بطاقة تعريفية بكتاب “إذا أينع الخاطر” للأديب. “د. تيسير السعيدين”

(ثقافات)

بطاقة تعريفية بكتاب “إذا أينع الخاطر” للأديب. “د. تيسير السعيدين”

محمد فتحي المقداد

صدر حديثًا كتاب “إذا أينع الخاطر” للأستاذ الدكتور “تيسير السعيدين”، في مضمار الخواطر، والخاطرة جنس أدبيٍّ قديم قدم الإنسان ومشاعره وخواطره؛ وعلى قول النفري: “إذا اتّسعت الفكرة ضاقت العبارة“، بمعنى إذا حاز الكاتب فكرة بتجليّاتها، ومهارة الكاتب تتّضح بطريقة إدارة فكرته، وفي أي مسلك سيسلك بها لإيصال رسالته وهدفه لقارئ ولمستمع.

ومنذ القديم هناك من كتبت الخواطر مثل “ابن الجوزي” وكتابه “صيد الخاطر”. وأشهرها حديثًا كتاب “هكذا علمتني الحياة” للدكتور “مصطفى السباعي”، والاستشهاد بمثالين يكفي، لكثرة تعدُّد المُسمَّيات قديمًا وحديثًا، وتستمرّ قوافل الخواطر في بحار الأفكار المُتلاطمة برؤوس الأدباء والكُتّاب، وبالتوقّف في ظلال كتاب “إذا أينع الخاطر“. للتفيُّئ والاستمتاع بروائع الفكر، وقطف شيئًا من يَنْعه.

وبسؤال للأستاذ “تيسير” عن ماهيّة الخاطرة، وكيف يستطيع تعريفها، أجاب: (ليست أكثر من فكرة طارئة ولمحة عارضة، لم تصل مراحل النضج، ولم تتعدّ حدود الحاضر المعيش، فصادفت وجدانا يقظا متوقّدا، وقوة في الملاحظة واللمّاحيّة فيما يعرض من أشياء، فتقدح في ذهن الكاتب نورا في لحظة شعورية، وتتفاعل معه متجسّدة على الأرض، تلك هي الخاطرة كما تراها أدبيّات هذا اللّون من الكتابة). وفي تخصيصه لهذا اللّون الأدبيّ كتابًا مُنفردًا بخواطره. قال: (ولعلّ مُداعبة هذا الصّنف من الكتابة، والسّباحة في مياهه، والنسج على منواله، ومحاولة إفراغ ما في ذات الكاتب عبر قنواته، يحتّم الالتزام بما له من فنيّات). يُستَنتَج من هذه العبارة أنّها تُلبّي حاجة لدى الكاتب، ونافذة تعبير للتواصل عبر المقروء والمسموع.

قبل الانطلاق من إشكاليّة العنوان المنظورة، إلى ساحات ومساحات الكتاب، وبتحليل بسيط للعنوان “إذا أينع الخاطر” فهو جملة مفيدة مسبوقة بأداة شرط، وفي هذا السّياق لفت انتباه لأمر صادم، لأن جواب الشرط محذوف، ولم يكن متروكًا للتأويلات المُتأرجحة ما بين الماديّة والمعنويّة إنما عُرف بدلالة السّياق، مفهوم (الإيناع. أينع. أينعت) كمال النّضوج في مواسم، وكلمة “الخاطر” المعرّفة إنّما للتخصيص وجاءت بعد الشرط؛  للإشارة إلى شيء بعينه، ألا وهو هذا النّتَاج الورقيّ للكتاب موضوع هذه النّبذة التعريفيَّة.

لا بدّ من تذكر عبارة “الحجّاج بن يوسف الثقفيّ” في خطبته الشهيرة عندما تولّى إمْرة العراق: (إني أرى رُؤوسًا قد أينعت وحان قطافها). لم ينتقل العنوان لموضوع القطاف، والتذوّق لثمار أيًّا كان نوعها. لتأتي الصّدمة عند كلمة “الخاطر” لتكتمل الرؤية برسالة مفادها جوابًا بهذا الكتاب.

وعلى حد وصف المؤلف لكتابه حينما سئل عن ماهيته ومضامينه التي احتوى عليها، أفاد: (فقد تألّف من نيّف ومئة من الخواطر، التي تضمّنت صنوفًا متعدّدة من المواقف الواقعيّة التي عرضت له في الحياة، فلامست مشاعر وأحاسيس كاتبها، لافتة انتباهه إليها، فلمعت إضاءة مشكّلة لديه نوعًا من التأثّر، فراح يفرغ مضامينها عبر هذا النوع من الفنّ، وموظِّفا رُؤاه وقناعاتِه الذاتيّة في النّصوص الواردة في المجموعة).

وفي الختام، يُعتبَر هذا الكتاب هو حصيلة تعب وجهد واضح مُضنٍ؛ قام على جهد فكريّ جادٍّ، وعميق الدلالات بنهج إصلاحيٍّ واعٍ لرسالته، وللهدف الذي كُتب من أجله؛ ليوصف فِكْر كاتبه: ب(حكمة الشُّيوخ) الجادّة الواعية المُتأنيّة؛ تقول كلمتها الصّادقة لمن ألقى السّمع إليها، وهو شهيد على الحالة بوقتها وزمانها ومكانها؛ وليكون لبنة صالحة لما فيه خير البشريّة جمعاء بلا تمييز.

 

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *