أسطورة الإطار..أو نقد الأطر المغلقة في فلسفة كارل بوبر

 (ثقافات) 

أسطورة الإطار..أو نقد الأطر المغلقة في فلسفة كارل بوبر

سلمى بوصوف

يتلخص مضمون أسطورة الإطار لدى كارل بوبر في كون “المناقشة العقلانية و المثمرة مستحيلة ما لم يتقاسم المساهمون فيها إطارا مشتركا من الافتراضات الأساسية، أو على الأقل ما لم يتفقوا على مثل هذا الإطار لكي تسير المناقشة [1]. يضيف بوبر“أقصد “بالإطار” هنا فئة من الافتراضات الأساسية أو المبادئ الأساسية، أي أنه إطار عقلي” (ص 61).[2]  رأى البعض أن هذا التعريف يمثل مبدأ منطقيا أو قائما على أساس منطقي، بل هو المبدأ نفسه الذي ندافع عنه ونطالب باستحضاره في نقاشاتنا وسجالاتنا، اعتقادا منا أننا حينما نتفق قبل المناقشة على مفرداتنا أو نتوحد حول تعريف بعينه لمفاهيمنا و مصطلحاتنا، نكون بصدد الخروج بنتيجة متفق عليها ومرضية لمختلف الأطراف في النهاية، أما دون ذلك فلا نرى للمناقشة جدوى. لكن ما يعتقد أنه مبدأ، مجرد تقرير فاسد و زائف “إذا عم اعتقاده، لابد أن يدمر وحدة الجنس البشري، وبالتالي يتزايد معه إلى حد كبير احتمال العنف  و الحرب“.[3]

سلمى بوصوف

  يسلم بوبر بأن المناقشة تكون مثمرة بين أطر واسعة الاختلاف، كما يؤكد على أن خصوبة المناقشة رهينة بالتعلم الذي يحققه المساهمون فيها. ” وهذا يعني: كلما كانت الأسئلة التي يطرحونها أكثر أهمية وأكثر صعوبة، و كلما حفزتهم على التفكير في إجابات أكثر جدة، و كلما زعزعت من آرائهم، و كلما استطاعوا أن يروا الأشياء بعد المناقشة بصورة مختلفة، باختصار، اتسعت آفاقهم العقلية“.[4]

“أسطورة الإطار” اتهام لمفهوم الإطار و مشكلة إحاطته بالعقول، لذلك يحذرنا بوبر من الأطر المغلقة في كل صورها، أشكالها و تجلياتها، ويجعلها موضوعا للدحض و النقد و الإدانة،  بل إنه وجه نقده بالدرجة الأولى للنسباوية relativisme، التي تقوم على مبدأ يؤكد قدرتنا على التفكير من خلال إطار ترسم ملامحه عقليتنا، وأن الحقيقة تختلف من إطار إلى آخر. لقد رأى بوبر في النسباوية أحد الوجوه الأكثر انتشارا والأكثر مدافعة عن اللاعقلانية المحدثة في عصرنا الراهن، مادامت تسلم بالمبدأ القائل أن الحقيقة ذات ارتباط وثيق بخلفيتنا العقلية، الأمر الذي جعلها تختلف تبعا للأطر.

تصدى الفيلسوف لمفهوم الإطار معتمدا على شواهد من التاريخ، ليتساءل عن إمكانية المجابهة الغنية بين الأطر المختلفة، فيأخذ أقصوصة “لهيرودوت” يجد فيها البدايات الأولى للنسباوية التاريخية أو الثقافية، هذه الأقصوصة التي تحكي عن ملك الفرس “داريوس الأول” الذي أراد أن يلقن الإغريق المقيمين في إمبراطوريته درسا؛ فسأل الإغريق الذين كان من عادتهم أن يحرقوا موتاهم عن إمكانية التهام آباءهم حين يتوفون، فأجابوه برفض قاطع. حينئذ استدعى “داريوس” الكالاتيينcallatians، الذين يقومون بأكل آبائهم، فسألهم عن الثمن الذي قد يرتضونه لكي يحرقوا جثث آبائهم حين يتوفون؛ فصرخوا لسماعهم مثل هذه الفظاعة.

ثمة إذن مجال للمواجهة المثمرة بين البشر المندمجين في أطرهم المختلفة، لكن بوبر يحذرنا من عدم توقع الوصول إلى اتفاق إذ يقول: “وعلى هذا ليست دعواي أن الهوة بين الأطر المختلفة، أو بين الثقافات المختلفة، يمكن لأسباب منطقية اجتيازها دائما. تنحصر دعواي في أنها يمكن عادة اجتيازها”.[5]

الخلاصة التي يبسطها الفيلسوف في فصل “أسطورة الإطار”هي أن الصراع أو الحوار بين الحضارات المختلفة لا بد منه، كما يشدد على أن المنهاج النقدي ما كان من الممكن أن يوجد لولا وقوع الصدام الثقافي بين الحضارات، إلى جانب ذلك، يكون الحوار بين الحضارات خصبا إذا توج بعقلية نقدية، بينما يصبح صداما سلبيا إذا تم في أطر مغلقة.

ينبغي أن نشير إلى أن الحديث عن أسطورة الإطار، أو عن بعض أوجه حضورها، لم يستثن أي مجال معرفي، فقد ساهم مجموعة من الفلاسفة في أسطورة الإطار، إذ كانت الحقيقة مع هيجل نسبية لكل إطار تاريخي أو ثقافي، أي أن هناك معايير مختلفة للحقيقة، ثم جاء”ماركس” بنظريته عن الحدود الطبقية للعلم – عن العلم البروليتاري والعلم البورجوازي- و بعد ماركس تابعت هذه الأفكار طريقها مع “ماكس شيلر” و “كارل مانهايم” اللذين سميا نظرياتهما بعلم اجتماع  المعرفة. و في هذا السياق نجد أن بوبر ناقش في مجال فلسفة العلم الذي يعد ميدانا للدقة والمعقولية؛ المشاكل التي لطالما عاشها العلم وعانى منها في سيرورة تشكله وتطوره، و صراعات الأطر الموجودة بين العلماء أنفسهم أو بين العلماء ومن يجعلون أنفسهم أوصياء على أساطير بعينها لا ينبغي المساس بها.

عرفت فلسفة بوبر تأييدا كما عرفت تفنيدا أيضا، خصوصا فيما يتعلق بنظرية المعرفة. ﻴﺭﻯ ﺍﻟﺒﻌﺯﺍﺘﻲ ﺃﻥ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ ﺒﻭﺒﺭ ﺒﺸﺄﻥ ﺍﻟﺩﺠﻤﺎﻁﻴﻘﻴﺔ ﻤﺒﻬﻤﺔ، ﻭﻫﻭ ﻤﺘﺭﺩﺩ ﺒﻴﻥ ﻋﺩﻫﺎ ﻋﻼﻤﺔ ﻤﻥ ﻋﻼﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺼﺏ ﻭﻤﺨﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﻭ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ. ” ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﺃﻥ ﻨﺘﻤﺜل ﺘﻔﺴﻴﺭﺍﹰ ﻋﻘﻠﻴﺎﹰ ﻟﻠﻔﻌل ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺒﻭﺒﺭ، ﻓﻬﻭ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﺘﻔﻨﻴﺩﻴﺔ ﺨﺎﺼﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻭﻴﺅكد ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺭ ﺒﻨﺎء ﻟﻠﺩﺠﻤﺎﻁﻴﻘﻴﺔ”.[6]  ﻭلكن ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﻘﻭﻟﻪ ﺒﻭﺒﺭ ﻓﻲ ﻨﺼﻭﺼﻪ ﻭﺍﻀﺢ، إذ ﺤﺎﻭل ﺃﻥ ﻴﻔﻬﻡ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺒﺄﻥ ﻗﺩﺭﺍﹰ ﻤﺤﺩﻭﺩﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺠﻤﺎﻁﻴﻘﻴﺔ ﻀﺭﻭﺭﻱ ﻟﻠﺘﻘﺩﻡ، ﻤﺒﻴﻨﺎﹰ أﻨﻪ ﻻ ﻴﻘﺼﺩ ﺍﻟﺘﻌﺼﺏ ﺍلفكري ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻜل ﻋﻘﺒﺔ كبرى ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﻠﻡ، ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻘﺼﺩ ﺘﻤﺴﻙ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﺒﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻤﺎ، ﻭﺍﻟﺤﻠﻭل ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻤﻬﺎ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻻﺨﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺔ، ﻭﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﻅﻭﺍﻫﺭ ﺘﻌﺎﺭﻀﻬﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ، ﻋﺒﺭ ﺘﻤﺴﻜﻪ ﻫﺫﺍ ﻴﺠﻌل ﻤﻥ ﻨﻅﺭﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻤﻊ ﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺃﺨﺭى، ﻭﺫﻟﻙ لكي ﻴﺘﻡ ﺘﻤﻴﻴﺯ ﻭﺍﻨﺘﻘﺎء ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻷﻓﻀل ﻭﻓﻘﺎﹰ ﻟﺸﺭﻭﻁ ﻤﺤﺩﺩﺓ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺤﺴﺏ ﻤﺎ ﻴﺭﻯ ﺒﻭﺒﺭ.

ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﻥ ﻋﺎﺼﺭ ﺒﻭﺒﺭ ﻭﻨﺎﻗﺸﻪ بشكل ﻤﺒﺎﺸﺭ ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﺸﺭ ﺒﺼﺩﺩ ﻤﻌﻴﺎﺭ ﻗﺎﺒﻠﻴﺔ التكذيب، نجد ﺘﻭﻤﺎﺱ كون   thomas kuhn ﺍلذي ﻋﺭﺽ ﺍﻨﺘﻘﺎﺩﺍته ﻓﻲ كتابه “ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ”؛ ﺇﺫ يؤكد ﺃﻥ ﺍﻟﻨﹼﻅﺭﻴاﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ تتطور ﻭﻓﻘﺎﹰ لمراحل ﻤﺘﺘﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺴﻭﻱ ﻭﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺜﹼﻭﺭﻱ. ﻭﺨﻼﺼﺔ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ كون ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺩﺩ ﻫﻲ رؤيته ﺃن ﻭﺠﻭﺩ ﺸﻭﺍﻫﺩٍ ﻤﻨﺎﻗﻀﺔﹼ ﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻤﺎ ﻻ ﻴﺅﺩﻱ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﻔﻨﻴﺩﻫﺎ، ﻓﺎﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺘﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﻨﻅﺭياﺕ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻗﻪ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺤلّ ﺠﻤﻴﻊ ﺃﻟﻐﺎﺯﻩ، ﻓﺒﻌﻀﻬﺎ ﻴﺒﻘﻰ ﻗﺎﺌﻤﺎﹰ ﺩﻭﻥ ﺤلﱟ ﻟﻤﺩﺓٍ ﻁﻭﻴﻠﺔٍ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺘﺘﻔﺎﻗﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻟﻐﺎﺯ ﻭﺘﺒﺭﺯ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺩﻤﻪ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺜﻭﺭﻱ. ” ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﺒﺤﺙ ﻋﻠﻤﻲ ﺒﺩﻭﻥ ﺸﻭﺍﻫﺩ ﻤﻨﺎﻗﻀﺔ. ﺇﺫ ﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﺴﻲ ]ﺍﻟﺴﻭﻱ[ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺃﺯﻤﺔ؟ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻴﻘﻴﻨﺎﹰ ﺃﻥ ﺍﻷول ﻻ ﻴﻭﺍﺠﻪ ﺸﻭﺍﻫﺩ ﻤﻨﺎﻗﻀﺔ. ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ، ﺇﻥ ﻤﺎ ﺴﻤﻴﻨﺎﻩ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ﺍﻷﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﻟﻑ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﺴﻲ ﺇﻨﹼﻤﺎ ﺘﻭﺠﺩ ﻓﻘﻁ ﻷﻥ ﺃﻱ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺇﺭﺸﺎﺩﻱ ﻤﻌﺘﻤﺩ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ كأساس ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﺒﺩﺍﹰ ﺃﻥ ﻴﺤلّ بشكل كامل ﻭﺘﺎﻡ ﺠﻤﻴﻊ مشكلات ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻠﻡ[7] 

ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ تكرس ﻓﻴﻪ يمنى طريف الخولي ﺒﺤﺜﻬﺎ ﻟﺘﺴﻭﻴﻎ إﻋﺠﺎبها بفلسفة بوبر، ﻭﺘﺄﻴﻴﺩ ﺭكائز ﻤﻌﻴﺎﺭﻩ ﺘﺫكر ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ ﺃﻥ” ﺃﻫﻡ ﻤﺎ ﻨﺴﺠﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ– ﺒﻭﺒﺭ – ﻫﻭ ﺠﻤﻭﺩﻩ ﻭﺜﺒﺎﺘﻪ، ﺇﺫ ﻻ يمكن ﺃﻥ ﻨﺠﺩ ﺘﻁﻭﺭﺍﹰ ﻟﻪ ﺃﻭ ﻤﺭﺍﺤل لتفكيرﻩ، ﻓﻤﺎ ﻴﻘﻭﻟﻪ ﺍﻵﻥ ﻫﻭ ﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻤﻨﺫ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺃﻭ ﺃﺭﺒﻌﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎﹰ، ﺁﺭﺍﺅﻩ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ، ﻭﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺘﻪ ﺍلفكرﻴﺔ ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﺜﺎﺒﺘﺔ، ﻻ ﺘﺘﻐﻴﺭ ﺇﻥ ﻗﻠﻴﻼﹰ ﻭﺇﻥ كثيرا، ﻭ كل ﻤﺎ ﻴﻔﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﺇﺨﺭﺍﺝ ﻋﻤل ﺠﺩﻴﺩ ﻫﻭ ﺃﻥ ﻴﻀﻴﻑ ﺇﺜﺒﺎﺘﺎﹰ ﺠﺩﻴﺩﺍ ﺃﻭ ﺒﺭﻫﺎﻨﺎ ﺠﺩﻴﺩﹰ ﻟﺭﺃﻴﻪ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ]… [ ﺃﻭ ﻴﻀﻴﻑ ﺘﺄﺭﻴﺨﺎﹰ ﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺃﻭ ﻓﻴﻠﺴﻭﻑ، ﺘﺎﺭﻴﺨﺎﹰ ﺠﺩﻴﺩﺍﹰ ﻴﺜﺒﺕ ﺒﻪ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻥ، ﻭﻴﻘﻭﻟﻬﺎ ﺍﻵﻥ، ﻭﺴﻴﻅل ﻴﻘﻭﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺸﺎء ﺍﷲ[8].

   ركز بوبر على فحص المعرفة، و نقدها أكثر من البحث عن مصدرها؛ فهو يعد أحد المعاصرين القلائل الذين تتميز بحوثهم بالسمة شبه الموسوعية، وهو ما يميز كتابه “أسطورة الإطار ” الذي عرض فيه الركائز والعناصر الأساسية لفلسفته و رؤاه العامة للقضايا الحضارية والإنسانية و الثقافية، حيث أراد أن يبرز أهمية النقاش، والحوار بين الأطر المغلقة، في اتجاه الالتقاء لصناعة حضارة إنسانية مثمرة، من خلال تبني عقلية نقدية منفتحة تكون قادرة على ردم هوة الصراع الذي تثيره الأطر المغلقة.

الهوامش

[1] بوبر كارل،أسطورة الإطار،ت يمنى طريف الخولي،عالم المعرفة،الكويت، ع 292،2003 ، ص61

2المرجع  نفسه ص 61

3المرجع  نفسه ص 61

4 المرجع نفسه ص 62

5 المرجع نفسه ص 64

6 البعزاتي،بناصر، الاستدلال والبناء-بحث في خصائص العقلية العلمية، ط1، الرباط، دار الأمان،1999 ص 83

7كون، ﺘﻭﻤﺎﺱ، ﺒﻨية ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ت شوقي جلال، سلسلة عالم المعرفة،الكويت، ع168،  1992،ﺹ 128

8الخولي،يمنى طريف ،فلسفة كارل بوبر- منهج العلم…منطق العلم- القاهرة، الهيئة المصرية للكتاب، 1989 ، ص331

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *