خزانة الأحذية: رواية أولى لتغريد أبو شاور

(ثقافات)

خزانة الأحذية: رواية أولى لتغريد أبو شاور

صدر عن منشورات وزارة الثقافة الأردنية، ضمن سلسلة “سرد وشعر ” أول تجربة روائية للقاصة والكاتبة الأردنية تغريد أبو شاور بعنوان “خزانة الأحذية”، والتي جاءت في 172 صفحة من القطع المتوسط.

“خزانة الأحذية” رواية تجريبية اتخذت من الأحذية بمختلف أشكالها شخوصا لها، لتحكي تجارب مختلفة عن اللجوء والهجرة وأيضا عن المعاناة المترتبة عن هذه التجارب، في قالب سردي سلس ورشيق. وقد تعمدت الروائية في تجربتها هذه أن تنشئ نصين متوازيين: الأول حسي نعيشه بحاسة البصر وأنا نقرأ الرواية، والثاني تشكله مخيلة القارئ وهو مبحر في قراءته للعوالم التخييلية للساردة.

وقد صدر للكاتبة تغريد أبو شاور، المجموعات القصصية (نمش) عام 2016، (خرز) عام 2017، (كحل) عام 2018، (كتاب الغين) عام 2020، وقصة لليافعين (اتفاق سري) عام 2021.

اقتباس من الكتاب..

” كنت حذاء معروضًا في واجهة دكان زجاجية وسط سوق المدينة، وبالرغم من أني كنت ألمع تحت الأضواء؛ إلا أنني كنت وحيدا، أعيش روتينا يوميا يبدأ بنفض الغبار عن مقدمتي بمنفضة من ريش منتهيا باللحظة التي يطفئ فيها صاحب الدكان الأضواء مُبقيا على ضوء الفيترينا الخافت مشتعلا، فما كان صاحب الدكان يغلق الواجهة الحديدية للفيترينا، خاصة خلال الأيام التي تسبق الأعياد، والتي كانت كثيرة في هذه المدينة على الرغم من صغرها.

ما بين نفض الغبار وإطفاء الأضواء، كنت منشغلا بمراقبة ما يحدث في الشارع؛ منصتا إلى قصص المارة المتنوعة التي علمتني الكثير ودربتني على الحياة، حتى جاءت اللحظة التي بدأ فيها طفل وردي الخدود بالتردد على واجهة الدكان، يزورني كلما جاء إلى السوق مع والده. كان في كل مرة يلصق وجهه في الواجهة الزجاجية، ويشير إليَّ بإصبعه الطري، ويبتسم ابتسامة رقيقة، تاركا أثر شعره الناعم وخدوده المنتفخة على الزجاج .في كل مرة كان يباغت والده فيدخل إلى المحل ويقيسني، ولا يشتريني. في إحدى المرات، دخل رفقة والده، وفي إشارة من والده إلى البائع، خرجت من الفيترينا وصرت بين يديه الصغيرتين؛ وضعني على الأرض بلطف، خلع فردة حذائه النظيف رغم قِدمه وانتعل أول فردة مني. بدأت أتململ في قدمه حتى شعر بالراحة، فتناول الثانية وانتعلها. ابتسم لي ثم نظر إلى والده وتنهد، فأعاد النظر إلي وابتسم مجددا. لأول مرة كنت ألاطف، بل أتواطأ مع قدم تقيسني، فكل الأطفال الذين سبقوه كانوا يخبطون بي الأرض ويتذمرون من أربطتي. لأول مرة أشعر أن الذي قاسني وكأنه فراشة. لأول مرة بتُّ أؤيد فكرة الالتحاق بآخر، أو أن أكون جزءا من آخر دون أن أعبأ بفكرة البيع وقسوتها. شعرت بسعادته وهو يخطو بي خارج الدكان. كان شعورا غريبا، مزيجا من متعة التحرر من سطوة الفيترينا والخوف من المضي إلى أماكن لا أعرفها .لكن الذي هدأ من شدة خوفي، سعادة الطفل الذي حملني في قدمه عائدا إلى البيت، وبين كل خطوة وأخرى، كان يتفقدني؛ يرفع قدمه ويلفها خلف الأخرى ويمسحني ببنطاله .ولما وصلنا بيته، استدار أمام أمه وخطا خطوات واسعة ومستقيمة. كان فخورا بي وكأنني فرحته الكبيرة التي طال انتظارها، وحكايته الجميلة التي سيتحدث عنه دائما. وبعد ذلك، خلعني عن قدميه وأخذ ينفخ على مقدمتي، ويمسحني بطرف كمه”.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

تعليق واحد

  1. سميرة سليمان الحياري

    تغريد كاتبة مبدعة وانسانة بمعنى الكلمة تشعر وتشعر القارئ بألم انسان أرضنا في هذا العصر ولديها مخزون تعبيري موروث رغم صغر سنها تنقلنا الي عوالم تحتاج إلى التفكير والشعور بحجم المعاناة.وتكوين اتجاهات وقيم اصيلة. لها ولكم كل الاحترام والتقدير ودام هذا العطاء المتميز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *