(ثقافات)
ـــ في خلود القصة القصيرة ـــ
” القط الأسود”
إدغار آلِن بو
ترجمة: إفلين الأطرش
لأن ما سأدونّه الأكثر طبيعية، بل إنه الأكثر سردا لحياة عائلية، لا أتوقّع ولا أترجّى الاعتقاد به. سأكون مجنونا بالفعل إذا ما توقعت ذلك، في الحالة التي تعكس فيها مشاعري وضوحها الخاص. علاوة على ذلك، لست بمجنون أنا ـ ومن المؤكد أنني لا أحلم. لكن غدا أموت، واليوم يجب أن أخفف روحي من أثقالها. هو في اللحظة الآنية أنني أضع أمام العالم، ببساطة ، بإيجاز، وبدون تعليق، سلسلة من أحداث بيتية كابوسية. قد روعتني هذه الأحداث ـ في نتائجها ـ عذّبتني، دمّرتني، لكنني أيضا لا أعتزم تطويقها. بالنسبة إليّ، فقد مثُلت قليلا ، لكن في حالة رعب أو هلع ـ وستبدو لكثيرين أقل إزعاجا من الأسلوب الباروكي ( ساد في القرن السابع عشر، يمتاز بالتعقيد والصور الغريبة الغامضة.. المترجمة ). فيما بعد، ربما توجد بعض الألمعية التي ستحوّل فانتازيا خياليتي إلى الوضع العام ـ بعض ألمعية أكثر هدوءً، أكثر منطقية ، وأقل تهيجا إلى حد كبيرـ من فكري؛ والتي ستُدرك ، في الظروف التي أدوّن فيها تفصيليا وبرعب، لا شيء أكثر من سلسلة متوالية عادية من مُسببات طبيعية ونتائج طبيعية جدا.
عُرف عني، منذ طفولتي، سهولة انقيادي وإنسانية مزاجي. كانت رقّة قلبي حتى أكثر من واضحة لتجعل مني مهرّجا لرفاقي. كنت شغوفا بالحيوانات بشكل خاص، ومزوّدا من والديّ بتشكيلة واسعة من الحيوانات الأليفة المدللّة. ومعها أمضيت معظم وقتي، ولم أكن بمثل سروري كما حين أُطعمها وألاطفها. هذه الخاصية لطبعي نمت معي في حداثتي، وأيضا، في رجولتي، استقيت منها أحد منابع مسرّتي الرئيسة. لهؤلاء الذين احتفظوا أو اعتزوا بعاطفة لكلب مخلص، ذكي، فمن المؤكد أنني بحاجة إلى مشّقة شرح لطبيعة أو كثافة حصة الإبهاج الناجم عن ذلك. هناك شيء في الحب غير الأناني والمضّحي من أجل بهيم، والذي يصيب قلبه مباشرة، والذي مصادفة أو في مناسبة ما لديه، يختبر تلك الصداقة الخسيسة والإخلاص الواهي لمجرد هذا الإنسان ليس إلا.
