في حضرةِ مولانا

(ثقافات)

 

في حضرةِ مولانا

م. الحلبي

في الطريقِ إلى قُونيَة

سترعاكَ زرقةُ السماء

وتقيكَ منَ القنوطِ رأفةُ الأصدقاء

يكونُ لكَ مطلقُ الهدوءَ كيْ تدورَ حولَ نفسِك

وتُحصي

نُدبًا فِي الروحِ خلّفها الآخرون ومضَوا

لتغفرَ لهم واحدًا واحدًا

ويكونُ لكَ كاملُ الوقتِ كي تعترفَ بنُدَبٍ

خلّفتها أنتَ لدَى الآخرينَ ومضيتْ

لتنظرَ في عيونِهم واحدًا واحدًا

وتطلبَ الصفحَ

**

في قُونية

كنْ متواضعًا

إذا مشيتَ

وإذا تحدّثتَ إلى بائعِ السُبَّحات

وإذا ضحكتَ

وإذا طلبتَ كوبَ الشايِ

وإذا صلّيتَ

وإذا فكّرتَ

بكَ أو بغيرِكَ

كُن متواضعًا لتُدركَ، إذا ما تأمّلتَ مليًّا،

أنك قد تكون لا شيء

يُذكر

أو لا يُذكر

مجرّدُ ‘هيج’

ستفرغُ من ذاتك في حضرة مولانا

وتمتلئ بالفكرةِ المُشرقَة

بالمعنى المؤجّلِ

بالمزاميرِ

فكُن طيّعا ما استطعتَ

كخيطِ الحريرِ،

كضوء الزجاجِ الملوّن،

وغِب مع الدراويش

ولا تعُد كما ذهبتَ

ضع بين أيديهم لطيفَك

ولغَة أمّك وأبيك

وذاكرةً في حدقتيْك

وقُلْ: هذه أناي لم يعُدْ لِي حاجةٌ بِها

أودعها راضيًا مسلّمًا

تدورُ كما يدورون كي تصفو

أو كي تغيبَ كما يغيبون

وعُد غيرَك

غريبًا عنكَ

قريبًا منكَ

**

في الطريقِ من قونية

إلى أرضِ الجِياد الجميلةِ*

ابتسمْ من كلِّ قلبِكَ

وقلْ لنفسك راضيًا:

لا أحد

لا أحد يرى ما رآه مولانا

ويظلُّ ممتلئًا بذاتِهِ

لا أحد

لا أحد

يرى ما رآه مولانا ولا يُولدُ من جديد

وفي قلبه ضوء شمعة

_

*هي كبدوكيا في برّ الأناضول كما سمّاها الفُرس قديمًا.

(قونية – ٥ تشرين الأول ٢٠٢٢)

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *