينهش جسده المتهالك. لقد كافح حتى لا يساق الى ‘المحاكمة’ بدون اقتراف أيّ جنح أو جرم أو جناية ،ويجرّ الى حبل المشنقة قهرا وقسرا وعنوة بعد أن أرغم على إرتداء ثوب العيش دون استشارته .لقد كافح من أجل تثبيت قيم إنتاجه الأدبي. كما أنه لم يهدأ من خوض هذه المعركة مع نفسه ومع المجتمع ومع أعدائه سوى عندما أخبر عام 1917 أنه يعاني من مرض عضال لا شفاء يرجى منه .رسائله المخطوطة الآنفة الذكر لابدّ أنّها ستطلعنا على المزيد من المعاناة التي ضاق بها صدره العليل، وجسمه النحيل.

عن: القدس العربي 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *