(ثقافات)
عن دار شُرُفات للنشر والدراسات في مدينة ماردين التركية تصدر قريبا ملحمة كِبرا نَـغَست» (فَخْرُ الملوك) الإثيوبية والتي ترجمها إلى العربية الأديب والمترجم السوري د. موسى الحالول.
هنا كلمة الغلاف التي تعرف بهذا العمل المهم:
إن أول ما سيفاجئ قارئ «كِبرا نَغَست» العربي هو أن يكتشف أن الإثيوبيين يعتقدون أن ملكة سبأ بلقيس، التي يسمونها ماكِدا، أميرة إثيوبية. وهذا الكتاب يروي قصة لقائها بالنبي سليمان عليه السلام، وكيف أنجبتَ منه غلامها الوحيد، وكيف سرق هذا الابن تابوت الشريعة (أو العهد)، الذي صنعه موسى عليه السلام بيده، من أورشليم ليأخذه إلى إثيوبيا. تحتل ملحمة «كِبرا نَغَست» مكانةً رفيعةً في الثقافة الإثيوبية، وحتى اليوم يعتقد كل مثقف في تلك البلاد أن هذا الكتاب يحتوي على التاريخ الحقيقي لنشأة سلالة الملوك السليمانية في إثيوبيا، ويُعَدُّ بمثابة القول الفصل في تاريخ تَحَوُّل الإثيوبيين من عبادة الشمس والقمر والنجوم إلى عبادة الله، ربِّ إسرائيل.
لا أحد يملك أي معلومات دقيقة عن جامع العمل – فهو بلا شك عملُ تجميع – ولا عن الزمن الذي كتبه فيه، ولا عن الظروف التي جُمِع فيها. يعتقد بعض الباحثين الأوروبيين أن تاريخ الكتاب يعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وأنه أُلِّف بُعَيْد عودة ما يسمى سُلالة الملوك السليمانية إلى الحكم بعد أن خلعهم منه ملوك الزاغْوي مدة تزيد على ثلاثة قرون ونصف. يُعْتَقد أن الكتاب كُتِبَ أولًا بالقبطية، ثم تُرْجِم إلى العربية، لكن لم يجرؤ أحدٌ على ترجمته إلى الجَعْزية أو الأمهرية خلال فترة حكم مُلوك الزاغْوي، لأن هذا العمل سَيُعد مطالبةً بعودة الشرعية إلى السلالة السليمانية.
وكشأن أي ملحمة قومية، فإن غرض مؤلف «كِبرا نَغَست» أو جامعها هو تمجيد إثيوبيا من خلال سرد تاريخ مجيء تابوت الشريعة من أورشليم إلى إثيوبيا، ولإثبات أن ملك إثيوبيا ينحدر من نسل سليمان بن داوود، ومن ورائه إبراهيم والآباء الأوائل. وبما أن المسيح عليه السلام ينحدر أيضًا من نسل سليمان والآباء الأوائل، وهو ابن الله [بحسب المعتقد المسيحي]، وبما أن ملك إثيوبيا من عشيرة المسيح فهو أيضًا ابن الله، ولهذا فهو إله قومه ومَلِكُهم. كان الغرض من «كِبرا نَغَست» هو جعل الإثيوبيين يعتقدون أن الله اجتبى بلدهم خاصةً ليكون الموطن الجديد لتابوت العهد الذي لم يعد اليهود، شعبُ الله المختار فيما مضى، يستحقونه.