“فرحة” صوتُ النكبة وصورتها

“فرحة” صوتُ النكبة وصورتها

* غسّان زقطان

تعرضت منصة “نتفلكس” العالمية لحملة إسرائيلية لعرضها الفيلم الأردني “فرحة” على شاشتها، الحملة التي شارك فيها الفاشي “بن غفير”، وزير الأمن الداخلي في حكومة “نتنياهو” القادمة، وصلت إلى حد اتهام المنصة بإثارة حملة “لا سامية” في العالم في حالة عرضه، حسب المصور الإسرائيلي “شاي غليك”، الذي حذر “نتفلكس” بأنه مع أول عرض للفيلم سيترجم إلى موجة من معاداة السامية حول العالم.

الحملة ضمت العنصري ليبرمان وزير المالية في حكومة لابيد، وزميله وزير الثقافة “حيلي تروير” وجماعات متطرفة، وسيستخدم الجميع في حملتهم المحرقة وعذابات اليهود في الهولوكوست، والاتهام الجاهز لكل من يعترض على الفاشية الإسرائيلية بـ”معاداة السامية”، وهي اتهامات لا يبدو أن “نتفلكس” قد رضخت لها، حتى الآن.

“فرحة” الذي أخرجته دارين سلّام، ساهمت في إنتاجه ديمة عازر وآية جردانة، وقامت كرم طاهر بتأدية الدور الرئيس فيه إلى جانب أشرف برهوم وعلي سليمان وسميرة الأسير.

يدور حول فتاة في الرابعة عشرة تحلم باستكمال دراستها في “المدينة”/ غالبا القدس، إذا انتبهنا إلى جغرافية قريتها الجبلية الشبيهة بالقرى المحيطة بالقدس، مثل “دير ياسين” و”لفتا”، هناك صورة بالأبيض والأسود لقرية “دير ياسين” يمكن مقارنتها بموقع التصوير، ولكن هذا مجرد انطباع شخصي، غير ضروري، قد يحمل العمل أكثر مما يحتمل، تنقلب حياة فرحة رأسا على عقب عندما تقتحم العصابات الصهيونية القرية ولحمايتها يقوم والدها، المختار، بحبسها في قبو المؤونة وإغلاق الباب عليها، عبر متابعتها للأصوات ثم من شقوق الباب تكون فرحة شاهدة على “النكبة”، أصوات متداخلة ومشاهد مجزوءة تسمح لها بمشاهدة إعدام عائلة فلسطينية ورضيعها، ستدق فرحة على الباب، في إحالة لخزان كنفاني، وتحاول بجسدها وبكل شيء فتحه لتنقذ الرضيع الذي تركه الجنود على المصطبة، دون جدوى.

ثمة مشهد تردد أحد الجنود في قتله ولكنه تركه ليموت وحده، المشهد المتداخل مع المتعاون المغلوب على أمره منحا هذا الجزء واقعية عميقة.

خلف الباب وفي الضوء الشاحب للقبو حيث يصرخ في الخارج رضيع في طريقه إلى الموت، تنضج فرحة وتتحول إلى امرأة مكتملة. يمكن الذهاب أبعد، في قراءة أوسع للإشارات والرموز والدلالات التي حملتها مشاهد الفيلم.

“فرحة” فيلم صنعته نساء، يمكن ملاحظة لمستهن الذكية العادلة في إشارات تنبع بهدوء في النص البصري، بما يشبه الخروج عن النمطية التي رافقت الكثير من الأعمال المشابهة، الترنيمة تحت الباب المغلق التي رافقت موت الرضيع

وتلاشي صراخه، المرأة التي مررت كفها على وجه زوجها بحب بعد أن ساعدها في ولادتها، الأب الذي وافق رغم كل الضغوط على ذهاب ابنته للمدينة لتحقق حلمها في التعلم.

الهيئة الملكية الأردنية للأفلام أعلنت أنها رشحت الفيلم لتمثيل الأردن في المنافسة على جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي.

اللجنة التي اختارت الفيلم قالت في تقريرها: “برقة وأناقة متميزتين، ينجح (فرحة) في تقديم منظور سينمائي فريد من نوعه حول موضوع يشكل عبئاً عاطفياً لطالما أثار فضول صنّاع الأفلام العرب، ما يجعله فيلماً ذا قيمة عالية شكلاً ومضموناً”.

  • عن منصة الاستقلال الثقافية الفلسطينية

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *