(ثقافات)
الروائية السورية رنا العش: اكتب لأكون حرة وفي الكتابة حريتي
شجرة النارنج في البيت الدمشقي هي حامل لذكريات ومرارة واحلام كل النساء السوريات
أجرى اللقاء وحيد تاجا
قالت الروائية السورية رنا العش انها كتبت روايتها ( ذاكرة النارنج) لتساهم ولو بجزء بسيط برفع الظلم عن المرأة بشكل عام ..وعن المرأة في مجتمعنا العربي بشكل خاص.وأضافت “لطالما شغلتني مصير امهاتنا وجداتنا واحلامهن التي لم تتحقق حتى ابسطها وهي التعلم”.
وقد لاقت ذاكرة النارنج ، وهي الرواية الأولى للكاتبة ، تجاوباً كبيراً وخلقت جدلاً واسعاً في الوسط الثقافي.. وقد اتخذت الكاتبة في روايتها من البيت الدمشقي والمدينة القديمة في العاصمة السورية كحيز مكاني لأهم أحداث هذا العمل الذي كان اقرب للرواية النفسية لما حمله من منولوجات داخلية وهموم نفسية.
ويذكر ان الكاتبة رنا العش من مواليد حي القيمرية في دمشق. خريجة كلية الحقوق من جامعة بيروت العربية ، وحاصلة على دبلوم الكتابة الإبداعية في أمريكا. فضلا عن شهادة بالكتابة الإبداعية للمدافعات عن حقوق الإنسان. عملت كاتبة أفكار للاطفال بشركة النجم لانتاج الرسوم المتحركة بسوريا .
اهتمت بالطفولة ورعاية الاطفال وانشئت نادي خاص لرعاية الاطفال وانشطتهم
كانت من مؤسسي جمعية أباء وابناء لرعاية الاطفال ذو الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلم بدمشق
تعمل حالياً بمجال التعليم المبكر لمراحل ماقبل المدرسة في أمريكا.
* ـ هل يمكن إعطاؤنا لمحة عن البدايات.. بمن تأثرت من الكتاب.. ومن هم مصدر الإلهام حالياً…؟
** نشأت ضمن عائلة محبة للقراءة في بيت جدي ، كانت هناك مكتبة كبيرة وغنية بتنوعها الفكري والسياسي والأدبي ، مكتبة منزلنا احتوت على كتب الادب العالمي وكتب الأدب العربي الكلاسيكي ، من المنفلوطي إلى نجيب محفوظ ويوسف السباعي ..كل هؤلاء العمالقة وغيرهم كانوا زادي بمرحلة الصبا.. ومازلت اقرأ الادب العربي والعالمي وبشغف كبير وأتابع دوماً كل جديد..أنا عاشقة للكتب.. مصدر الالهام لي حالياً النساء بشكل عام والنساء السوريات بشكل خاص ..
* ـ كيف نضجت فكرة رواية ” ذاكرة النارنج”..وما الذي يعنيه لك هذا العنوان الملفت …؟
** لطالما شغلني مصير امهاتنا واحلامهم التي لم تتحق حتى ابسطها وهي التعلم، كان حديثي الشاغل مع صديقاتي كيف آلت طموحاتهم وقصص حبهم البريئة التي لم يستطعن البوح بها … ومن هنا بدأت الفكرة وتطورت إلى أن وصلت لسطور الرواية ..
كتبت هذه الرواية لتساهم ولو بجزء بسيط برفع الظلم عن المرأة بشكل عام ..وعن المرأة في مجتمعنا العربي بشكل خاص. فقد عاشت بطلة الرواية منيرة ثلاثة أجيال مكبلة بظلم المجتمع وسطوة من له القرار بدلاً عنها..
ثلاثة أجيال لم تمنحها القوة الكافية لاتخاذ أي قرار يتعلق بحياتها والعيش كما حلمت وأحبت، وكان ابسط حلم أن تكمل دراستها..
حرمت من طفولتها لتجد نفسها أم بعمر مبكر جداً ..وتوالت المسؤوليات والهموم على عاتقها ضمن بوتقة مجتمع محافظ متخم بالذكورية في أقسى صورها..
وعندما لعب القدر دوره ليمنحها حرية قرارها وجدت نفسها مقيدة بالاعراف والواجبات الاجتماعية تحت بنود العيب والممنوع وما يصح وما لايصح ..وسرقوا منها الفرح وكبلوا قلبها بالخذلان والخوف والظلم ..وحتى عندما سكبت كل أحلامها بحضن ابنتها خذلتها بدورها واحبطتها عندما اختارت طريق مختلف عما تمنته لها ..
*ـ وماذا عن العنوان ( ذاكرة النارنج )؟
** بالنسبة للعنوان كان حاملاً مهماً للراوية، فلايوجد بيت سوري قديم يخلو من شجرة كباد أو نارنج أو ليمون ، زهرة النارنج كانت المفضلة عندي ..كانت تدهشني تلك الثمرة كيف تصنع الأمهات والجدات منها المربى اللذيذ الطعم والحلو المذاق بالرغم من مرارة الثمرة نفسها .. زهرة النارنج ليست مجرد شجرة في البيت الدمشقي بل هي حامل لذكريات ومرارة واحلام كل الأمهات والجدات والسيدات السوريات ، وعليه بنيت مشاهد كثيرة للرواية ..
* ـ كم لعبت السيرة الذاتية لـ “رنا العش” دورا في روايتك …؟
**من غير تفاصيل دقيقة.. بالتأكيد لعبت دوراً كبيراً ، يكفي انني ابنة هذا المجتمع الدمشق والبيئة التي نسجت حولها الرواية.
انا ابنة الشام من حي القميرية ولدت وترعرعت في هذه البيئة وفي تلك البيوت الدمشقية. و عشت طفولتي في حاراتها وبين اهلها ..
* ـ كان ملفتاً انك جعلت في روايتك الإنسان الصالح والطيب ( امرأة أو رجلاً) إنساناً ضعيفاً مسلوب الإرادة لايستطيع اتخاذ أي قرار بنفسه ..في حين أن الإنسان القوي هو إنسان شرير قاسي.. ل هذا هو الواقع .. ماهي الرسالة التي تريدين إيصالها من خلال الرواية…؟
** لا أجد الموضوع له علاقة بالشر. شخوص الرواية مهمات كانت درجة قرابتهم من البطلة لم يكونوا اشراراً بالمعنى الحرفي للشر، بل كانوا محملين ومكبلين بعادات وارث يصعب التخلص منه بسهولة، فالشر لاعلاقة له بقوة الشخصية أو ضعفها.
وبالضبط هذا فحوى الرسالة التي اردت ايصالها من خلال الرواية ..اننا مثقلون بعادات وتقاليد مجتمعنا واننا لسنا احراراً بما فيه الكفاية لنعيش كما نرغب ولو بالحد الأدنى، ومصدر قوة الاب او الأخ او الزوج او الحماة برأيي هي العادات والتقاليد وسطوة المجتمع الذكوري، وهذه الأسباب مجتمعة هي سبب ضعف وسلب حقوق بطلة روايتي .
*ـ المرأة تعرف مسبقاً، عندما تختار الكتابة، ” أنها تدخل معركة كبيرة قد تربح فيها ذاتها الكاتبة وتخسر فيها ذاتها الجماعية التي تقف عائقاً مستمراً أمام تطلعات الكتابة، ورغباتها المتوحشة”.. ما رأيك بهذه الرؤية…؟