(أمّي) للشاعر الباكستاني وقاص خوجا

(ثقافات)

أمّي

الشاعر الباكستاني وقّاص خواجا
ترجمة نزار سرطاوي

كيف تطير السنون! ورغم ذلك، ففي كلِّ يوم من كلِّ عام ، وكلِّ ساعةٍ من كلِّ يوم، أنتِ في خاطري، اسمك يتردد مرارًا على لساني طوال السنوات الـ 29 الماضية. وبين الفينة والأخرى، يصادف أن أراكِ في أماكن ليست في الحسبان.  لكنكِ تمضين قبل أن أنطق بكلمةِ ترحيب. وغالبًا ما تكونين في هذه الرؤى كما لو كنتِ في ريعان الشباب، وكما لو كنتُ أكبرَ منكِ سِنًّا يا أمي!

رأيتها في الأندلس
رأيتها في الأندلس
في أول الأمر على الجانب البعيد
من مسجدِ كاتدرائيةِ قرطبة
تحومُ لبعض الوقت بجوار المحراب
كأنّها لهبُ شمعةٍ يرتعش
قبل أن يتماهى في ظلالِ
أعمدةِ شجرِ النخيلِ المقوّسة
في مكانٍ ما وراءَ
المذبحِ الرُّخامي
ثمّ رأيتها مرةً أخرى في إشبيلية
مجرَّدَ نظرةٍ خاطفةٍ إليها
ترفل بالموسلين الأبيض
وتنْسَلّ ما بين
المذبح الرئيسِ والجوقة
في كاتدرائية سانتا ماريا دي لا سيدي
الذي كان يُدعى ذات يوم مسجدَ أبي يعقوب
وتخرجُ إلى الصَحْنِ
إلى فِناءِ لوس نارانجوس
لكنْ في حدائقِ قصرِ الحمراء
لم يعد في وُسْعي أن أشكَّ
أنها كانت تتلبّثُ هناك
بجوار الرُمّان المزهر
لفترةٍ كافيةٍ لأن أجذبَ انتباهها
في تلك اللحظة الخاطفة من التَعرّف
وقد افترّت شفتاها عن نصف ابتسامة
قبل أن تستدير وتختفي
في شارع السرو
مع أنني أقسِم بالله
أنّني أنزلتها في لحدها
بيديِّ هاتين في مكة
قبل أكثرَ من خمسةٍ وعشرين عامًا

——————————
My Mother
Waqas Khwaja

How the years fly! Yet every day of every year, every hour of each day, you are on my mind, your name as often upon my tongue, these past 29 years now. And every now and then, it so happens that I see you in unexpected places, but you are gone before I can utter a word of greeting. And often in these visions, you are as if in your youth, and I so much older than you, O’ my mother!–
i saw her in al-andalus
i saw her in al-andalus
first on the far side
of the mezquita-catedral de córdoba
hovering briefly by the mihrab
like a flickering candle flame
before mingling with shadows
of arched date-tree columns
somewhere beyond
the marble altar
and again in seville
just a glimpse of her
in white muslin
gliding between
the retablo mayor and the choir
in the catedral de santa maria de la sede
once abu yaqub’s mosque
and out into the sahn
the patio de los naranjos
but it was in the gardens of alhambra
that i could not doubt any more
for she lingered there
by the flowering pomegranate
long enough for me to catch her eye
with that flash of recognition
and a half-smile on her lips
before she turned and disappeared
in the avenue of cypresses
though, by allah, i swear
i had lowered her in her grave
with my own hands in mecca
over five and twenty years ago
————————–

وقّاص خواجة شاعر باكستاتي يقيم في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا في الولايات المتحدة. يعمل أستاذًا للأدب الإنكليزي في كلية أغنيس سكوت، حيث يدرّس العديد من المواد الأدبية، من بينها أدب ما بعد الاستعمار، والرومانسية البريطانية، وسرديات الإمبراطورية، والأدب القوطي، والشعر والرواية الفيكتورية، والأدب والقيادة، والكتابة الإبداعية. يحمل شهادة الدكتوراه في اللغة الإنكليزية من جامعة إيموري وشهادة في القانون (ليسانس الحقوق) من كلية الحقوق بجامعة البنجاب في لاهور.
أصدر خواجة أربع مجموعات شعرية: احبس أنفاسك، لا أحد ينتظر القطار، رثاء مريم، ست إوزات من قبرٍ في ميدوم. كما صدر له كتاب في الرحلات الأدبية بعنوان الكُتّاب ومشاهد الطبيعة، تناول فيه تجاربه كزميل في برنامج الكُتّاب العالميين في جامعة أيوا. كذلك صدرت له ثلاثة كتب من الأدب الباكستاني: الصبار، صباحات في البراري، و قصص قصيرة من باكستان. وعمل أيضًا محررًا للترجمة ومساهمًا في مشروع الشعر الباكستاني الحديث،  وهو مشروع تم إنجازه برعاية مشتركة ما بين الوقف الوطني للفنون والأكاديمية الباكستانية للآداب، حيث يعرض أعمال 44 شاعرًا يكتبون بسبع لغات باكستانية محلية وإقليمية. بالإضافة إلى ذلك عمل ضيفًا لتحرير عددٍ خاص من المقالات العلمية حول الأدب الباكستاني لمجلة الكومنولث ودراسات ما بعد الاستعمار.
ساهم خواجة بانتظام في عدد من المجلات والدوريات  في الأعوام 1983 و 1992. كما عمل محاميًا ممارسًا وأستاذًا زائرًا للقانون في باكستان قبل الهجرة إلى الولايات المتحدة في 1994.
نشر العديد من المقالات حول عددٍ من الكُتّاب من خلفيات متنوعة من التقاليد اللغوية والثقافية وكذلك في العديد من المجالات كالأدب والاقتصاد والتاريخ والثقافة والسياسة. استضافته مجلة أتلانتك رفيو لتحرير عدد خاص عن الشعر الباكستاني في ربيع 2014. نُشرث قصائده وترجماته في العديد من المجلات الأدبية والمختارات الشعرية في أميركا والباكستان وأوروبا والشرق الأقصى ومجلات أدبية.

حصل خواجة على الكثير من الجوائز، من بينها تقدير خاص في الكتابة الإبداعية المتميزة من الجمعية الأدبية لجنوب آسيا في الولايات المتحدة الأميركية (2017)، وجائزة أمير شعراء الشرق والغرب للفنون، كما نال جائزة “كورت دي آرجس” من رومانيا (2021). ويقوم بتنظيم قراءات شعرية تتعلق بالقضايا الاجتماعية والسياسية. كما ينظم قراءات عامة مفتوحة سنويًا في كلية أغنيس سكوت، وذلك في إطار المشروع  الدولي: “100 ألف شاعر من أجل التغيير”.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *